إليك حنيني . شعر : سامي مسعود

” إليك حنيني”

أَثَارَتْ بِعَيْنَيْهَا ارْتِجَافَ وَتِينِي
وَأَحْيَتْ جِرَاحِي بَلْ وَكُلَّ دَفِينِ

“إِلَىٰ اللهِ أَشْكُو مَاٰ أُلَاٰقِي مِنَ الهَوَىٰ”
عَلَىٰ يَدِ رِئْمٍ نَاهِضٍ وَفَطِينِ

هِيَ الشَّمْسُ حُسْنًا وَاحْتِرَاقًا وَفِتْنَةً
رَهِينٌ بِهَا، وَالكُلُّ مَحْضُ رَهِينِ

لَقَدْ آثَرَتْ هَجْرِي، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَنَاٰ
مِنَ الحُبِّ إِلَّاٰ الهَجْرُ، فَهْوَ قَرِينِي

فَتَقْسُو وَقَدْ تُخْفِي اضْطِرَابًا بِقَلْبِهَا
فَأَحْسَبُ مَاٰ قَدْ كَانَ لَغْوَ يَمِينِ

تَوَالَتْ عَلَيَّ النَّائِبَاتُ بِدَلِّهَاٰ
أَلَاٰ إِنَّهَاٰ تَقْتَاتُ كُلَّ كَمِينِي

إِذَاٰ مَاٰ تَلَاقِينَا تُمِرُّ بِصَدِّهَاٰ
أَحَاسِيسَ قَلْبٍ مُرْهَفٍ وَرَزِينِ

مُصَادَفَةً كَانَ التَّلَاقِي، فَلَمْ تَقَفْ
وَلَمْ تَكْتَرِثْ، وَلَّتْ بِكُلِّ رُعُونِ

مَضَتْ وَكَأَنَّ الخَطْوَ خَيْلٌ تَحُثُّهُ
فَلَمْ تُصْغِ مِنْ كِبْرٍ لِقَوْلِ عُيُونِي

مَضَتْ وَلَهَاٰ عَيْنَانِ تَنْشُرُ رِقَّةً
بِهَمْسٍ عَجِيبٍ مُفْعَمٍ وَرَصِينِ

تُخَالِفُ وَجْهًا عَابِسًا مُتَجَهِّمًا
تُرَاوِدُنِي عَنِّي بِخَفْقَةِ لِينِ

هُنَا ازْدَادَ وَخْزُ الوَجْدِ مِلْءَ تَجَلُّدِي
لِأَنَّكِ مِلْءُ القَلْبِ، مِلْءُ جُنُونِي

هُنَا في انْبِعَاثِ الكَلْمِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ
تَكَاثَرَتِ الآلَاٰمُ فَوْقَ غُصُونِي

تُنَازِعُنِي صَفْوِي بِصَحْوِي وَهَجْعَتِي
تُغَلِّقُ شُطْآنِي تَبُثُّ ظُنُونِي

تَهُزُّ خُطَايَ الحَائِرَاتِ بِصَمْتِهَاٰ
تُرِيقُ دَمِي رَيْثًا تُثِيرُ أَنِينِي

كَأَنِّي جَنِيُّ الوَرْدِ في عَيْنِ عَاشِقٍ
فَيَقْطِفُهُ بِالحُبِّ قَطْفَ مَنُونِ

كَأَنِّي اقْتَرَفْتُ الحُبَّ مِنْ نَزَقٍ، وَمِنْ
تَلَفُّتِ عَقْلٍ شَاخَ فَوْقَ جَبِينِ

كَأَنَّكَ يَاٰ قَلْبِي خَلِيقٌ بِلَوْعَةٍ
وَهَمٍّ وَدَمْعٍ كَالعُبَابِ هَتُونِ

بِمَنْ قَدْ يَلُوذُ الصَّبُّ إِنْ كَانَ قَتْلُهُ
مَشَاعًا لِحِبٍّ مُعْضِلٍ وَخَشِينِ

يَجُورُ إِذَاٰ مَاٰ قُلْتُ شِعْرًا لِغَيْرِهِ
وَيَدْرِي بَأَنَّ الغَيْرَ غَيْرُ ثَمِينِ

فَيَسْبِي فُؤَادِي غَنْجُهُ وَدَلَاٰلُهُ
وَيُهْلِكُنَاٰ بِالهَجْرِ طَعْنَ طَعِينِ

هَلَاكًا ثَوَىٰ بَيْنَ الضُّلُوعِ لِغِيرَةٍ
تَرَامَتْ شَعَاعًا في شَتَاتِ شُؤُونِي

لَهَاٰ سَائِقٌ مِنْ “عِنْدِهَاٰ” غَيْرُ مُشْفِقٍ
تَحَاشَيْتُهُ في شَمْأَلِي وَيَمِينِي

تَوَجَّسْتُ قَبْلَ البَيْنِ مِلْءَ انْتِبَاهَةٍ
تَوَجُّسَ خَوْفٍ هَزَّ كُلَّ سُكُونِي

فَلَمْ يَكُ حِرْصِي وَاحْتِرَازِي مِنَ النَّوَىٰ
بِشَيْءٍ، سِوَىٰ جَنْيِ الخَيَالِ هَجِينِ

وَمَاٰ جَنْيُهُ إِلاَّ انْفِلَاٰتُ بَلابِلٍ
عَلَتْ خِفْيَةً قَبْلَ الهُجُومِ حُصُونِي

لِيَحْمِلَنِي كَفُّ الهُيَامِ فَرِيسَةً
وَيُشْعِلَ في قَلْبِي لَهِيبَ شُجُونِي

فَإِنْ قُلْتُ لَاٰ أَرْضَىٰ يُعَذِّبُنِي، وَقَدْ
يُغَالِي إِذَا مَاٰ قُلْتُ زَادَ حَنِينِي

وَإِنَّ حَنِينِي غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، فَلَاٰ
يُثَبِّطُنِي في الحُبِّ أَيُّ فُتُونِ

فَإِنْ كَانَتِ الأَوْجَاعُ يَعْلُو زَئِيرُهَا
وَأَصْبِرُ صَبْرًا كَيْ تَرِقَّ لِطِينِي

فَإِنَّ الذِي أَهْوَىٰ يَطُولُ عَذَابُهُ
وَمَا رَقَّ يَوْمًا، فَهْوَ غَيْرُ حَنُونِ

فَكَمْ قَالَ يَاٰ حُبِّي، وَلَـٰكِنْ فِعَالُهُ
صُدُودٌ وَهَجْرٌ يَسْتَبِيحُ يَقِينِي

وَإِنِّي وَإِنْ صَدَّتْ لَأُبْقِي عَلَىٰ الهَوَىٰ
فَلَسْتُ عَلَىٰ وَصْلِ الهَوَىٰ بِضَنِينِ

أُشَيِّعُ فِيمَنْ أَرْخَصُوا دَمَهُمْ دَمِي
بِصَبْرٍ وَعَزْمٍ لَاٰ يُفَلُّ، مَتِينِ

لِأَنِّـي أُحِبُّ الحُبَّ فِيهَا، أُحِبُّهَاٰ
أُحِبُّ حَيَاتِي، فَالجَمَالُ قَطِينِي

سامي مسعود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.