(طلاسم المستحيل)
في حينِ
بات الكل يغفو
في السباتِ الهادئ
العدمي الطويل…
و الفجرُ أوحى
للعصافير الرقيقة
كي تقومُ
و كي تحومُ
على خريرِ السلسبيل …
أوحى لها
كي تعزف الأصوات
في لحنٍ جميل…
أما السماءُ تلبست
ثوبَ السعادة
صاحب الألفين
نجما مزهرا
في كبرياءٍ لا مثيل …
كان القمر
مستمتعاً في ما يراه
محدقاً يعلو الفضاء
بلا منافس أو بديل…
خرجتْ كعادتها الأشعةُ
باغتت ميدانَ حفلتهم
و تعبثُ بالندى المسكوب
في أعلى الغصونِ
و أحرقت
ذاك النسيم الناعم
الرطب العليل…
و أنا أفـكــر هائماً متسائلاً !!!
ما المستحيل؟
و لماذا كل جميل
لم يكتب له العمر الطويل…
و الكون
يجبرُ كائنات
كي تسيرُ إلى الفناءِ
إلى الرحيل
إلى الرحيل…
و بلا نـدم
جف القلم
يا من أتيتم من عدم
عودوا إلى ذاك العدم
لا إنتقاد
و لا اعتراض
و لا المشيئة للأمم …
لا شيء يمتلك الإرادة
و التحكم و الريادة
و لا يُـرَى عرشُ المدير
و لا يحِق لنا التحكم في المصير …
أمـرٌ مثير!!!
حتى الرجوع إلى الصبا
في المستحيل…
و الشوك يتعمد
و ينبتُ في السبيل …
و المُـزن تبخل بالمطر
ما همها موت الشجر
و البحر أعطاها البخار أمانة
من أجلِ تغدق في المسيل …
مات النخيل
مات النخيلُ
و مات كل الورد
يحمل عطره في بطنهِ
لم يبقى منهُ سوى القليل …
و الشمسُ تتبجح
و تُجهِض كل سنبلة
و تخرجها مشوهة …
و تبدو الشمس شاحبة
و يعلو وجهها الغاضب
تقاسيم الحرارة
لا تحس
و لا إلى الرحمة تميل …
و الظبيُ
تطرده السباع الضاريات
الجائعات الهاربات من الممات …
تعدوا إليه
لتنتزع منه الحياة
لكي تعيش …
و تقولُ :- أعذرنا
فإنا لا نجيد الأكل في الأعشابِ
و الأخشاب لو كنا نجيده لن نطيش …
و الظبيُ
أيضا قال من حقي أعيش
دوماً و لن أبقى الضحية و القتيل …
الأمر أشبه بالطلاسم
في متاهات الضياع و لا دليل …
و بداخلِ الأشجار ذئبٌ
جاءَ يتربص بذاك الثعلبَ المغرور
كي يهدي جرائه وجبة الذيل الطويل …
و الثعلبُ المكـار
يتخفى إلى الأوكارِ
كي يعدو على فرخاً من الأطيار …
كالـغـدار …
يتهادى لِـعُـشِ عقابة
ذهبت بجولاتٍ إلى الفئرانِ
تطردها لتأكلها
و تطعمُ فرخها العفوي المدلل و الجميل …
و الفأرُ مشغولاً
يطاردُ في جرادات
و يكمنُ داخل الأوراق
كي تأتي ليأكلها
و يشبع بطنه الخاوي الهزيل…
الكلُ يأكلُ غيره
قانونُ لا يبقى أحد …
لا يعرفون لما أتوا و لما الوجود …
و الكل يحلم بالخلود…
و مدينة الموتى هنالك في ازدياد
و هم رقود …
بالعالم العدمي الطويل…
و كأنني قد مت قبل الآن…
أو أنني قد عشت يوما في مكان ما
قد تهلك الأشياء و الأجساد حتى الصوت …
يبقى الحس و الإدراك و التفكير كيف يموت؟؟
مازلتُ أذكرُ أنني قد عشت في ذاك المكان
لا أدري أين هو المكان و لا الزمان!!!
حيث النجوم هناك في متناول الأيدي
و الغيم يدخلُ في البيوت …
و الشموسُ بلا شعاع …
و اﻟﺴﻴﺮ نمشي في الفضاء …
لا يحسبُ التاريخ ساعات الحياة …
لا صوت يعلو غير أصوات السكوووون …
و الحس يعلم أنهُ موجود
كالشيءِ … كاللاشيءِ … كالمفقودِ …
لا شيء يتحكم بشيء …
لا نحفظ الأسماء
في ذاك المكان…
في مدينة الغرباء لا أحد يبيع و لا يباع …
و السر يبقى في حروفٍ غامضاتٍ
ما عاد تولدها النساء …
نحن أتينا من فراغٍ
و غدا سنرجع للفراغ
و الحسُ و الإدراكُ يبقى يعرف الأشياء …
لا الموتُ يدركهُ
و لا يستطيعُ هو الحياة …
و لا ضياع
و لا دليل
و كل شيء
(مستحيل . مستحيل . مستحيل)