محمد موسي يكتب :الناجون من المقاولات

شغلانة الهندسة و المقاولات شغلانة بهلوانات و خصوصاً مع الجهات الحكومية ولا تخلو من مخالفات شرعيه …. مشروعه في عرفها …!!
فالناجون من ذنوب المقاولات الكثيرة لا أظنهم أكثر من العُشر … و العشر كثير … و لولا أنني كنت منهم لقلت لا أحد …!!
و الذنوب في المقاولات ( من وجهة نظري ) ليست فقط الغش في مواد البناء ولا السرقة فيها ، رغم أن ذلك حادث و مفروض فرض … لمطاطية و رحابة المواصفات ، و عدم عدالة العقود ، ولا منطقية الأسعار ولا تكافؤ الفرص ، و كذلك وجود أعراف في المقاولات و الهندسة إرتقت إلى نظم و مسلمات …
لكن كوني اعتبرها ذنوب لأنه لا يتم مكاشفة الرقباء بها … فما تخفيه لا شك أنت أول العالمين بالمخالف فيه .
ولا يوجد مقاول ( ولا مهندس مع الأسف ) قد إمتدح موضف حكومي له عنده معاملة أو مهندس آخر يشرف عليه أو مسئول في جهة ، و هو متيقن أنه يكذب ، و قد يصفه بالشرف و الأمانة و هو يعلم أنه مرتشي .
و ما من مقاول أو مسئول في شركة مقاولات لم يشترك في عملية رشوة بأي صورة من الصور ، من رشاوى مادية إلى ( هدايا ) عينيه ، أو حتى رشاوى نفسية بمدحه ذكاء غبي أو ذكره شرف حرامي و هو يعلم .
من المقاولين كثير صالحين في ذاتهم ملتزمين بدينهم قد يكونوا ملتحين أو زبيبة الصلاة تحتل نصف جبهتهم ، مواظبين على الصلاة فعلا و يخرجون زكاة أموالهم حقاً ، يعتمرون كل عام ، و حجوا إلى بيت الله الحرام ربما عشرات المرات ( هم فعلا مثال للصلاح ) …. لكنهم لم ينجو من كل ما ذكرت ( أقول كل ) سواء باشخاصهم أو بوكلائهم ( و بعلمهم ) …
و العجيب أن من الفاسدين المرتشين ( الجانب الآخر ) من هم في ظاهرهم بما وصفت به بعض المقاولين و المهندسين من تقى و ورع .
أذكر يوماً عندما كنت مقاول و في أحد مشاريعي ، حضرتنا الصلاة ، و كان إمامنا مرتشي و أنا أعرف ، و المصيبة أن تقديمه للإمامة ( و الإصرار عليها ) كانت هي في ذاتها رشوه …!!
و مع الأسف و حتى لا يظن ظان أنني متحامل على غيري أو أنني شخصياً أدعي السمو و العصمة و الملائكية ، فإنني أمضيت من عمري عقوداً في ذلك المجال بين كوني مهندس مسؤول و مهندس مراقب ( استشاري ) و مقاول و مدير مشروعات بشركات مقاولات كبيرة …. و رغم أن الله أعلم بأنني كنت اتحرى أقصى حدود الحلال ، إلا انني لا شك نالني بعض ما ذكرت …. و أسأل الله التوبة و العفو و الغفران و السلامة .
و هذه القصة الطريفة من طرائف ما سمعت في بهلوانية المقاولين ….
كان فيه مقاول واخد أعمال سنويه ( يعني المعني بتنفيذ أي أعمال صيانة بسيطة مستعجلة لمدة سنه ) في وحده محليه كان رئيسها كبير عائلة محترمة و شيخ عرب و مشغلها عافيه و بالطلاقات و الإحراج و الخواطر …
كان فيه مشكلة صيانه مستعجله و عليها وجع راس وصلت للمحافظ ، حاولوا يتصلوا بالمقاول و لم يجدوه لمدة خمسة أيام ، في كل يوم يشتعل غضب ( الحاج حسن ) مدير الوحده و يتوعد المعلم ( محمد ) المقاول …
حتى ظهر المعلم محمد ، و قابله مدير مكتب الحاج حسن يعزيه فيما سيلقاه من جحيم غضب الحاج حسن … بسبب كذا و كذا و كذا …
دخل المعلم محمد مطأطئ الرأس يلقي التحية على الحاج حسن الذي صاح فيه تهديدا و وعيدا …
= كنت فين ياد يامحمد و احنا دايخين عليك … دا انا هخرب بيتك و أخليك تبطل الشغلانه ، زي ما أحرجتني و خليت رقبتي زي السمسمه قدام الباشا المحافظ …
* ظروف و الشديد القوي يا حاج و حضرتك ابو الأصول و الواجب و سيد العارفين
= حصل لك مصيبه ولا حد عندك مات
* لأ … اتولد يا حاج … كنت جنب المدام من أسبوع … كانت حالتها صعبه لحد ما وضعت بالسلامه
= هاااا و حابت أيه ياد
* دكر … ولد زي القمر يا حاج … و سميته حسن … حسن يا حاج حسن .. على إسم تاج راسي حضرتك يا حاج
تهلل وجه الحاج حسن فرحا و عدل من ثيابه فخور بذاته و قال له
= راجل يا معلم محمد و عرفت تخلف
انتهى التوتر و ساد الحوار الودي
بعد أسبوع المعلم محمد اشترى الفول السوداني و الحمص و الشيكولاته و كيس الأكياس و قرطس القراطيس و عمل سبوع للفارس ( حسن محمد ) و وزع على موظفي الوحدة المحلية كلها ، و خص الحاج حسن بنصيب الزعيم …

المهم …
لم يكن في بيت المعلم محمد أي طفل إسمه ( حسن ) … و لم تلد زوجته … و لم تكن حامل من الأصل …

المقاولات فن النصب …!!

شاهد أيضاً

نور الهدي زكي تكتب :من احمد بغدودة .. الي المتحاورين الوطنيين : لموا ورقكم.

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال ففيهم اصدقاء لدي علاقات انسانية وسياسية بهم واعرف مدي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: