الشيخ محمد الطاهر آيت علجت, الرئيس الشرفي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين, الابن البار الذي عشق الجزائر حتى النخاع فبادلته نفس الحب , من مواليد 31 أكتوبر 1917 بتمقرة التابعة لولاية بجاية, كان من الرعيل الأول الذي التحق بالثورة التحريرية مجاهدا وقاضيا شرعيا رفقة طلابه, بعد أن أحرق الاستعمار الفرنسي زاويتهم, التي كانت قاعدة خلفية للثورة وملاذا أمنا للمطلوبين من طرف الاستعمار الفرنسي, والداعية إلى الجهاد وحمل السلاح ضد المستعمر, بحيث سخر ما أتاه الله من علم لخدمة الثورة المباركة, وتبيان ما غم على المواطنين في أمور دينهم ودنياهم, وإرشادهم وتحسيسهم, إلى جانب العمل الدعوي لرص الصفوف وتوحيدها والشدِّ على قلوب المجاهدين وشحذ هممهم قصد تثبيتهم , وفي أواخر سنة 1957 بأمر من العقيد عميروش تم تكليفه بالانتقال إلى تونس والتكفل بمهمة النشاط التعليمي للطلبة الجزائريين, ثم الانتقال إلى ليبيا وبالضبط إلى طرابلس كعضو بمكتب جبهة التحرير الوطني إلى غاية الاستقلال, فكان خير سفير للثورة التحريرية وجيشها الباسل, لما أعطاه الله من رجاحة عقل وسلامة صدر وصبر على الشدائد.
لقد كان رجلا صلبا حكيما, ذو كلمة مسموعة بين طلابه, الذين التحقوا كلهم بالثورة التحريرية منذ انطلاقها, فكانوا شعلة حق مباركة, أنارت دروب الجهاد ووسعت جغرافيته, و باركته بنور كتاب الله المحفوظ في صدورهم, فكان الكثير منهم شهداء للحق وهبوا أنفسهم فداءا ليحيا الوطن, ومنهم إطارات وضباط, سي عبد الرّحمن بن الموفق، وسي جمعة أويخلف ، وسي سليمان أنتوال، و إسماعيل أنتوال وغيرهم من كتبوا تاريخ الجزائر بدمائهم الزكية الطاهرة, وتركوا بصمات تاريخية ماتزال تردد لحد الساعة في البادية والحضر.
بعد الاستقلال
بعد الاستقلال عاد إلى الجزائر ليساهم في ثورة البناء والتشييد, في وقت كانت الجزائر في أمس الحاجة للإطارات, فكان جسرا فكريا ربط بين الأجيال, ليملأ الفراغ الذي خلفه المستعمر البغيض, ليعين كأستاذ للتعليم الثانوي بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة, وبعد ذلك بثانوية عمارة رشيد ببن عكنون, إلى غاية إحالته على التقاعد سنة 1987, بعدها ارتأت وزارة الشؤون الدينية أن لا تستغني عنه, فعاد إلى العمل الدعوي والنشاط المسجدي في الوعظ والإرشاد, علما أنه من المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية في الجزائر, ورئيس اللجنة الوطنية للفتوى, ورئيس لجنة الأهلة والمواقيت الشرعية بالجزائر.
مساره التعليمي:
لقد حفظ المرحوم القرآن العظيم في مسقط رأسه وهو في سن الحادية عشر من العمر, بزاوية جده الشيخ يحي العيدلي, ودرس في نفس الزاوية وزاوية سيدي أحمد بن يحيى أومالو, مبادئ العلوم العربية واللغوية, ثم انتقل إلى زاوية بلحملاوي في العثمانية, أين تمكن من الفقه وعلوم اللغة والأدب والرياضيات, وحضر دروس الشيخ أبن باديس بقسنطينة, ثم عاد إلى ثاموقرة, أين تفرغ للتعليم والتدريس والإفتاء
من مؤلفاته نذكر :
ـ مختارات سلسلة شرح الموطأ.
ـ شرح ترتيب الفروق.
ـ شرح متن الرحبية.
ـ شرح كتاب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله.
ـ شرح متن الرسالة إلى باب الضحايا.
ـ مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث ومواقفه عبر مسيرته الجهادية الرائدة.
ـ تسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني.
ـ تقريظ لكتاب ملتقى الأدلة الأصلية والفرعية الموضحة للسالك فتح الرحيم المالك تأليف الشيخ محمد باي بلعالم, إمام ومدرس بأولف ولاية ادرار.
وفاته:
التحق الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت بخالقه, عن عمر يناهز 106 سنة أمسية الثلاثاء 13 جوان 2023 بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة, بعد إصابته بوعكة صحية وتدهور حالته, وتم دفنه بمقبرة عيسات إيدير ببني مسوس.