اليوم وبعد عودتي مُتعبًا من العبوديّة؛
كان الطريق انسيابيّ الهدوء…
خرج من الأفق شعاعًا دافئًا،
حيث الغيوم حضنت الشّمس !
تلك الغمزة الباردة من عين الضوء؛
أدخلتني في غيبوبة الطُمأنينة…
فـسرحتُ في مرآةٍ من فينيق !
الرّياح انبلجت من شقّ السّماء كـنار…
حتّى صفعتني على جبهتي !
فـفقدتُ وعيي…
استيقظتُ في تمام ساعة صفر الخسوف؛
أحدهم دعك فانوس القمر؟
لـرُبّما كانت الطّبيعة تتنفّس كـمجرّة…
كُنتُ في حضن امرأةٍ من بحر !
أبعاد ظلالها ثلاثيّة التّلوين…
وأنا الّذي تنبّأت لي عرّافة الفلق؛
بـأنّ ظلالي بيضاء التّمرُّد…
فـاخْتَبَأتْ أوجه الشّمس الباردة؛
خلف أسوار الشّفق القزحيّ بـهدوء !
حتّى انتهت سيناريوهات رقص الألوان…
لذا ﺍﻧْﻜَﺸَﻔَﺖْ فتنكِ الحارّة؛
فـرأيتُكِ من وراء كواليس الحُبّ !
كُنتِ ترقصين عاريةً من بينوكيو أنفك…
صوت قهقهتكِ ﺃﻳْﻘَﻈَﺖْ منبّه ساعة اليقظة؛
أيادي خلخالكِ طرقت باب الحياة…
الرّنّة نبضة، والنّبضاتُ نوتات؛
سوناتا فرحكِ أيقظتني كـمُنفصمٍ من الموت !
كنتُ على وفاقٍ تام؛
بـأن تجعلي منّي رصّاصات عاطفيّة…
وتأخذيني على محملِ تأريخ ولادتكِ !
فـكُلّكِ بي كـورمٍ حميدٍ حتّى النّخاع…
ومن طراز متلازمةٍ رفيعة الخُبث !
عقلي مليءٌ بـالقلوب؛
وفي كلّ فصٍّ نصفكِ !
ونصفكِ الآخر في عقل قلبي؛
المليء بـالعقول المُتّفقة عليك…
لذا فـالفرار كـالإياب.
في إحدى أزمان الأحلام الضّبابيّة؛
وفي روضٍ من يخضور لم تعشقني الأشجار !
رغم أنّي أحببتُ طريقة حضنها للعصافير…
كنتُ أزقزقُ على لحنٍ حفيفيٍّ من ورد؛
ثمّ أغنّي “آه يا سهر اللّيالي” !
ذات مرّة ظنّت بـأنّني بلبلٌ بريّ؛
شعرتُ بـدفءِ ضمّها؛
كانت كـامرأةٍ حرّة !
وأنا السّجين البريء؛
في شقّ جدار ذكرى امرأة من برزخ…
لـطالما رسمتُ اللّقاء على حائطِ الجّذع !
بـأصابعٍ باكية السّهم…
في حالات اليقظة كنتُ دائمًا أحلمُ؛
بـأنّني وُلدتُ في مدينةٍ مسكونةٍ بـالتّماثيل !
قارئة فنجان الحيّ تنبّأت لي شمسًا من بُن…
تتساقط النّساء العابرات من سُلّم الغيم؛
فـتقعين على كتفي كـمطر؛
حينها كنتُ بـهيئةِ شجرة الصّنوبر !
رأسي باحة للطّيور المهاجرة…
أمّا الرّكن الآمن من أيسر صدري !
كان بيتكِ؛
وكنتِ أنتِ بـهيئةِ قلبٍ من سنجاب…
فـفي خضمّ هذه المتاهات العشقيّة؛
لا ريب في حُبّكِ اللّدود…
لذا حوّلتني الطبيعة لـكيوبيد.
«كيوبيد»
أحمد نجم الدين / العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ