أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى رحيل محمد عبد الوهاب

هو ” موسِيقارُ الأجْيالِ ” و أحَدُ أعْلَامِ و رواد الْموسِيقَى الْعَرَبِيَّةِ ” الْمُلَحَّنَ و الْمؤلفُ الموسيقى و الْمُمَثَّلِ و الْمُنْتَجِ السينِمائِى ( مُحَمَّدُ عَبْد الْوَهَّابِ مُحَمَّد عِيسَى أَبو حَجَرٍ الشَّعْرانى ) الشَّهِير بِمُحْمَدَ عَبْد الْوهَّابِ ذلِكَ الْمُوسِيقَار الْعِمَلَاقِ الَّذِى يَعْدُِ أَسْطورَة الْغناء و الْموسِيقَى الْعَرَبِيَّةِ بِلَا مُنازِعٍ بَعْدَ أَنْ سارَ فى طَرِيقِ التَّجْدِيدِ الْمَصْحُوب بِالتَّغْرِيبِ فى شَكَّل و مَلَامِحْ الْأَغْنِيَةٌ الْمِصْرِيَّةِ مُنذ أن بدأ مِشْوَارَهُ الفنى فى طُفولَتِهِ بِصَوْتَهُ الْجَمِيلِ الَّذِى تَمَيَّزَ عَنْ أَقْرانِهِ فِى حَلْقَةٍ تّرْتِيلِ الْقُرانَ فى كُتّابِ بابِ الشعْرِيَّةِ فى الْقَاهِرَةٌ حِينَما كانَ يَطْلِقُ صَوْتَهُ الرَّنَّانَ مُسْتَعْرِضّاً جَمالِهِ و هوَ يَقْرأُ الْآياتِ ما اسْتَرْعَى انْتِباهِ شَيْخُهُ ليُبْلَغُ آباهُ الْمؤَذن و الْقَارِئِ فى مَسْجِدِ سَيّدِى الشَّعْرانِى و تَوَسَّمَ الْأَبِ فى نَجْلِهِ مُسْتَقْبَلا كَقَارِئِ لِلْقُرْانِ لَكِنَّ قَدْرَ هَذا الطفْلِ الْمَوْهوبِ كانَ أَنْ يُفِيضَ بِالْغناء و الْموسِيقَى ليُظلِل الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ بموهبة فَذَّة اسهمتْ فىْ تَشْكِيْلِ تارِيخِ الْموسِيقَى الْعَرَبِيَّةِ فى تِلْكَ الْفَتْرَةِ .. ولِدَ عَبْد الْوَهَّابِ فِى 13 / 3 / 1902مِ ( و هُوَ تارِيخُ مِيلَادِهِ الْحَقِيقِى و لَيْسَ عام 1910مِ كَما هوَ ثابِت فى جَوازِ سَفَرِهِ ) فى حَى بابِ الشِّعْرِيةِ بِمُحافِظَةِ الْقاهِرَةٌ لَعائِلَةٌ تُنْتَسَبُ إِلَى الشَّيْخ عَبْد الْوَهَّابِ الشَّعْرانِى و يُذكر أن كانَ مُنْذُ طُفولَتِهِ مَشْدودّاً إِلَى الْموسِيقَى و الْغَناءَ إِلَى دَرَجَةِ أَنَّهُ كانَ يَخْرُج مُتَخَفيّاً مِنْ مَنْزِلُهُ و هوَ لَا يَتَجاوَز الْعاشِرَةِ مِنْ عُمرِهِ لَيُغْنِى بِيَنْ الْفُصولِ فِى فُرْقَةٍ ” فوزى الجزايرلى ” و قَدْ مَنَعَتْهُ الْعائِلَةٌ وَ تَشَدَّدَتْ فِى ذَلِكَ فَما كَانَ مِنْهُ إِلا أَنْ يهرب مِنْ الْمَنْزِلِ لَيُغْنِى فى سَيَرْك ! فى دمنهور بِالْقُرْبِ مِنْ مُحافَظَةٍ الْأسْكَنْدَرِيَّةِ و هُناكَ جَمْعُهُ الْقَدْرِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ بِفَنانِ الشَّعْبِ خالِدَ الذِّكْرِ الشَّيْخُ ” سَيِّد دَرْوِيش ” الَّذِى حَمْلُهُ و قَبْلَهُ بَعْدَ الْغِناءِ وَ أَثْنَى عَلَى أَدائِهِ الرَّائِعَ فتشّجّعَ الْفَتَى الصَّغِيرِ و راحَ يُغْنِى وَ يُنْشِدُ فى مُعْظَمٍ مَوالِدَ الْقُطْرَ الْمِصْرِى و بَعْدَ أَنْ ذاع صِيتُهُ فِى الْمُوَالِدَ أَذْعَنَتْ الْعائِلَةٌ لِهَذِهِ الْمَوْهِبَةِ الطَّاغِيَةُ لَابْنُهُمَ الصَّغِيرِ و ارْتأَوْا أنْ يَسْمَحُوا لَهُ بِالْغَناءَ تَحْتَ رقَابَتِهِمْ لِرِعايَتِهِ و هُوَ فى هَذا السنّ الْمُبكر مِنْ ايَةٍ مَفَاسِدَ و هُوَ ماساعده فِى التَّنَقُّلَ بَيْنَ عِدَّةِ فِرْقَ كمُطرب و منْ ضَمِنَها فِرْقَة سَيِّدِ دَرْوِيش الَّتِى كَانَ مَثَلًا أَعْلَى لَهُ فى ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ دَخَلَ مَعْهَدِ الْموسِيقَى الْعَرَبِيَّةِ عَامِ 1920مِ لِيَتَتّلْمَذَ عَلَى يَدِ الْموسِيقَار ” مُحَمَّد القصبجى ” الَّذِى عَلَّمَهُ عَزَفَ الْعَوْدِ حَتَّى جاءَتْ نُقْطَةُ التَّحَولِ فى حَياتِهِ حِينَ اسْتَمَعَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الشُعْراءِ ” أَحْمَدُ شوقى ” عام 1924مِ فقَرَّرَ تَبَنَّى مَوْهِبَتِهِ فَفَتَحَ لَهُ أَبْوَابُ الْمُجْتَمَعَ الراقِى و قَدَّمَهُ لِلصَّفْوَةِ مِنَ الْفَنَّانِينَ و هُوَ ما عَجَّلَ بِانْتِشارِ مَوْهِبَتِهِ الْغَنائِيَّةٌ وَ الْموسِيقِيَّةِ حَتَّى جاءَ عامَ 1925مِ لتّسنِدَ لَهُ سُلْطّانَةِ الطَّرِبِ آنَذاكَ ” مُنِيرَةِ الْمّهْدِيَةِ ” مُهِمَّة أَكْمالِ تَلْحِينِ مَسْرَحِيَّةِ ” كليوباترا ” الَّتِى كَانَ سَيِّدَ دَرْوِيش قَدْ ابْتَدأَ تَلْحِينِها قَبْلَ وَفَاتِهِ كما طلِبَتْ مِنْهُ مُشارَكَتِها الْغِناءِ عَلَى الْمَسْرَحِ و قَدْ كانَتْ هَذِهِ الْمُهِمَّةُ انْطِلَاقَةِ جَدِيدَةٍ أَكْسَبَتْ عَبْدُ الْوَهَّابِ شُهْرَةِ وَ ثِقَةٌ الْمُجْتَمَعَ الفنى كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّهْلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِنْ يَخْلُفَ أَحَدٌ فِنَانّاً بِحَجْمِ سَيِّدِ دَرْوِيش و أَنْ يُشارِكَ مُطْرِبَةِ بِحَجْمِ مُنِيرَةِ الْمهْدِيَةِ فى الْغِناءِ و كانَ مِنْ الْواضِحِ فى تِلْكَ الْفَتْرَةِ وَ ما تَلَاها لِبُضْعِ سَنَواتٍ إِنَّ الفنَّانَ الشَّابَّ لَا يَزالُ يَبْحَثُ عَنْ شَخْصِيَّتِهِ الْخاصَّةً فى الْأَدَوارِ الَّتِى لّحنها فِى آواخِرِ الْعِشْرِينِيَّاتِ و أَوائِلِ الثَّلَاثِينِيَّاتِ مِثْلُ ” الْقَلْبُ ياما انْتَظِر ” و ” أَحب أَشُوفَكِ كُلَّ يَوْمٍ ” حَيْثُ الْتَزَمَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِالْقَوالْبَ الْموسِيقِيَّةِ التَّطْرِيبِيَّةِ الْمُتّعارَفِ عَلَيْهِأَ انَذَاكَ وَ لَكِنَّهُ فِيما بَعْدُ بِدأ يَخْتَطِ لِنَفْسِهِ طَرِيقِ الْجُمَلِ الْموسِيقِيَّةِ الْمُوجَزَةٌ الْمُعَبِّرَةً الَّتِى لأَ تَثْقَلَهَا الزَّخارِفِ أَلِلْحَنِيَّةُ الَّتِى كانَتْ تُوضَعُ لِأَبْرازِ صَوْتَ الْمُطْرِبَ ليبدأ عَبْدُ الْوَهَّابِ فى جْعَلُ الْمُوسِيقَى شّخْصِيَّةِ مُسْتَقِلَّةٌ تُعَبر عَنْ الْمعانِى بَدَلاً مِنْ أَنَّ تُوضَعَ بِشَكْلٍ أساسى لَيَتَنَقَّلُ الْمُطْرِبَ بِصَوْتِهِ بِشَكْلٍ لَا يَخْلُو مِنْ الْإِطْناب و التَّكْرارِ و يُذكر أن شَهِدْت الثَّلَاثِينَاتِ دُخولُ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِلَى الْوَسَطِ السِّينِمَائِى و كَانَ لِهَذا أَثَرِهِ أَيْضّاً فى الْأَغَانِىُّ الَّتِى اجْتَهِدِ حِينَها أَنْ تَكُونَ مُلَائِمَةٌ لَرَوْحَ التَّغْيِيرِ الَّتِى بِدأ يَتَبَنَّاهَا هوَ فى مُقابِل الْمدَرِسَةُ الشَّرْقِيَّةِ الْكِلأَسِيكِيَّةِ الَّتِى كانَتْ تَمَثَّلُها أُمِّ كُلْثومٍ مَعَ مُلحنيها مِنْ أَمْثالِ الشَّيْخُ ” زَكَرِيَّا احْمَدْ ” و الْموسِيقار ” رِيَاض السُنْباطِى ” و مِنْ أَمْثِلَةِ ما فَعَلَهُ عَبْد الْوَهَّابِ مِنْ تَجْدِيدِ أَغْنِيَةٌ ” جَفْنّهُ عَلَمِ الْغَزْلِ ” الَّتِى غِناهَا فى فِيلْمَهُ الْأَوَّلِ ” الْوَرْدَةِ الْبَيْضاءَ ” عَامّ 1933مِ و هىَ عَلَى إِيقَاعِ ” الرومبا ” و أَيْضّاً أَغْنِيَةٌ ” سَهِرْت مِنْهُ الْلَيالِى ” فى فِيلْمَهُ الثَّانِى ” دُموعُ الْحُبْ ” عام 1935مِ و هِىَ عَلَى إِيقاعِ ” التانجو ” و مِن وجهة نظر كاِتب هذه السُطور أننا إِذَا قَارَنا هَذِهِ الْأَغَانِىُّ مِثْلَا بِاغَانِ لِأُمِّ كُلْثوم فى أَفْلَامِهِإِ مِثْلُ ” عَلَى بَلَدٍ الْمَحْبوبِ ” و ” غِنَى لِى شَوَى شَوَى ” لَوَضَحَ لَنا الْفَارِقُ بَيْنَ الْمَدْرَسَتَيْنِ الموسيقيتين لِكُلّ مِنْهُما وَ لَعَلَّ هَذا كَانَ سببّأً فِى تأَخُرِ لَقَائِهِما لِعِدَّةِ عُقودٍ مِنْ الزَّمانِ ! لتأتى فترة الْأَرْبَعِينَاتِ فيتجَهَ عَبْدُ الْوَهَّاب بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ عَنْ التَّمْثِيلِ إِلَى أَداءِ الْأغانِى الطَّوِيلَةً نِسْبِيّاً مِثْلَ ” الكرنك ” و ” الجندول ” و ” كليوباترا ” و هِىَ عَلَامات هامَةَ فِى مَسِيرَتِهِ الْموسِيقِيَّةِ أَكَّدَتْ تَوّجُهَهُ نَحْوِ الْمُوسِيقَى التَّعْبِيرِيَّةِ الرَّشِيقَةِ و تَمّكُنِهِ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمعانِى بِجُمَلٍ نَضْرَةَ و انِيقَةِ عَنْ طَرِيقِ تّلْحِينِ الْأَبْياتٍ كَوَحْدَةِ شِعْرِيَةِ و موسِيقِيَّةِ عِوَضّاً عَنِ تَلْحِينِ الْكلِمَاتِ و بَعْدَ أَنْ بَدأَتْ طَبقَاتِ صَوْتَ عَبْدُ الْوهَّابِ فى الانْحِسارِ وَ بَدأَ هَذا الصَّوْتُ الذهبى الرَّنّانَ يَبْهَتُ بِعَضُ الشَّيْئَ عَمَّا كانَ عَلَيْهِ حاوَلَ أَنْ يُجارَى التَّغَيراتِ فى صَوْتِهِ بِاغانِ خَفِيفَةً كانَتْ مُقَدَّمَةً لَاحْتِضانِهَ الْمَوْجَةَ الْجَدِيدَةٍ الَّتِى أَطْلَقَها شَبابَ المُلّحنين فى الْخَمْسِينِيَّاتِ مِثْلَ الطّوِيلِ وَ الموجى و مَعَهُمْ مُطْرِبَ الْمُدَرِسَةُ الْجَدِيدَةٍ عَبْدُ الْحلِيمِ حَافِظ وَ يُذكر أن انْتَظِرُ عَبْدُ الْوَهَّابِ نجاح عَبْد الْحَلِيمِ مَعَ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ هُوَ لِلتَّلْحِينِ لَهُ ( و هِىَ عادَةِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ) وَ حِينَ إِقْتَنَعَ بِأنَّ عَبْد الْحَلِيمِ قَدْ أسِّسَ لِنَفْسِهِ مَوْقِعّاً هَامّاً فِى نَفُوسَ الْجُمْهُورِ أَنْتَجَ لَهُ فِيلْمُ ” بَناتُ الْيَوْمِ ” عامّ 1956مِ و لَحَنَّ كُلُّ أَغَانِىُّ الْفَيْلَمَ لَهُ التى كان أَشْهُرِها أَيَقونَةِ أَغانِىّ عَبْدُ الْحَلِيمِ ” أَهْواك ” أمَّا لِقَاءُ عَبْد الْوَهَّابِ بِأُمِّ كُلْثُومَ فَقَدْ تأَخَّرَ كَثِيرّاً لِعِدَّةِ أَسْبابِ لَعَلَّ مِنْ أَهَمِّهَا تَخّوّفُ الطَّرَفَيْنِ مِنْ الْمَدْرَسَةِ الْمُغايِرَةٌ لِلطَّرَفِ الْاخَرِ و كانَ الزَّعِيمُ عَبْدِ النَّاصِرِ دائِم السُّؤَالُ بِصِيغَةِ التَّعَجُبِ مِنْ عَدَمِ عَمِلَهُما سَوِيّا فى كُلِّ عِيدٍ لِلثَّوْرَةِ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ وَ اسْتَمَرّتْ تِلْكَ الْحالَةِ حَتَّى عَامٌّ 1964مِ حِينَ اجْتَمَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَعَ أُمِّ كُلْثُومٍ فى أَغْنِيَةٌ ” أَنْتِ عُمْرى ” بِتّكْلِيفٍ رسمى مِنْ وَزِيرِ الْحَرْبِيَّةِ انَذاكَ ” عَبْد الْحَكِيمِ عَامِرٍ ” ! وَ بَعْدَ الْنَّجاحِ الضَّخْمِ الَّذى حَصَدْته هَذِهِ الْأُغْنِيَّةَ لَحْنٌ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأُمِّ كلْثُومٍ عَشَرَةِ الْحان فى غَضُونِ تِسْعَ سَنَواتٍ فَقَطْ ! كانَ اخِرَها ” لَيْلَةَ حُبِ ” و هاهية نَجاةِ الصَّغِيرَةِ تَسْتَلِمُ مِنْ نَزارَ قَبَانِىُّ قَصِيدَةٍ ” أَيَظُن ” لتَنْطَلِقُ بِهَا إِلَى الموجى و الطَّوِيلِ اللَّذَانِ يُشْعُِرانِ بِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ التَّحَولِ إِلَى أَغْنِيَةٌ ! لَكِنْ عَبْدُ الْوَهَّابِ تَصَدَّى لَها و لحنها بِبَراعَةِ جَعَلْتها مِنْ أَبْرَزِ الْقَصائِد الْمُغَنَّاةُ فى الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ .. جديرٌ بالذِكرِ أن كَانَ الْحُصولِ عَلَى لَحْنٍ مِنْ عَبْد الْوَهَّابِ لأَىّ مُطْرِبَ أوَ مُطْرِبَةِ يَعْنِى شَهادَةِ جَوْدَةِ مَوّقِعَةِ مِنْ موسِيقَار الْأَجْيالِ و لِهَذَا تَسَابِق كَبارَ الْمُطْرِبِينَ عَلَى غِناءٍ الْحانَهُ لِأَنَّ اسْمَ الْموسِيقَار عَلَى اللَّحْنِ يَضْمَنُ اسْتِماعّاً مِنْ جُمْهُورِ عَرِيض مِنْ مُتذوقى الْمُوسِيقَى و لَكِنْ فِى الْوَقْتِ الَّذِى كانَ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَعْمَل عَلَى أَنْ يَكُونَ جَسْرّاً فَنِيّاً بَيْنَ الشَّرْقِ و الْغَرْبِ نجد بعض الأصوات قد ظَهَرَتْ لتَنْتّقِدْ نَقَلَهُ الْمُباشِرِ مِنْ اعمالٍ فَنّيةٍ غَرْبِيَّةِ بَلْ وَ حَتَّى عَرَبِيَّةِ وَ تّضْمِينِها فى الْحانَهُ دونَ ذِكْرِ الْمَصْدَرَ ! فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ اخِذِ مُقَدَّمَةٌ السيمفونية الْخَامِسَةُ لبيتهوفن وَ وَضَعَها كَمُقَدِّمَةِ لِأَغْنِيَةٌ ” أَحَبُّ عِيشَةِ الْحُرّيَّةِ ” و كَذلِكَ فَعَلَ فِى اعْمَالِ لَاحِقَةِ مِثْلُ ” الجَندول ” الَّتِى اسْتَعارَ فِى مُقَدَّمَتْهَا مُوسِيقَى مِنْ سيمفونية ” شهرزاد لَـ “رمسكى كورساكوف ” و أعْمَالًا أُخْرَى عَدِيدَةٌ مِثْلِ دويتو ” يادِى النَّعِيمِ ” مَعَ لَيْلَى مَرَادِ الَّذِى أَخَذَ فِيهِ قِطْعَةً كَامِلَةً مِنْ مُوسِيقَى ” العَربحية ” لِـ ” سَيّد دَرْوِيش ” ! وَ أيضّاً أغنية يا مسافر وحدك الذى أخذ لحن مقاطعها بالكامِل ! من مُطربة يونانية تُدعى ” صوفيا ” و كَذَلِكَ أَغْنِيَةٌ ” الْقَمْحُ اللَّيْلَةَ ” الَّتِى أَخَذَ مُقَدَّمَتْها أَلِلْحَنِيَّةُ مِنْ مُقّدِمَةِ الْمُوسِيقَى التَّصْوِيرِيَّةِ لَـ ” شارلى شابلن ” !! وَ فِى رَأَى الْبَعْضِ مِنْ النُّقَّادِ فَإِنَّ هَذِهِ ” الْاقْتِباسَاتِ ” تُعَدُّ عَلَامَةِ ضَعْفٌ و مأْخَذّاً خَطِيرّاً عَلَى موسِيقَار وَ مُطْرِبَ عَمِلَاقُ بِحَجْمِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِيما يَقُولُ الْبَعْضِ الْآخَرِ أنَّ كُلَّ هَذِهِ الْأَعْمَالِ لَوْ حُذِفّتْ مِنْ تارِيخِه الفنى فَسَيَتَبَقَّى نِتاجّاً ضَخْمّاً فى الْعَدَدِ و أَصِيلِ فى التَّأْثِيرِ و هُو ما يَضَعُهُ عَلَى الْقِمَةَ بِلَا شَك .. يُذكر كذلك أن كانَ مُوسِيقَارُ الْأَجْيالِ يُعانِى مِنْ فوبيا النّظافَةُ و عَدَمُ اسْتَخْدامِ أغْراضِ آخَرِينَ أَوْ تَعَرَّضَ أشياء لَلِاسْتِخْدامِ مِنْ قِبل أَىّ فَرد فى الْمَنْزِلِ إضافة لمُعاناته مِنْ فوبيا أُخْرَى و هِىَ رُكوب الطَّائِرَةِ إِذْ كانَ يَرْفُضْ السَّفَرَ جَوّاً و يُفْضِلُ الْباخِرَةِ ! و لَكِنَّهُ فِى أَحَدِ الْمَرَّاتِ اسْتَسْلَمَ لِلْأَمْرِ الْواقِعِ و اضْطِرَ لِرُكُوبِ الطَّائِرَةِ لِرِحْلَةِ سَفَرٍ لِلْعِلَاجِ فِى الْخارِجُ و كانَ ذَلِكَ فى اخِرِ أَيَّامِهِ و كانَ ردّ فِعْلِهِ صعبّأً جِدًّا إِذْ قِيلَ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَنْ قِراءَةِ الْقُرْانِ الْكَرِيْمِ مَعَ الْبُكَاءِ الْمُتَقَطِّع ! طِوال ساعاتِ السَّفَرِ ! و كَانَت تُرافَقَهُ زَوْجَتِهِ الَّتِى حاوَلَتْ التَّخْفِيفَ عَنْهُ مَعَ الْمُضِيفَةِ بِالطَّائِرَةِ .. يُذكر أيضّاً أن تَزَوَّجَ عَبْد الْوَهَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الأولَى فِى بِدَايَةِ مِشْوارَهُ الفنى وَ هىَ سَيِّدَةُ تَكْبِرهُ بِرُبْع قرَن ! يُقَال أنَّها اسهمّتْ فى انْتاجِ أول فِيلْم لَهُ هوَ الْوَرْدَةِ الْبَيْضاءَ و تمَّ الطَّلَاقُ بَعْدَهَا بِعَشْرِ سَنَواتٍ ليأتى عامٍ 1944مِ فيتَزَوَّجَ بِزَوْجَتِهِ الثَّانِيَةِ ” إِقْبال ” و التى انْجَبَتْ لَهُ خَمْسَةٌ ابْناءِ هُمْ أَحْمَدُ و مُحَمَّدٍ وَ عصَمَتْ و عَفَتْ و عائِشَةَ و اسْتَمَرَّ زَواجِهِمَا سَبْعَةَ عَشَرَ عامّاًً و تمَّ الطَّلأَقَ فى عامٍ 1957مِ و كانَ زَواجَهُ الثَّالِثَ و الْأَخِيرِ مِنْ السَّيِّدَةِ نهلة القدسى .. يَذْكُرُ أخيرّاً أَنَّ موسِيقَار الْأَجْيالِ قَدْ خُتِمَ حَياتِهِ الْمُوسِيقِيَّةِ بِلَحْنٍ ” أَسْأَلُك الرَّحِيلِ ” لَنُزارِ قَبانِىُّ الَّتِى غَنَّتْهَا نَجاةِ الصَّغِيرَةِ أَمَّا حَياتِهِ الْغنائِيَّةٌ فَخَتَمَها بِاداءِ ” مِنْ غَيْرِ لَيْه ” عَامٌّ 1989مِ الَّتِى كَانَ قَدْ لحَنها لِعَبْدِ الْحَلِيمِ حافِظُ قَبْلَ وفَاتِهِ حيث ظل متواريّاً فى منزله إلى أن أتى عامِ 1991مِ فيتوفى بَعْدَ أَنْ مَلَأَ الدُّنْيا الْحانّاً و غِناءً و شغِلَ النَّاس بموهبة ثَرِيَّةِ ذَكِيَّةٍ عَرَفْتَ كَيْفَ تَتَجَدَّدَ وَ تُعِيد ابْتِكارِ شّخْصِيَّتِها فى كُلِّ الْعُصورِ الَّتِى عاشَتْها كَىْ تَعَيَّش فى قُلوبِ الْجَماهِيرُ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .. رَحِمَ اللَّهُ موسِيقارُ الْأَجْيالِ و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتِهِ و اسْكُنُهَ فَسَيَحَ جَنّاتِهِ .

شاهد أيضاً

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد توفيق الدقن

هو ” شِريرُ السِّينَما المِصرِيّة الظَرِيف ” و ” الشِريرُ الْمُضْحِك ” و ” اللِّصُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: