ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال ففيهم اصدقاء لدي علاقات انسانية وسياسية بهم واعرف مدي اخلاصهم فقلت لنفسي : الصمت افضل .
ورويت للمقربين منهم تفاصيل دعوتي للحوار ورفضي الهادئ حفاظا علي مابيننا ..ولا ادعي افضلية في رفضي ولا تميز علي احد فلكل هجرته التي يهاجر اليها ..ولكل طاقته وقدرته .
ولكن هذا الوجه الفقير الحزين حسم الامر ..وجه احمد بغدودة الذي فر الي امكانية الامل في مستقبل لشاب لديه حلم وامل وموهبة وادوات ومثله كثيرون يتمنون الفرار الي ارض الله الواسعة .
وجه فقير وحزين تشعر انه ابنك او اخوك الاصغر او احد معارفك .
قابلت مثله صغارا في باريس يحملون حقيبة ظهر صغيرة بها عصير وساندوتش وملابس وحذاء ولديهم هدف لبناء البيت المتهالك في قرية منسية ،بنائه بالطوب الاحمر بديلا للطوب النيئ ، او المساهمة في زيجات البنات ، اوحتي توفير وجبتهم وفرشتهم اذا لا قدر الله ولم يصادفهم الحظ .
كان اغلب من التقيتهم يعملون في (البانتيرا) وهي مهنة النقاشة التي لا يقبل عليها غيرنا لما فيها من مخاطر.
واحمد بغدودة ابن اب يعمل علي توكتوك.. لم يحلم يوما بمكتب او سيارة او جهاز تكييف ..لم يحلم الا بالفرصة التي سرقت منه ..سرقها اللصوص فحولوها الي مزيد من المال الحرام الذي ينهش في عظام الفقراء والموهوبين وقليلي الحيلة وعديمي الوساطة والمنتظرين للعدل الالهي في الدنيا قبل الآخرة.
ومع فرار احمد او نجاته كما وصفه -احد الاصدقاء- لم تجد احداهن وهي تحاور الاب عامل التوكتوك سؤالا اذكي من :لماذا هرب احمد !!
نجا احمد واتمني الا يستجيب لنداء والده بالعودة ..لتصل رسالته صفعا واملا ..املا للحالمين بالنجاة وصفعا علي وجهوهنا جميعا متحاورين وقابعين ..آملين ويا ئسين ..غاضبين وفاقدي الاحساس .
رسالة احمد بغدودة :لموا ورقكم ..فلا حوار وطني في بلد لاتكتب فيها النجاة الا بالفرار منه .
رسالة احمد بغدودة :لموا ورقكم فلا حوار مع من قمع وسجن وعذب وافقر ودمر وتنازل وفرط واختلت لديه القيم والموازين فتحدثنا عن (فقه الاولويات )
وهي ليس فيها فقه ولا اولويات لاننا لسنا شركاء في الاصل حتي نكون شركاء في النتيجة والمآل الذي لايصلحه فقه ولا اواويات.
رسالة احمد بغدودة :لموا ورقكم ياكل المتحاورين من اجل حرية نفر ضمن حاوريكم وشركاؤكم السياسيين .. وكفي الله المؤمنين .
لموا ورقكم :ياكل المتحاورين من اجل فرصة البقاء الي جانب سلطة تستطيع ان ترفع الحظر عن حساباتكم المالية في البنوك ..وتقدم لكم امكانية الاحساس بالمكانة والبقاء.
لموا ورقكم : يا كل المنتظرين لرفع اسماءكم من كشوف الممنوعين من السفر والساعيبن لاستئناف التمويل الانترناشيونال.
لموا ورقكم: ياكل الباحثين عن عقد عمل من الباطن او من الظاهر .
لموا ورقكم : يا كل الراغبين في البقاء في المشهد العام بديلا عن حالة العدم والعجز بفعل التقدم في العمر والتقدم في المرض.
لموا ورقكم :يا كل الجالسين في شقق صغيرة تسمونها احزابا من اجل البقاء وكفي .
لموا ورقكم : فاللجان والمقرات والمناقشات والاجتماعات كلها مزورة ..فقد قيل كل الكلام ..ويبقي الفعل .
لموا ورقكم .