اعـــداد/عبدالغني اليوسفي مصصح صفواني
مقدمه :-
جذور الصراع في اليمن ومراحل تطوره وانواعه، منها
الصراعات الدينية قبل الميلاد وقبل الاسلام وأثناء البعثة وفي عهد الخلافة الاسلامية والدول المتعاقبة ..
وأثرها على تمزيق الوحدة اليمنية قبل الاسلام و احتلال اليمن وتمزيق النسيج الاجتماعي. ولأهمية وحدة اليمنين سجَّل التاريخ بأن بلاد اليمن السعيد توحــد في فترات كثيرة منها (22)دولة .
وسجل التاريخ عمر تلك الدول ب(3250 ) سنة. أما فترات الانقسام فكانت في أغلبها صـــراعاً من أجل إعادة الوحـــدة اليمنية.
يأتي الصراع الديني والاقتصادي والسياسي في مقدمة الصراعات قبل الاسلام وأثره السلبي في تمزيق المجتمع اليمني والحاق الأذى في أبناء اليمن ، قبل الاسلام وعقب الاسلام واثناء الخلافة الاسلامية والقرون الحديثة والمعاصرة .
سوف نشير هنا الى موضوع كبير وهو ( الاثر السلبي لحلفاء الداخل في هزيمة اليمنيين واحتلال اليمن عبر العصور )…الخ بدون حديث.!
مامن مصبيه ولا غزو غُزيت به اليمن إلا كان في مقدمته الصراعات الدينية والطمع في السلطة والتجارة والمال ..
هنا نقرء بعض المفردات والتي لازالت راسخة ومعلومة عند كثير من أبناء اليمن وفي كتابات الكتاب والباحثين والتي لها معاني ودلالات دينية واقتصادية وسياسية واجتماعية، نشير إليها في بعض العناوين بدون شرح، لكن من باب التذكير وإثبات الحقائق والمعاناة التي عانت منها اليمن :-
– استعانة نصارى اليمن بالأحباش لطرد يهود اليمن
– استعانة يهود اليمن بفارس لطرد المسيحين و الاحباش من اليمن .
-مسارعة الحميريين من اليمنين للاسلام، وذلك لغرض طرد الفرس ومن اليهم من اليمن.
-مقاومة ابناء اليمن للاحتلال التركي الأول والثاني، وتسليم الأتراك اليمن لبيت حميد الدين في صلح دعان، أدت الى تقسيم اليمن . استمرار المقاومة والثورات
حتي ثورة 1962م والاستعانة بمصر، وتم التدخل المصري، وظلت الثورات بدعم السعوديه وبريطانيا للملكيين والاسلاميين ضد الشمال والجنوب .
-الصراع الدولي والاقليمي واليمني على مسرح اليمن منها الصراع الوهابي والشيوعي ، الصراع الاشتراكي الاخواني الوهابي .
– الحروب الداخلية قبل الوحدة…اعلان الوحدة
-صراع مابعد الوحدة وتوحيد اليمن
-الصراع السعودي الإيراني وأثره على اليمن …
الصراع القطري السعودي واثره على اليمن …
الصراع السياسي والحزبي واثره على وحدة اليمن .
– صراع اليسار و الوسط المبطن بالمذاهبية والمناطقية.
– صراع المصالح بين المؤتمر وحلفائه، والمشترك وشركائه
.
– صراع الاخوان الاصلاح والشيعة انصار الله وأثره على اليمن ..
– الاستعانه بإيران وروسيا لطرد إخوان اليمن
.
– الاستعانه بالخليج والسعودية لطرد هواشم اليمن .
نظـــريــة إن تجريب المجرب باطل وإعادة المستخدم فاشل ،وأعداء اليمن في زوال.”
(نعم ياعفاش لقد قلتها إن الحكم في اليمن رقص على رؤوس الافاعي )….الخ
مبحــث (١-١) اولاً إجمالي عدد الدول التي سعة لاعادة اللحمة اليمنية عبر التاريخ.
اثبتت الدراسة عن عدد الدول الوحدويه في اليمنين عبر التاريخ ب( 22) دولة واخرها في يوم 22 مايو 1990م “تفاصيل”
للمفارقة العجيبة توحدت اليمن عبر التاريخ 22 مره واخر مره توحدت في يوم 22 مايو 1990م
واليكم بحث ودراسة للكاتب والمؤرخ اليمني المعروف محمد حسين الفرح فإن عدد دول الوحدة اليمنية في تاريخ اليمن قد بلغ 22 دولة وبلغ مجموع عمر دول الوحدة اليمنية( 3250 )سنة أما فترات الانقسام فكانت في أغلبها صـــراعاً من أجل إعادة الوحـــدة أو عجزاً عن إقامتها وأول معالم تاريخ دول الوحدة اليمنية عبر التاريخ
*دولة الوحدة الأولى : التي قامت في مطلع القرن الأربعين قبل الميلاد.
*توحدت بزعامة “ يعرب يمان” أو يعرب القحطاني سليل قحطان بن النبي هود العادي عليه السلام واستمرت هذه الوحدة طيلة عهد يعرب بن قحطان .
*الدولة الثانية : كانت في مطلع القرن الخامس والثلاثين قبل الميلاد بزعامة سبأ بن يشجب اليعربي القحطاني وهو سبأ الأكبر الأقدم واتخذ مدينة مأرب عاصمة لدولة الوحدة . وتميز الحكم بالشورى.
* دولة الوحدة الثالثة : بزعامة سبأ الأوسط شمس وائل في مطلع القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد .
*دولة الوحدة الرابعة : والتي بدأت بعهد الملك المبلاط بن أبل بن حمير الصوار بن سبأ الأوسط عام 1820 ق. م.
*دولة الوحدة الخامسة : بزعامة تبع الأكبر الأقدم الحارث الرايش أول التبابعة.
*دولة الوحدة السادسة : بقيادة باران ذو رياش عام ( 1230) ق.م وهذه الوحدة اقترنت بالديمقراطية واستمرت هذه الوحدة 700سنة.
*دولة الوحدة السابعة :بقيادة الملك الوحدوي شمر يرعش وهي امتداد لدولة الوحدة السادسة ولعصر تبابعة سبأ. وفي هذه الوحدة تم تطبيق نوع من الحكم اللامركزي الواسع وشمر يرعش هو مللك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات وحكم هذا الملك حتى عام 821 قبل الميلاد.
*وفي عهده أقترنت الوحدة بالديمقراطية بنظام اللامركزية.
*دولة الوحدة الثامنة : بقيادة “ أبي كرب أسعد بن ملكيكرب الراشي عام 700ق.م وهو ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمانت واعراب الطود وتهامت ثم حل بعد هذه الدولة عصر الانقسام الخماسي لدويلات اليمن.
*دولة الوحدة التاسعة : بزعامة “ كرب ايل وتار الخولاني” وهي مملكة سبأ الخولانية وعاصمتها “صرواح “ إلا أن حكمها كان مركزياً مفرطاً فانتهت سريعاً.
*دولة الوحدة العاشرة : بزعامة “ ملشان أريم دويزن “ الحميري 290ميلادية وساد في هذه الدولة الافراط في الحكم اللامركزي .
*دولة الوحدة الحادي عشر :بزعامة حسان الثاني بن غمران الحميري وباتت صنعاء عاصمة لتلك الدول.
*دولة الوحدة الثانية عشر : بزعامة يوسف أسار ذو نواس الذي تميز عهده بالقوة والتعصب فانتهى عهدة بالغزو الحبشي الروماني الأول عام 525.
*دولة الوحدة الثالثة عشرة : في عهد سيف بن دي يزن الذي قضى على الأحباش وأعاد وحدة اليمن عام (571) ميلادية وهو آخر ملوك الدولة الحميرية.
*الدولة الرابعة عشرة :بعد عهد سيف بأربعين سنة استعادت اليمن وحدتها السياسية في إطار الدولة العربية الإسلامية منذ وصول الصحابي الجليل معاذ عام 630م وباتت اليمن ولاية واحدة في عصر الخلفاء الراشدين وعاصمتها صنعاء.
*الدولة الخامسة عشرة :في العصر الأموي وكان أبرز ولاة اليمن في ذلك العصر النعماني بشير الأنصاري وبشير بن سعد الشهابي الصنعاني الحميري وبحير بن ريسان الحميري –وعروة السعدي وقاسم بن عمر الثقفي.
*الدولة السادسة عشرة :وهي دولة طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي بويع عام 128هـ – 745م وقتل عام131هـ.
*الدولة السابعة عشرة:وفيها صارت اليمن ولاية موحدة في العصر العباسي من عام 132هـ – أواسط القرن الثامن الميلادي إلى أواسط القرن التاسع الميلادي أيام المعتصم.
*وكان من أبرز ولاة اليمن في ذلك العصر محمد بن عبدالله الحارثي المذحجي وعلى بن الربيع الحارثي – ويزيد بن منصور الحميري وبعد ذلك انقسمت اليمن إلى دويلات وكيانات مناطقية عديدة متنافره.
*الدولة الثامنة عشرة:بقيادة الثائر علي بن الفضل الحميري عام 288هـ الذي وحد معظم اليمن واستمرت حتى وفاته عام 303هـ – 915م ولكن الصراعات المذهبية وطموح الزعامات أعاد اليمن إلى دويلات وكيانات.
*الدولة التاسعة عشرة :كانت بزعامة علي بن محمد الصليحي 439هـ – 459هـ ثم حكم الملكة أروى وزوجها المكرم حتى وفاتها.
*الدولة العشرين :بعد نهاية الحكم العثماني الأول لليمن عام 5401هـ شمل حكم المتوكل إسماعيل بن القاسم كل اليمن حتى وفاته.
*الدولة الحادية والعشرون : ويمكن القول أن وحدة اليمن تجلت أيضاً في عهد الوالي العثماني محمود نديم عام 1915م حين قام العثمانيون واليمانيون بتحرير محميات الجنوب ودمروا الإنجليز إلى ميناء عدن فلما أنسحب العثمانيون من اليمن رفض الإمام يحيى استلام لحج والمحميات من العثمانيين عام1919م.
*الثانية والعشرون :
*الجمهورية اليمنية*
*ثم استعادت اليمن وحدتها في ظل الثورة والجمهورية اليمنية بقيادة الرئيس السابق المشير علي عبدالله صالح في22 مايو 1990م”
الاحزاب واثرها على الوحدة اليمنية
مبحث (١-٢) ثانيا صراع ماقبل الاسلام.
الصراع الديني بين المسيحين واليهود اليمنين وأثرة على إحتلا اليمن في فترات مختلفة
والتدخل الديني والاقليمي والدولي والطمع الاقتصادي
مأشبه اليلة بالبارحة والتاريخ يعيد نفسة وعلى ارض الحضارات والتاريخ في بلاد اليمن جنوب الجزيرة العربية
معركة الساحل الغربي لليمن عام 525 م ،وهزيمة اليمن أمام الغزو الحبشي البيزنطي،وأسباب عدم مقاومة القبائل اليمنية للغزاة وإحتلال اليمن(525_576م) .
المحرر المحرر 21 سبتمبر، 2018 م هذا ماذهب اليه أ.د. أحمد صالح العبادي في مقال سايق له “معركة الساحل الغربي لليمن عام 525 م ،وإحتلال الاحباش لليمن .
شهد القرن السادس الميلادي تنافساً محموماً بين الإمبراطوريتين العظميمتين ( بيزنطة في الغرب وفارس في الشرق) وهو إمتداد للصراع الحضاري التقليدي بين الشرق والغرب وذلك من أجل التوسع ،وبسط السيطرة والنفوذ والتحكم بإقتصاديات العالم القديم،.وخاصة طرق التجارة بين الشرق والغرب ، إذ كان يوجد في العالم القديم طريقان أحدهما بري وهو طريق الحرير الذي كان يأتي من الصين ويمر عبر أراضي فارس والأراضي الواقعة تحت نفوذها ، والطريق الآخر بحري كان يأتي من الشرق وسواحل الهند عبر المحيط الهندي إلى السواحل والموانئ اليمنية في جزيرة سقطرة وميناء قناء (بير علي) وميناء عدن وميناء أوكيليس ( عقيليا ) عند مدخل باب المندب وميناء المخاء ، فكان ذلك عندمايصل إلى السواحل اليمنية كان يتجه إما نحوالشمال الشرقي إلى الخليج العربي وإلى العراق وبلاد الشام،.أو يتجه نحو الشمال الغربي عبر البحر الأحمر إلى مصر وشمال الحجاز ثم إلى سواحل البحر المتوسط ،.وكان التحكم بطرق التجارة يستعمل كأحد أهم الأسلحة أثناء الصدام العسكري الذي كان ينشب من وقت إلى آخر بين هاتين الأمبراطوريتين،.
إذ كانت فارس عندما تشتد الحروب بينها وبين بيزنطة تعمد إلى قطع طريق الحرير القادم من الصين والذي كان يمر عبر أراضي فارس متجها إلى بيزنطة في الغرب ممايشكل خنقا إقتصاديا لبيزنطة،. ولم يكن بمقدور بيزنطة والمجتمع البيزنطي الإستغناء عن الحرير وغيره من سلع ونفائس الشرق التي كانت تأتي عبر طريق الحرير .
فتوجهت أنظار بيزنطة نحوالطريق البحري عبر البحرالأحمر والطريق البري (طريق البخور) الذي كان ينطلق من جنوب الجزيرة إلى شمالها في غزة على البحر المتوسط ، فزادت أهمية الطريق البحري عبر المحيط الهندي وفروعه البحر الأحمر والخليج العربي غير أن طريق الخليج العربي كانت تتحكم به فارس التي كانت بساطة نفوذها على الخليج العربي والعراق ، ولم يعد أمام بيزنطة سوى طريق البحر الأحمر الواقع تحت سيطرة الدولة الحميرية وملوك حمير الذين كانوامسيطرين سيطرة تامة على أراضيهم لاسيما بعد توحيد الممالك اليمنية القديمة التي كانت متصارعة فيمابينها،. فتم توحيدها وحمل ملوك حمير اللقب الملكي للدولة بصيغته التوحيدية وهو (ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات وأعرابهم في الطود والتهائم ) وهو اللقب الذي حمله التبع اليماني أسعد أبو كرب المعروف ( أسعد الكامل )
وفي عهد التبابعة من ملوك حمير الأوائل لم تكن هناك قوة في العالم كان بمقدورها غزو اليمن خاصة أن اليمن كانت أغنى بلدان الأرض قاطبة واقواها فهي (العربية السعيدة) التي كانت مطمعا للقوى العالمية الكبرى آنذاك بيزنطة وفارس ولكنها كانت تمتلك قوة عسكرية ضاربة وقد ورد ذكر ملوك حمير في القرآن الكريم في قوله تعالى ( أهم خير أم قوم تبع ) كما ورد ذكر ملوك سبأ من قبل في في سورة سبأ في قوله تعالى (نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد..) وقد سبق أن حاول الإسكندر الأكبر اليوناني غزو العربية السعيدة بعد أن سيطر على بلاد فارس وبلاد الشام وأسياالصغرى والعراق وبلاد مصر والهند فضلا عن بلاده الأصل بلاد اليونان وشعوب البحر المتوسط وحاول قادة الاسكند وخلفائه من البطالمة اليونان غزو اليمن فلم يفلحوا وحاول الرومان في عهد أغسطس قيصر الذي كلف واليه على مصر القائد اليوس جالوس
بغزو اليمن عام 24 ق.م بحملة كبرى مكونة من عشرة ألاف جندي روماني تم سحقهم في أراضي معين وسبأ ولم يعد من الحملة الفاشلة سوى قائدها وبعض أفرادها الذين عادوا إلى مصر يجرجرون أذيال الخيبة والفشل. ( لمزيد من المعلومات حول هذه الحملة ينظر رسالة الماجستير لكاتب هذه السطور بعنوان :الأطماع الأجنبية في اليمن قبل الإسلام 24 ق.م _ 628 م الصادرة من جامعة بغداد عام 2001 ، الفصل الأول من الرسالة)
ولما كان غزو اليمن عن طريق الجيوش والقوى العسكرية أمرا صعبا، فقد لجأت الدول الكبرى الطامعة في ثراء اليمن وموقعها الجغرافي المتحكم بطرق التجارة البحرية والبرية بين الشرق والغرب ، إلى سلاح الدين وتمزيق المجتمع اليمني من الداخل بحيث يسهل غزوه فيما بعد ..!
وكانت بيزنطة قد نشرت الديانة المسيحية في بلاد الحبشة منذ عام 340 م وقامت بنشرها في شمال الجزيرة العربية بعد أن سيطرت عليها وبدأت في العمل على نشرها في نجران وبهذا أحاطت المسيحية باليمن من جميع الجهات .
وكانت فارس تنظر بعين حذرة قلقة لنشاط عدوتها بيزنطة في الجزيرة العربية وتخشى أن تسبقها في السيطرة على بلاد اليمن ومن ثم السيطرة على طريق التجارة البحري الشريان المهم الذي يربط بين الشرق والغرب ، فضلا عن ثروات اليمن المعروفة آنذاك..
دور الصراع الديني في تمزيق المجتمع اليمني قبيل الغزو الحبشي البيزنطي لليمن عام 525 م
نظرا لمحاولة بيزنطة نشر الديانة المسيحية في جنوب الجزيرة العربية وتطويق اليمن بهذه الديانة من جميع الجهات فقد اعتنق الملك الحميري يوسف ذونواس الحميري الديانة اليهودية بل وعمل على فرضها على المجتمع اليمني بكل الطرق والأساليب ولم يكن المجتمع اليمني مقتنعا بتلك الديانة فتحولت اليمن إلى ساحة صراع ديني بين أتباع الديانات المختلفة المسيحية واليهودية والديانات الأخرى (الوثنية والحنفية التي كانت سائدة في اليمن قبل الاسلام) وعمل الملك يوسف على إكراه أتباع المسيحية في نجران على التخلي عن المسيحية وإعتناق اليهودية وشق لهم الأخاديد في الارض وأضرم بها النيران وخير المسيحيين بين إعتناق اليهودية أو الموت حرقا بالنار في الأخدود إذ ألقى بأعداد من المسيحيين الممتنعين عن إعتناق اليهودية إلى الأخدود فأحترق عدد من المسيحيين بينهم نساء حاملات أجنة وأطفال في بطونهن، وقد ورد ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم سورة البروج ، وكان لهذه المحرقة أثرها في استياء الرأي العام وبخاصة لدى اتباع المسيحية في العالم آنذاك وعندما علم بذلك الإمبراطور البيزنطي جستنيان غضب ورأى في ذلك فرصة للتدخل العسكري وغزو اليمن .
أما فارس التي كانت ترقب أنشطة بيزنطة في الجزيرة العربية وتخشى من أن تسبقها بيزنطة في السيطرة على اليمن ، فقد تدخلت لمساندة اتباع الديانة اليهودية على الرغم أن الفرس مجوس وليس لهم أية صلة باليهودية وإنما تدخلوا لمناصرة أتباع اليهودية في اليمن نكاية بعدوتهم بيزنطة التي تعتنق الديانة المسيحية وتعمل على مساندة المسيحيين في اليمن ، وكانت فارس تريد أن يكون لها موطئ قدم في اليمن .!
وهكذا أصبحت اليمن خلال هذه المدة مسرحا للصراع الديني بين أتباع الديانات المختلفة وكان ذلك الصراع الديني مظلة لتدخل القوى الكبرى في شؤون اليمن للسيطرة عليها ، وهو الأمر الذي حصل فعلا إذ وقعت اليمن في براثن الإحتلال الحبشي البيزنطي خلال المدة ( 525_ 576م) ثم تحت الإحتلال الفارسي بعد خروج الأحباش (576_ 628 م)
(لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع ينظر ، رسالة الماجستير لكاتب هذه السطور ، الصادرة عن جامعة بغداد ، 2001 م ، الفصل الثاني )
الغزوالحبشي البيزنطي لليمن عام 525 وهزيمة الملك الحميري وأتباعه في معركة الساحل الغربي وأسباب الهزيم
ذكرنا سابقا إن الإمبراطور البيزنطي جستنيان الكبير كان قد غضب لمحرقة نصارى نجران التي ارتكبها الملك الحميري يوسف ذونواس والتي اتخذتها بيزنطة ذريعة لغزو اليمن بحجة الانتقام لنصارى نجران وحماية المسيحية، فأرسل الإمبراطور البيزنطي إلى ملك الحبشة التابع له وكانت الحبشة قد اعتنقت المسيحية ، قائلا له : سأعطيك الأسطول وعليك الجند ، فتم حمل الجند الأحباش على الأسطول البيزنطي إلى الساحل الغربي لليمن .
وعندما علم الملك الحميري يوسف ذو نواس بقدوم الحملة الحبشية والأسطول البيزنطي بهدف غزو اليمن ، توجه إلى مشايخ وعقال القبائل الحميرية يستنصرهم ويدعوهم لمواجهة الغزو الحبشي البيزنطي القادم لإحتلال اليمن ، ولكن معظم القبائل الحميرية لم تستجب لنداء الملك الذي بذل جهود جهيدة في محاولة إقناع القبائل اليمنية ومشايخها بخطورة الغزو ووقوع البلاد تحت الإحتلال الحبشي البيزنطي ولكن لم يجبه سوى البعض من أتباعه والمواليين له ، لإن المجتمع اليمني في ذلك الوقت كانت قد مزقته الصراعات الدينية شر ممزق وأنهكته حروب الملك يوسف ذونواس الذي أثقل كاهل الناس بالجبايات المتنوعة وعم الفقرحياة الناس وبرزت المجاعات كما أدت الحروب إلى كساد التجارة التي تأثرت بفعل الحروب والصراعات التي أدت إلى انهيار اقتصاد الدولة الحميرية التي كانت أغنى بلدان الأرض والتي كان يطلق عليها في كتابات اليوناني والرومان (بلاد العربية السعيدة ) كما أن أتباع الملك مارسوا أشكال الظلم والبطش والقهر، لذلك لم تنهض القبائل اليمنية لصد الغزو وتلبية دعوة الملك بل أن القبائل اليمنية كانت تنتظر من يخلصها من الملك وأتباعه ..!
فتوجه الملك بمن معه من الجيش وبعض القبائل التي لبت نداء الملك لصد الغزو .
وصلت الحملة إلى الساحل الغربي لليمن عند المخاء عام 525 م ، وهناك دارت رحى معركة عنيفة غير متكافئة فلم يكن بمقدور جند الملك ومن معه من بعض القبائل مواجهة الحملة الحبشية فأنهزم الملك الحميري يوسف وأتباعه هزيمة شنعاء وانتحر الملك يوسف حيث خاض بفرسه البحر الأحمر فمات غرقا ، ووقعت اليمن فريسة سهلة للإحتلال الحبشي البيزنطي (525_ 576) وعانت اليمن والمجتمع اليمني أشكال الظلم والقهر والفقر تحت الاحتلال الحبشي حتى استنجد سيف بن ذي يزن بكسرى فارس الذي كان ينتظر الفرصة السانحة للتدخل في شؤون اليمن ومنافسة بيزنطة التي كانت قد تواجدت في البحر الأحمر وبلاد اليمن من خلال اتباعها الأحباش ، فأرسل كسرى مع سيف بن ذي يزن حملة تتألف من ثمان مائة شخص من السجناء في سجون كسرى بقيادة وهرز ، تمكنت الحملة الفارسية ومعهم عشرون ألف من اليمنيين المناصرين لسيف بن ذي يزن من التخلص من الاحتلال الحبشي وتم طرد الأحباش وحل محلهم الإحتلال الفارسي الذي استمر حتى دخول اليمن في الإسلام عام 628 ميلادية .
ومن خلال المعطيات والاكتشافات والكتابات ، نجــد أن الصراع الديني يعد أنجح الطرق لغزو الشعوب والبلدان بل إن الصراع الديني ،سبب مباشر وأساس في إنهيار الدول من داخلها وسيادة الفقر وإنتشار المجاعات والحروب الداخلية ومعيقا لبناء الإنسان والمجتمع !
وإذا ما رجعنا لمناقشة الأسباب التي أدت إلى تخلي القبائل اليمنية عن الملك يوسف ذونواس الحميري وعدم تلبية دعوته للدفاع عن اليمن وصد الغزو الحبشي البيزنطي ووقوع اليمن فريسة سهلة لذلك الغزو ، فيمكن إيجاز تلك الأسباب فيمايأتي :
1- الملك يوسف ذو نواس نفسه ، فلم يكن كسابقيه من ملوك حمير الأوائل من حيث الحنكة والكفاءة وحسن القيادة، فقد زج بالبلاد في إتون الصراعات الدينية العالمية المسيحية واليهودية والمجوسية، فقد استقدم الديانة اليهودية وحاول إكراه المجتمع اليمني على إعتناقها بالقوة فأثار الصراع الديني في اليمن بين أتباع الديانات الأخرى مما أدى إلى تدخل الدول الكبرى الطامعة في السيطرة على اليمن تحت مبرر حماية أتباعها فتدخلت بيزنطة لحماية أتباع المسيحية وتدخلت فارس لحماية أتباع اليهودية ومساندة يوسف ذونواس الحميري ( على الرغم أن الفرس مجوس ولا صلة لهم باليهودية) وإنما من أجل السيطرة ومنافسة بيزنطة في اليمن .
2_ كثرة الحروب والصراعات التي تزعمها الملك يوسف ذو نواس وإنهاك قوى اليمن في تلك الصراعات الداخلية التي سأمتها القبائل اليمنية قبل مجيئ الغزو الحبشي البيزنطي.
3_ الوضع الإقتصادي المنهار في اليمن والفقر والمجاعات التي برزت في المجتمع اليمني بسبب الحروب والصراعات الدينية التي أدت إلى تعطيل التجارة وطرقها وتأثرت الزراعة فزادت معاناة الناس وبؤسهم. .
4_ الظلم وعدم المساواة وغياب العدل في عهد الملك ذونواس حيث أطلق يد أتباعه وأنصاره في التسلط على الناس .
5_ إرهاق القبائل اليمنية بكثرة الجبايات المالية والتشدد في جباية الأموال من الناس وما رافق ذلك من بطش وفساد زاد من معاناة المواطنين وكراهيتهم لنظام الملك يوسف ذو نواس وأنصاره فأصبح المجتمع اليمني يتوق إلى الخلاص من حكامه ، فلم يعد هناك فرق لدى القبائل اليمنية بين حكامهم الذين هم من بني جلدتهم وبين المستعمر الخارجي الذي قد ربما يكون أقل قسوة من حكامهم من أبناء اليمن ..
لذلك لم تتحمس القبائل اليمنية ولم تحركها الحمية والغيرة اليمنية لقتال الغازي المحتل وتلبية دعوة الملك يوسف ذونواس للدفاع عن البلاد ، الذي لم يعد يحظى بحب القبائل اليمنية له والرغبة في نصرته واستمرار نظام حكمه ؛ فالشعوب تصل إلى مرحلة من كراهية الحاكم ونظام حكمه فلا تلبي له طلبا حتى لو كان الأمر يتصل باستباحة البلاد واحتلالها حيث يصبح المجتمع لايرى فرقا بين حكامه من أبناء بلده وبين المستعمر الخارجي ..