السفر الاول
رحلة السماء إلى بطن ميت
سرّي في المدى يهرول
خلف صرخة تنادي
قلم ينادي
تأتي رسائل بذكره
يسمع من يناديه
الجدران تئن والعظام عطشى
القضبان تحن والأجساد منفى
يتثاءب الأمل في غرفة ويشقى
نافذتها الخربة تردد على مسامعه أهوال التلاشي والفراق
أصداؤه تزف سرب اللهاث لعائد من القبور نحو ما لا يطاق
أسمع من يناديني لكني أشيخ الآن
ينكسر القلم على يدي يحرقني حبره
يرنو إلى بطن ذلك الميت
يحتفي دمعه بالذكرى الجاثمة على صدره
فينجب كفين من أنقاض جدي
وفم كتنهيدة أمي في الشتاء
أبتاه.. لا أراك هنا في هذا المساء
أسمع من يناديني ويعصرني النداء…..!
السفر الثاني
القلب كاد يحترق
صوت من دم وطين
سحابة نبية والسماء هي السماء
تلمح ظل رعد أسود يفتك بهشاشة الملائكة
آخر إصبع يتشهد
لعبة تتنفس التراب… هذا سجني الكبير
عروسي تحب رقصة الفجر أحيانا
وغناء الفراشات أحيانا أخرى
تبحث عن الكنز المختبيء بين أضلاعي
هل أقدُّ خريطته أم أشق ثيابي؟!
عارية أصير
من يثأر لحيائي
مسجونة أنا بقضبان من صدى
كلما صرخت عاد التاريخ إليّ متلاشيا
فتحرجه ملامحي وحدود جسدي
يراني الجميع عارية والسماء كما هي
الريح عطر أحمر عفن
وبائع الموت يدون الأسماء
بين يديه رصاصة وكفن
بكاء وزغاريد ومطر وشجن
رايات صفراء وخضراء وسوداء
هتافات شهيد… شهيد
كفنوه .. احملوه على التابوت
الليلة عيد
لمن بيت العزاء..؟!
قوافل القيامة تصارع الفردوس
أبتاه..
لم أبع يوماً تذاكر الموتى للنسيان
لكن من يثأر لهؤلاء…؟!
جسدي العاري أم الهباء……. ؟!
السفر الثالث
رسالة أخيرة لك ولنافذتي الحبيبة
أنظر لعروسي المستحيلة
أُقنعها بأن تلبس الأبيض وشال الزعتر في عرسي
بيتي من دمع وألم
وألف غربة للسجين ابنة الحزين
أُضيف إلى موته الثاني على انتحاري الأول
أبتاه..
لست وحدك في قبضة السجان
إن أتاك صادقا فلا تبكي
وإن أتاك كاذباً فلا تركع
نضج جسدك من الجوع والعذاب
أراهم يعصرونك إليّ
وألف عين في وجهك تبصرني :أنا المشتاق
لست المستباح
انظر لعروسي مر الشفق بجانبها كالمختال
هناك أنت..
لست ميتا
لست في الأنقاض وحدك
لست بين الموتى لتصبح عابراً
أنت فكرة نمت على ظهر يقيني
إنه وعدي ويكفله آخر حجر في جسدي
خلف ظهري جدار من جوع
وأمامي الأرض التي أنتظرها
فيها ماء وأسماء
وفيها أنت..
ارمِ شباك جسدك مرة
واصطادني فيك سؤال
أنا الطُعم لا أنت
والأسماء أشباه الجواب…!
عد لي يوما واقنع مسائي
بأنني ميتة وميتة وألف ميتة منذ ذلك الحنين
وأبناء معجزتي يكبرون
بخمس أرغفة ورصيف
تكفي دموع أمي وأخوتي والحشود
أبتاه ..
لا أراك إلا هنا كابتسامة الفجر في ثغر يتيم
عرق المآذن في آب
نبوءة كف ومقلاع
صليب على وشك أن يلد مسيحا آخر
قشعريرة ثدي كاد أن يرضع البندقية
تمهل الربيع والموت واقف
فلتمطرنا الصواريخ والقذائف
وما يشاءوا من حرب وانتقام
سينسون من أنت؟
من أنا؟
سينسون عروسي وشال البرتقال
روحي وجنازة الجيران وخريطتي
سينسون أنني ابنة ذلك السجين
سينسون جوعي وأبناء معجزتي
وسيذكرني السجن والمخيم……والجدار
ولن تلفظني الارض في يومها /الذكْرى والتّذْكارُ….!