القصيدة .. هروب من الأفيون إلى الأفيون .. رؤية للشاعر : أحمد جاد مصطفى

 

 

… أنثى من مدن المعقول واللامعقول ـ خطف واستيلاء يقصيك عن وعيك ـ إنها الهروب وكل القيود ـ هادئة لدرجة الغياب ـ ناعمة ولكنها الزلازل ـ نائمة ولكنها البراكين ـ طيّعة إلى حد فقد الإرادة ـ عصيّة إلى حد الكُفر ـ تنكرك وكأنك لست صانعها ـ لا تملّك إلا إذا مللتها ـ خلابة حينما تريدك ـ تذهلك حينما تفتش في أسرارها ـ اعتقال إرادي حنانها وأحضانها ـ وحينما تنقّب في كيانها تتيحك لها وبغير حدود وكل عفوية ـ فتشرب من لبنها ومن عسلها وخمرها الأليف ـ بين مباهجها لا تسمع سوى همسها الساحر وتلاحق أنفاسها والذي يخضعك إلى درجة العبودية في مقابل أن تقبض على لحظتها الراهنة لتسكب داخلك أنآها الملكي الملائكي …

فحاذر أن يصعدها الترهّل فيضرب السّقم خصوصيتها وطازاجة ملامحها وحدود سفرها فتسّاقط في التّيه ممزقَة دلالتها ونمنماتها الفريدة المتفردة ..

لا تساومها على شكلها ولا توجّه حالها دعها تقول ما تريد ولا تتدخل في عطاءها .. إن جاءتك تبكى تباكى معها وعلى طريقتها وإن جاءتك تضحك تضاحك معها وعلى طريقتها أيضاً .. لا تحددها في كينونة ـ ما ـ ستقصيك عنها ببرود فج لتسقط في شتاتها فلا تعطيك ولن تعرف كيف تأخذ منها ..

لا تلحّ في طلبها حتى وإن غابت .. تمهّل فسوف تراها أمامك ودون سابق وعد لتقتضيك من جديد افتح لها مخزون وجدانك .. افتح لها ينابيع قلبك لتشرب من كينونتك ومن طبعك وطبيعتك دعها تتلبسك تتقمّصك لتكتبك على مرادك مباهج داهشة وعلى قدر انفعالاتك .

واعلم أنها الحيّة الميّتة .. الباردة المتوهجة .. أفيونك الهمجي وقوتك الصّاخبة وميلادك المتجدد دوماً وكل مسافاتك المقبلة .. وأيضاً هي القاتلة الهادئة .

…………………………………………..

هامش :

القصيدة حالة تنتاب الشاعر … حالة وجدانية تركن إليه وتستوقفه لصالحها فإن لم يتلقفها بسرعة هربت منه بكل بساطة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.