أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد هالة فؤاد

هى ” ملاكُ السينِما المِصرية ” و ” فَراشَةُ الْفَنّ الحالِمة ” و ‘‘ الْجَمِيلَةُ الَّتِى تأمَرَت عَلَيْها الْأيّام ‘‘ الفنّانة المُتّميزة ( هالَة أحْمَد فؤاد ) الشَّهِيرَة بِهالَة فؤَاد تِلْك المُمَثِلة الرَّائِعَة الرَّقِيقَة الَّتِى تُعد واحِدَة مِنْ أَبْرَز الفنانات فى السِّينِما المِصرية رَغِم عددِ أَعْمالِها الفَنِّيَّة الْقَلِيلَة و سَنوات عَملها فى التّمثيل القليلة أيضّاً و ذلك بَعْدَما تميزّت بملامِحها الْهادِئة و موهبتها المُمّيزة و استّطاعت أَن تحفُر مكانّاً داخِل قُلوب الجَماهِير المِصرية و الْعَرَبِيَّةِ و لما لا و هى التى ما أَن تَراها الأعيُن فتقعُ فى غَرامها لشدة طُّفولِيَّة ملامحها فضلاً عَن موهبتها الفَنِّيَّة الَّتِى خطفّت بِها قُلوب المُشاهدين عِلَاوَةً عَلَى وَجْهِهَا الْباسِم الَّذِى يُشِعرنا كأَنَّه نِسمة هَواء فى ليلةٍ شَدِيدَة الحَرارة فى وَهَجَ الصَّيْف و كقطرات الندى التى تهبطُ على الزهرة الظمأة فى يومٍ بلَغَ قيظَهُ مُنتهاه و هو الشُعور الَّذِى اسْتَمَرّ مُنذ أَن أَطَلْت عَلَيْنا لأَوَّلِ مَرَّةٍ عَلَى الشَّاشَة و خطفت قُلوبنا و حَجَزَتْ لِنَفْسِهَا موقعّاً لَا يُنسى بَيْن نَجماتِ جيلها حَتَّى رَحِيلُهَا المُفاجئ بِسَبَبِ الْمَرَضِ اللَّعِين الَّذِى جَعَلَ قِصَّتُهَا بِمَثَابَة تّجرُبة أَنْسانِيه تّدفعُ للتأمُل و التَّفْكِير تمامّاً مِثْل رَوْعِه حُضورها عَلَى الشَّاشَة و أعمالِها الفَنِّيَّة الَّتِى لَا تُنسى و الْحَقّ يُقال أَنَّ حَياةَ هالة كانَت مَلِيئَة بقليلٍ مِنْ الْوَرْودِ و كثير مِنَ الأَشْواكِ و هُما اللَّذَان رَسَما مُشوارها الفنى و لَكِنْ مَعَ الْأَسَف الشَّدِيد لَم تُمهِلُها الْحَياة بِأَن تسْتَمْتِع ببريقِ الشُّهْرَة الَّتِى حَقَّقَتها خِلَال سَنَوات رِحْلَتِه الفَنِّيَّة الْقَصِيرَة جدّاً فكثيرّاً مِن الفَنَّانِين كانَ لَهُمْ العَدِيدِ مِنَ الْأَسْرارِ الَّتِى لَا يَعْرِفُها الجُمهور و كثيرّاً منهُم كانَت حياتهُ مَلِيئَة بِتَفَاصِيل مُثيرة كالْمَوْت فى الْحَوادِثِ أَوْ عَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِم الْإِنْفاقِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ الِادِّخار طِوال سَنَوات عَمَلِهِم فى الْوَسَط الفنى أَوْ الْمَوْتِ فى حوادث أو بسببِ أَصابَتْهِم بمرضٍ عُضال و كان على رأسِ هَؤُلَاءِ الفَنَّانِين مع الأسف الشَديد الفنانة هالة فؤاد .. ولدَت هالَة فى 25 / 3 /  1958م وسَط أسرةٍ فَنِيَّة حيثُ و الدها المُخرج الرَّاحِل أَحْمَد فؤاد و وَالِدَتِها رَبِّه المَنْزِلٍ مِنْ عُشاق سَماع الْموسِيقَى الكلاسيكية و هوَ ما أَضْفَى عَلَى هالَة جوّاً مِن التّذوق الفنى و الْموسِيقَى اسْتَمَرّ مَعَها إلَى أَنْ تخرّجت مِن كُلية التِّجارَة فى عام 1979م و بِالرَّغْم أَنَّها لَمْ تدرُس السِّينِما لَكِنَّها اكْتَشَفّت فى الْجامِعَة مَدَى تعّلُقها بِها نَتِيجَة لموهوبتها مُنذ نُعومة أَظافِرِها ما أَدَّى لمُشاركتها فى عِدة مسرحيات و هى ذات الْعامَيْن مِن عُمرها ! و يُذكر أن مثلّت أَوْلَى أفلامها فى نَفْسِ العُمر ” العاشقة ” لتُُكمِل المَسيرة فى سِن السَّابِعَة مِن خلال فِيلْم ” أجازَة بِالْعافِيَة ” لتُشارك و هِى فى الثّانَوِيَّة الْعامَّة بَعْدَ طَلَبِ والِدَها دورّاً ثانويّاً فى فِيلْم ” الْبِنْت اللى قالَتْ لَا ” و يُذكر أن كان اسمها فى تِتر الفِيلْم بـ ” هالَة تَوْفِيقٌ ” كى لَا يَظْهَر تدّخُل الْوالِد فى ظُهور ابْنَتَه عَلَى الشّاشَة و لكن برغم دُخولها السِّينِما بِوجود وَالِدَهَا إلَّا أَنْ هَالَة قَد حَفَرَتٔ اسمها عَنْ طَرِيقِ شّخصيتها المُتّفرِدة و هُدوئها الْغَيْر مُصطّنع لتتّمكن مِن نيلِ الْأَدْوار المُختَلِفة بدءً مِن الفَتاة البَسيطة ذات الْأَحْلَام الصَّغِيرَةِ إلَى الفَتاة بِنْت الذَّوات الَّتِى يُعززها جَمَالِها لِذلِك شاركت هَالَة بَعْدَ ذلِكَ بُناءً عَلَى طَلَبِ المُخرج ” عاطِف سالِم ” بدورٍ فِى فِيلْم ” عاصِفَة مِنْ الدُموعِ ” و كانَتْ فى سَنتها الدِّراسِيَّة الْأَخِيرَةِ مِنْ الْجامِعَة و أَصْبَحَ هَذا الدَّوْرِ بِمَثابَة تذكَرتها الذَّهَبِيَّة لِعالِم الْفَنّ بعد أن نالت عَلَيْه جائزيتين الْأُولَى مِنْ جَمعية الفِيلْم و الثّانِيَةِ مِنْ الْمَجلِسِ الْأَعْلَى للثّقافة لتُشارك بَعْدَها العِملاق ” أَحْمَد زَكَّى فى ” مُسلسل ” الرَّجُلُ الَّذِى فَقَد ذاكَرْته مَرَّتَيْن ” فيحدُث الْإِعْجاب بينهُما أَثْناء تَمْثِيل المُسلسل و يتمّ الطَلَب للزَّواج فى عام 1983م حِينَما كانَ أَحْمَدُ زَكَّى يُصّور فِيلْم « الِاحْتِياط واجِب » و كان المُخرج أَحْمَد فُؤاد يَجْلِس بِالحَدِيقَة و مَعَه هالَة و جَلَسَ مَعَهُمْ أَحْمَد زَكَّى لِحِين تَجْهِيز الكاميرا و تطّرق الْحَدِيثَ فى موضوعاتٍ شَتَّى و حِين انْصَرَفَت هالَة فاجأ زَكَّى فؤاد قائلاً لهُ ( حسب ما صَرَح به المُخرج أحمد فؤاد فى حوارٍ إذاعى ) « شوف يا عَمِّ أَحْمَد مِن غيْرِ لَف و لَا دَوَران أنا عايز أتجوز بِنْتك هالَة و مفيش معايا فُلوس لِأَنّ اللى جاى عَلَى أد اللى رائِح و الصَّرَاحَة حلوَة » ليَرُد عليه أَحْمَد فواد بـ « تعجبنى صراحتك و أحْتَرَم فِيك إِنَّك راجِل دوغرى و إنت فَنّان مُحتَرم و مُلتَزم و مش حلاقى أَفْضَل مِنْك لبنتى بِشَرْطِ أَنَّها توافِق ” و لم يَمْضِ أسبوع حَتَّى تَمَّتْ الخُطوبة و الزَّوَاج السَّعِيد لتُنجِبَ لهُ ابنهما الْوَحِيد الفَنّان الرَّاحِل ‘‘ هَيْثَم أَحْمَد زَكَّى ” لكِنَ حياتهُما تحولّت بعدها إلَى جَحِيم ! بِسَبَب غيره أَحْمَد زَكَّى الشَّدِيدَة و الَّذِى ذَكَرَها فى أَحَدٌ اللِّقَاءات الفضائية ” اشْتَرّطْ عَلَى هالة اعْتِزال الْفَن بَعْد الزَّواج و وافَقَت و لَكِنَّها بَعْدَ أنْ أَنْجَبّت هَيْثَم قَرَّرْت الْعَوْدَة لَه فرفضت و فَشلَّت فى إقناعِها و أصبحتُ عَصبيّاً مَعَها لِأَقْصَى دَرَجَة و كُنت أُرِيدُ أَنْ أحميها مِنْ هَذا الْعالَمُ القاسى بأضوائِه و مَشاكِلِه الَّتِى لَا تَنْتَهِى لَكِنَّها لَمْ تَحْتَمِلْ العِناد فانفصلنا و اعْتَرف أننى ظُلْمَتَها لأَنِّى استّغرقت كثيرّاً فى قرارِ الزَّواج لِتَحْقِيق حلمى بِالِاسْتِقْرار فى بَيْتِ و عُزوة لَكِن الحُلم انْتَهَى فى فترة قصيرة جدّاً ” ! كَما اعْتَرَفَ زَكَّى فى حوارٍ لَهُ بَعْدَ سَنَواتٍ مِنَ هَذا الطَّلَاقَ عَنْ حُبه الْجارِف لهالة و أَنَّهُ لَمْ و لَن يُحب بَعْدَها و جديرٌ بالذِكر أن تدّخَلَ الرَّاحِل ” صَلَاح جاهين ” لمُصالحَته عَلَيْها و ذلِك وفقّاً لِما جاءَ بِكِتاب “ نُجومٌ لَا يعرفُها أَحَد ” و التى ذُكِرَ فيها على لسان زكى “ فى مَرَّة اتخانقت مَع هالَة و كانَ صَلَاح جاهين خارجّاً لتَوِهِ مِن المُستشفى بَعْدَ أَنْ أَجْرَيْت لَهُ عَمَلِيَّة فى الصَدر و صِعِبْ عَلَيْه إِنِّى اتخانقت مَعَها و أَلَحّ علىّ أصالحها لَكِنِّى كُنْت عَنيدّاً و ياليتنى لَمْ أَكُنْ كذلك ” ! و يُكمل زَكَّى “ فوجئت بجاهين بيقولى ما تيجى معايا إسْكَنْدَرِيَّة فى مُشوارِ صَغِيرٍ و وافَقَت و عِنْدَما اعْتَرَضَت زَوْجَتَهُ عَلَى خُروجِهِ لِأَنَّ الْعَمَلِيَّة الَّتِى أَجْراهَا خَطِيرَةٌ و تَحْتاج لِراحَة قالَ لَها ” أَنا رايح التليفزيون و سأعود بَعْدَ ساعَةٍ ” و أَضَاف زَكَّى “ ركِب مِعى فى سيارتى و ذَهَبْنا للمّعمورة و طَرَقَ أَحَد أَبْواب الكبائن هُناك فَتَحَ الْبابَ حمايا أَحْمَد فؤاد و وجِدَت صَلَاح بِيَقُول لِى ” خُش عَلَى مراتك يا وَلَد وَ صالَحَها و فوجئت بِالْمَوْقِف و ارتبّكت و نفّذت كَلَامِه لِأَنَّه إنْسان غالَى عَلّىّ جدّاً و فى أَقَلَّ مِنْ دقِيقِهِ لَمْ أَجِدْهُ أمامى ! لَقَد عاد وَحْدَهُ إلَى الْقاهِرَةِ بَعْدَ أَنْ رَكِبَ سَيّارَة أُجْرَة ! عاد و هو يَتألَّم مِنْأثَرِ بالجُهد الَّذِى تحامّلهُ عَلَى نَفْسِهِ وَ مارسهُ مِن أَجْلَى ” .. و الْحَقّ يُقال أَن هَالَة لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تبتّعد عَلَى السِّينِما بَعْدَ أَنْ أَعْطَتْها أَجْمَل الْبِدايات و أَعْطَتْها زَوْجِها أيضّاً و لِذلِكَ فَقَدْ أكمّلت مَسيرتها الفَنِّيَّة لتُشارِك فى الفوازير الَّتِى جَمَعْتها بالفنان يَحْيَى الفخرانى و الفنانة صابِرِين و الَّتِى كانَتْ بِعِنوان ” المُناسبات ” ليأتى عام 1990م فتتّزوج بزيجتها الثّانِيَةِ مِنْ ” عِز الدينِ بَرَكات ” الْخَبِير السياحى لتُنجب مِنْه ابْنِها الثّانِى ” رامى” و لَكِنْ بَعْدَ وِلَادَةٍ مُتّعسِرة كادَتْ أَنْ تَموت خلالها لتُصاب بعدها بِعِدّةِ جّلطات مُتلاحِقة فى ساقِها و عِنْدَما فتّحَت عَيْنَيْها بَعْدَ الْوِلَادَةِ وجِدَت والِدَتِها و زَوْجِها يَبْكِيان فشعرّت أَنَّها كانَتْ قَرِيبَةً جدّاً مِنْ الْمَوْتِ و أَنَّ الْحَياةَ قَصِيرَة و لِذلِك اتَّخَذَت قرارّاً بارتداءِ الحِجاب و اعْتِزال التَّمْثِيل و التّفرُغ لحياتها الزَّوْجِيَّة و عِبادَةِ اللَّهِ فَقَطْ بَعْدَ أَنْ قدّمت 24 عملاً سينيمائيّاً و دراميّاً كان أبرزها ” عاصفةٌ مِن الدُموع ” و ” اللَّعِبِ مَعَ الشَّياطِين ” و ” عشماوى ” و ” الأوباش ” و ” السّادَة الرِّجال ” و ” حارَّة الْجوهَرى ” و ” البِنت إللى قالت لَا ” و ” حارَّة الطَّيِّبِين ” و ” شَقاوَة فى السّبعين ” و ” مَيْن يجَنِن مين ” و ” سِجن بِلَا قُطبان ” و ” المليونيرة الحافية ” و ” رجلٌ لِهَذا الزَّمان ” و ” ثَمَن الْخَوْف ” و ” الحِدق يفهَم ” و ” الْحَياة مّرة أُخْرَى ” و ” عُيون الْمَها ” و ” و تَبْقَى الْأَرْضُ دائمّاً ” و ” أَولَاد الشَّوارِع ” و يُذكر أخيرّاً بَعْد اعْتِزال هالَة الْفَنّ أن أبىّ جَسَدها النَّحِيل أَن يظل يُصِيبُه أَلَمُ الْوِلَادَةِ المُتعّسرة بجلطاتها فَقَط ليزداد الطين مِن بلّتِه فتُصاب بالسرطان الثّدى لتّخضع بعده لِرِحْلَة عِلَاج طَوِيلَةً بَيْنَ فَرَنْسا و مِصر و أٌعلنت إحْدَى الصُحف شِفَائِها مِنْه مؤقتّاً لكِنَّه مالبِثَ إنْ عاوَدَها مّرة أُخْرَى مِن جَدِيد أَكْثَرَ شَراسَةً لتواجهَهُ بِشَجاعَةٍ و إِيمانٍ و صَبر و تُمضى أَيّامِها الْأَخِيرَة فى الدّعوة إلَى اللَّهِ و ما زادَ مِنْ حُزنها وَفاة والِدَها المُخرج أَحْمَد فؤَاد لتَدخُل بَعْدَها فى غَيْبُوبَة مُتّقطِعة ما بين الحين و الآخر ليشتّد آلام المرض اللعين عليها شيئّاً فشيّاً و ظلت على هذا المنوال إلى أن صَعِدْتُ روحِها إلَى بارِئها لتّرحلَ عَن دُنيانا فى 10 / 5 / 1993م عَن عُمرٍ يُناهز الـ 34 عامّاً جَسدّاً فَقَطْ كَونَ روحِها و فَنها و هُدوئها الْجَمِيل و رومانسيتها الحالِمَة سيظلوا خالِدين و مّحفورين فى قُلوبنا حَتَّى يَوم يُبعثون .. رَحِمَ اللَّه هالَة فُؤاد و تَجاوَزَ عَنْ سيئاتها و أَسْكُنْها فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

شاهد أيضاً

ضرب_نار.. وفشنك درامي.. على.. بابا المجال.

كتب :خالد عاشور لا توجد عندي مشكلة ككاتب او كناقد او حتى كمشاهد ان تسرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: