الفنانة التشكيلية أمانى هاشم تكتب: حنين إلى أبى

ربما رحلت عنا سريعا دون أن تترك لنا سوى القليل من الذكريات التي تجمعنا.. لكنك تركت لنا إرثا هائلا من السيرة الطيبة..
لقد عشت عمراً أسأل عنك..
في كل بيت من بيوت العائلة..
كيف كنت..
كيف عشت..
كيف مت..!
لقد تركت لنا ذكرى طيبة في كل مكان تدخله يا أبي..
حدثني جدي عن هدوئك وحيائك..
حدثتني عمتي عن تفانيك في برك بوالديك..
حدثوني في عملك عن تلك الترقية التي تأخرت عليك بسبب عدم قبولك دفع الرشوة..
حدثتني أمي عن ذلك العُرس الذي حضرته معها وعندما دخلت الراقصة خرجت فوراً من القاعة..
وكيف انبهرت صديقاتها بتصرفك ..
حدثوني حتى عن تلك القطة المحبوسة التي أخرجتها واشتريت لها الحليب..
حدثوني عن سبع سنوات الجيش والحرب والنصر و«الطبخة السودا» التي كرهتها يا أبي ..
حدثوني عنك كثيراً كثيراً يا أبي..
لقد عشنا نلملم بقايا ما تبقى منك يا أبي..
كل الصور..
الفيلا في الفانلة والفانلة في الفيلا..
استعدنا كل ضحكاتك ونكاتك..
كتبك.. أقلامك.. مقلمتك.. أجنداتك..
ذلك الجاكيت الصوف الرجالي الذي كنت دائما ما أرتديه ولا يعلم أصدقائي أنه كان يخصك يا أبي..
تعلقت بكل ما تركته من أشياء…
ثم تذكرت أنك تركتني يا أبي..
كنا نبحث عنك في وجوه كل الأباء..
ونحب كل من كان يشبهك من قريب أو بعيد..
محمود ياسين .. مسلسل غدا تتفتح الزهور..
“ماتخليك على طول ويانا..
عاوزين بابا يبقى معانا.. “
وددت لو أهمس في أذن كل من كان له أب.. بأن يحافظ عليه..
كنت أتذمر كثيرا عندما يقول لي أحدهم: “ربنا هايعوضك” .. وهل الأب يعوض؟!.. فالأب لا يعوض.. الأب لا يعوض..!
حتى وإن رحلت عنا سريعا فقد تركت لنا إرثا كبيرا من الذكريات المفعمة بالدين والأخلاقيات والحزم والرفق ..
لازالت أتذكر تلك الصديقة التي كنت أحدثها عنك فقالت:
“إن الأب الذي يترك أبناءه يعيشون بسيرته الطيبة أفضل من ذلك الذي على قيد الحياة ويتخلى عنهم وعن أبوته..”
فقد رضينا عن فقدك تمام الرضا..
سائلين الرحمن أن يجمعنا صُحبة دون فراق بالفردوس الأعلى يا أبي..
أماني هاشم
الفنانة التشكيلية أماني هاشم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.