أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد سُعاد أحمد

هِى ” قُنبلة الكوميديا التِّلْقائِيَّة ” و ” خَفِيفَة الرُّوح المَرِحة ” المونولوجست و المُمثلة المُتميزة ( سعدية أَحْمَدَ عَبْدُ الْغَفَّارِ ) الشَّهِيرَة بسُعاد أَحْمَد تِلْك الفنانة خَفِيفَة الظِّلّ الَّتِى يَرَاها الْكَثِيرُون مِن الأَجْيال الْحالِيَّةِ عَلَى الشّاشَة فِى أَفْلاَم الْأَبْيَض و أَسْوَد لَكِنْ دونَ مَعْرِفّة شيئاً عَنْها سِوَى أَنَّها زَوْجَةٌ الْمعَلِم حنفى فى فِيلم ” ابْن حميدو ” و بجُملتها الشَّهِيرَة التى كانت تخرُج من فمها لِزَوْجِها و هِى مُتحفزة  ليَعْلوا صَوْتَها عَلَيْهِ فتَصرُخ ( حنفى ) ليَنْظَرُ لَها زَوجها و هو مُرتَعِدّاً فَيَرُد ( خَلَاص تَنْزِل الْمَرَّة دى ) تلك الجُملة الَّتِى تُعدُ واحِدَةٍ مِنْ أَشْهَرِ الجُمَلِ الَّتِى مَيَّزَت سُعاد أَحْمَد الَّتِى رَدَدْتها فِى فِيلْم ابْن حميدو مَع الفَنَّان الرَّاحِل عَبْدِ الْفَتَّاحِ الْقُصْرَى الَّذِى قَدّمَ معها ثنائيّاً كوميديّاً و كَانَت مَشاهدهُما سويّاً مِن أَبْرَز اللوحات فى السِّينِما الْمِصْرِيَّة كونها كانَتْ كُومِيدِية تَعْتمِدُ عَلَى الموْقِفِ و المُفارقة و بَعِيدَة تمامّاً عَن التّصنُع و الِابْتِذال ! و الحقُ يُقال أَنَّ هُناكَ مُمثلون لَا تَسْتَطِيعُ نِسْيانِهِم رَغِم ظُهُورِهِم لِدَقَائِق قَلِيلِه فِى الْأَعْمال الفنية لَكِنَّك تَحْفَظ شكلهم و تبتسم عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ خاصَّةً إذا كانَ الدَّوْر كوميديّاً و لهُم الْكَثِيرِ مِنْ الْقِصَصِ و الْحِكايات المُثيرة و هُم مِنْ النُّجُومِ المَنسيين فى الْفَنّ و مِن كَوْكَبَة الفَنَّانِين الَّذِين أمتعونا بأدوارهم حَتَّى وَ لَو كانَتْ صَغِيرَةً وَ قد لَا نَعْرِفُ أَسْماءَهُم الْحَقِيقِيَّةِ و كذا قَصَص حَياتِهِم و كَيْفِيَّة دُخولِهِم عالَم الْفَنّ و كانت سُعاد أحمد عَلَى رأسِ هَؤلَاء الفَنَّانِين بعدما استطاعَت بأداءٍ بَسِيطٍ جدّاً أَنْ تّحتّل قُلوبِ الْكَثِيرِ مِنْ جَماهِير السِّينِما الْمِصْرِيَّة و أَن تحجز مَكانّاً فِى ذاكِرَة جُمهورها بَعْدَ أَنْ أضحكهم بأسلوبها المُميز كونها تُعد من القَلِيلين جدّاً مِنْ الَّذِينَ مُرور عَلَيْنا بأدوارهم الْبَسِيطَة و سْكُنوا الْقَلْب و لم يغادروه و الذين يُغَيِّبون لَكِن تظل أطيافهم تزورنا و نَحْن نائِمون و رُبما يَجْهَلون بِأنَّ لَهُمْ فِى عُيونُنا قُصُور و رموشنا لَهُم يَحْرُسون إلا أنهُم إلَى أعماقنا أَقْرَبَ مِمَّا يَتّخَيَّلون و كانَت سُعاد بِالتَّأْكِيد عَلَى رأسِ هَؤلَاء القليلين الَّذِين تَرَكوا بَصْمَة غائِرَة فى قُلُوبِنا قَبْلَ أَنْ يَتْرُكوهَا فى ذَاكِرَة السِّينِما الْمِصْرِيَّة .. ولدَت سُعاد أحمد فى 29 / 3 / 1907م فى مِنْطَقَة الدَّرْب الْأَصْفَر بمُحافظة الْقاهِرَة وَسَط أَسَرَة مُتّوسطة الحال كانَ عائلها يَمْتّهِن مِهْنَة النِّجارَة و تَوَفَّى و سُعاد دونَ الثَّالِثَةِ عَشَرَ مِنْ عُمرها فاضطرت لِلْخُروج و الْعَمَل كبائِعة فِى مَحَل مانِيفاتورَة كى تُساعد شقيقاتها الصِغار ” حَسَنات ” و” رجاوات ” و اللاَّتِى لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَدَّت أعمارهن الـ 5 سَنَوَات و كذا تُعاوِن والِدَتِها الَّتِى كانَتْ تمتّهِن مِهْنَة الْحِياكَة فى نفقة الأسرة ثُمّ عَمِلْت كمونولوجست فِى شَارِع عِماد الدَّيْنِ حَتَّى شَاهَدَهَا المُخرج ‘‘ تُوجُو مزراحى ‘‘ ذاتَ مَرّةٍ و أَعْجَب بِخُفِّه دَمِها الشَّدِيدَة و عُرِضَ عَلَيْها الْعَمَلُ بالسينما فَتَرَدَّدْت فى بادِئ الْأَمْرِ ثُم وافَقَت فى النِّهايَةِ و يُذكر أن كانَ أَوَّلَ أدوارها فى فِيلْم ” الْعِز بَهْدَلّة ” عام 1937م مَع الفَنَّان المصرى اليَهودى ‘‘ شالوم ‘‘ عِنْدَما قدّمها المُخرج توجو مِزراحى لتتّحول مِن مُنولوجِسْت فى شارِع عِماد الدينِ إلَى مُمّثلة بارِعَة و قدّمها نَفْس المُخرج مَرَّةً أخْرَى عام 1940م لتُشارك الفَنَّان الْكَبِيرِ عَلَى الكسار فى بُِطولِه فِيلْم ” أَلْفِ لَيْلَةٍ و لَيْلَة ” ليَنطَلَق قِطارها الفنى بعد ذلك عَلَى مَدار 28 عامّاً حتى بَلَغ رصيدها أَكْثَرَ مِنْ 51 فيلمّاً جسَدّت فى مُعظمهم دور الْحَمْأة خَفِيفَة الظِل و أَحْيانّاً الْحَمْاة ” النِكدية ” حَتَّى أَنَّها نافسّت الفنانة ” مارى مُنيب ” بعض الشيئ فى هذا الدَّوْرِ و يُذكر أن كان أَبْرز أفلامها ” أم حَمِيدَة ” و ” لهاليبو ” و” غَرام و انْتِقام ” و ” سِمارُه ” و ” عَنْتَر و لِبلِب ” و” الْخَمْسَة جنَيْة ” و ” زَيْنَب ” و ” الْقَلبِ لَهُ أحكام ” و ” الأفوكاتو مَدِيحِة ” و رَغِم أَن رصيدها الفنى لَيْس بالضّخم إلَّا أن الفنانة سُعاد أَحْمَد اِسْتَطاعَتْ أنْ تَبَرَّز اسْمها فى السِّينِما الْمِصْرِيَّة بأدوارها الَّتِى لَا تُنسى إلَى أنْ رَحَلْت فى 2 / 8 / 1962م لتَتّسَبَّب وَفاتِها فى إلحاقِ حُزنّاً كبيرّاً لِزَوْجِها الفَنَّان ” مُحَمَّد شوقى ” فَيَعيشَ فى عُزلة تامَّةً لِما يّقرُب مِنْ الْعام بَعْدَ رَحِيلِها إلى أن اسْتّطاع زُملاؤة أَن يخرجوه مِنْهَا بِصُعوبَة شَدِيدَة و يُذكر أن صَرَّحَ شوقى فى أحد البَرامِج الإذاعِيَّة حِينَما سألْتُه المُذيعة عَن عَلَاقَتُه بِشَرِيكِه عُمره سُعاد فَقَال ” سُعاد كانَت و لازالت حَتَّه مِنًى جَمَعْنا الْفَنّ و الحُب و الْعِشرَة و كانَ مِنْ الصَّعْبِ عَلِيًّا أَنَّها تِفارقنى و لكِنَّ إِرادَةَ ربنا لَا اعْتِراضَ عَلَيْها أبدّاً و ربنا يصبرنى عَلَى فقدى لَها وَ فَقَد أَحْلَى سِنِينَ مِنْ عُمرى معاها ” ثُم أَكْمل شوقى ( ما أنساش أبدّاً لما مَرّت عَلىّ فَتْرَة طَويلَةً و ماحدش مِن المُخرجين عَرَض عَلِيًّا فِيها شُغل و كانَت سُعاد دايمّاً تهّوِن عَلِيًّا و تقولى اُصْبِر و أَكِيدٌ رَبَّنا حايعدلها و ماتشيلش هم الْبَيْتِ و الْمَصارِيف لِأَنّ أَنتا متَجَوِّز سِت مَصْرِيَّة جَدعة تعْرَف ازاى تشيل جَوَّزَها فِى المُرّة زى ما اتهّنِت معاه فى الْحلْوَة ) أَمَّا الرَّاحِل الْعَظِيم الفَنَّان إِسْماعِيل ياسين فَقال عَنْها ” اللَّه يَرْحَمها سُعاد كانَت تِلْقائِيَّة بِشَكْل مَهول لِدَرَجَة أَنَّنا و احَنا بنمثل مَشاهِد فِيلْم ابْن حميدو كانَت بترتجل فيه إفيهات مِش مَكْتوبَة فى السيناريو و كان مُخرج الفيلم ‘‘ فَطِين عَبْد الْوَهَّابِ ‘‘ بيبقى مَبْسُوط جدّاً مِنْ الِارتِجالِ ده و كان بيطلب مِنْها أَنَّها ترتجل كمَّان و كمَّان لِأَنَّهُ كانَ شايف أَنَّه فى صالِحِ الْعَملِ الفنى و بيزيدُه كوميدية تِلْقائِيَّة بتطفى عَلَيْه بَهْجّة و سُرور اللى بينعكِس بِالْإِيجاب الشَّدِيد عَلَى الجُمهور و هوَّة دَه اللى حَصَل بِالضَّبْط بَعْدَ عَرْضِ الفِيلم ) .. رَحِمَ اللَّهُ سُعاد أَحْمَد و تَجاوَزَ عَن سيئاتها و أَسْكُنْها فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

شاهد أيضاً

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد هالة فؤاد

هى ” ملاكُ السينِما المِصرية ” و ” فَراشَةُ الْفَنّ الحالِمة ” و ‘‘ الْجَمِيلَةُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: