عادت من عملها مجهدة كالعادة . جلست على كرسيها المفضل لتستريح قليلاً ثم دخلت غرفتها لتبدل ملابسها وتزيح عنها عناء يومٍ طويل .
وقف امام المرآة . خلعت غطاء رأسها وامسكت بالمشط . وبدأت تمشيط شعرها فى هدوء وهى تأخذ نفساً عميقاً مع كل حركة للمشط على شعرها . كانت مغمضة العينين رغم وقوفها امام المرآة وبعد قليل فتحت عينيها
واخذت تتمعن النظر فى المرآة وكأنها لا تدرك ما تراه . تفتح عينيها وتعود وتغلقها . وتدقق النظر شيئاً فشيئاً
نعم ان ما رأته فى المرآة كان واضحاً صريحاً :لا تستطيع ان تنكره فقد رأت شعرة بيضاء ظهرت
لم يصيبها الذهول الذى يصيب البعض . ولم تفزع من شئ ،ولم تندم على عمرٍ قد مر منها
اخذت تسترجع سنين طويلة مرت. بحلوها ومرها. تتنهد احياناً . وتضحك احيانا ً .، واحياناً أخرى تهرب من عينيها دمعة . فتسارع بمسحها فى هدوء رغم ما فى القلب من ألم الذكرى إلا انها تعود سريعاً لابتسامتها التى لا تفارقها
اخذت تتفحص ملامحها وتضحك فلم يصيبها تغييرُ كبير . فملامحها مازالت طفوليةً جميلة .إذا نظرت اليها ابداً لن تعطيها سنها
فرغم مرور هذا العدد الغير قليل من السنين الا ان قلبها: قلب طفل. وعقلها فقط هو الذى يزداد خبرة ونضوجاً يوما بعد يوم
تابعت بابتسامة تمشيط شعرها وتركته منسدلاً على ظهرها واحضرت بعض الورود وزينت شعرها فبدت طفلة رقيقة عذبة الملامح
ودار فى عقلها حوار بسيط . ماذا افعل بتلك الشعرة البيضاء هل الونها ام اتركها كما هى ؟! وماذا لو زاد عدد الشعر الابيض يوما بعد يوم ؟!
لم يدم التفكير طويلاً وكانت الاجابة سريعة . لن الونها سأتركها بيضاء هكذا وكلما زاد عدد الشعر الابيض سأتركه هكذا
فالشعر الابيض فى رأسى سيزيد من ثقتى انى ازداد جمالاً وطفولة
فلون الشعر او عدد السنين لن يجعلنى اشعر بالكبر والعجز
بل سيزيدنى اصراراً على الحياة بمنتهى الطفولة والقوة والتحدى لكل الظروف
فلن يهمنى ولن تقتلنى
الف شعرة بيضاء