١
لم أكن بعد كافيا لاختراق المجاز في ذهن القصيدة … أحرقتها في فرن المعنى و معنى المعنى و تاويلات شاردة بين قصة الحقيقة و مسرحية بلا نهاية … كان صديقي الذي يدون التاريخ على مقربة من الأحداث يقول لي كلما نفذ الضوء من غرفته و دخل عتمته الغريبة اراك نبيا على هودج بلا قوائم تنثر الشوك حولك ليتبعك العابرون …أولئك الذين اضاعوا ارجلهم في حروب سابقة من اجل سلام لم يتخطى هوامش القصيدة … و كنت اقلب الرماد بين السطور من حين الى اخر و هو يدخل في شرح طويل عن اعناق بلا اسماء و عن اجساد تتناوب الرؤوس علني أصل الى نبيه الذي يتحدث عنه …
٢
كانت الساعة تشير الى مدائن الملح و النصف و كان الهواء مشبعا برائحة البحر و الأمنيات … هكذا قال الصياد الذي رمى بشباكه الى الماء و لم ينتظر عودته … قلت كان عليك ان تمسك بطرفه و حين تحس بثقله تجدبه اليك و تخرجه من الماء … قال و الاسى يشق فتحة عينيه ذاك ما كنت افعله كل يوم لكن شباكي لم يمسك الا بغرقى بصقوا على وجهي ثم عادوا الى البحر …
٣
قال صديقي الذي يدون الأحداث ان الجهات الأربعة غير واردة في رسالة النبي و ان الارض مربعة الهندسة و التمدد عموديا هو الخيار الوحيد لهودج لا يحمله بعير … كنت قرب الموقد ادخن ما احرقت من قصائد في تلك الليلة المظلمة… و كنت اتتبع تلك الحروف المشتعلة امامي و الريح يراقصها بجنون … كنت انظر الى السماء ايضا كطفل يظن ان الله هناك فقط و بعض اموات تمددوا عموديا باتجاه معاكس فسقطوا في البحر …
٤
و ماذا عن الأمنيات ؟ لم ينظر الي ، كان منهمكا في ترقيع شباك جديد يرميه في البحر كعادته و ينظر اليه حتى يختفي… لكنه أشار بيده الى سلة سمك فارغة و قال لي بصوت يائس ماذا ترى ؟ قلت لا شيء ، قال اقترب منها اكثر ربما يظهر لك شيئا . انحنيت و رفعتها بين يدي و قلت له اشم رائحة سمك لا غير … ابتسم الصياد كانه كان ينتظر ان يسمع ما قلته له و قال لي و هو ينظر الي اخيرا استبدل عينيك بأنفك لترى ما لا يرى و ليس كل شيء بالعين يرى …
٥
لم ار في نفسي ذاك النبي الذي يتحدث عنه صديقي فانا مجرم قصائد بامتياز و لست مكتملا بعد لاختراق المجاز في ذهن القصيدة لكني اقتنعت بشوكي المتناثر حولي و حول هودج أعرج لن يبرح مكانه و فهمت ايضا في ساعة متاخرة من مدائن الملح ان السلة كانت تفيض بأماني الهاربين من هوامش القصيدة و ان الجهات الستة في مربع هذه الارض يحتمل اكثر من وجه للحقيقة …