هو واحد من الأجانب الذين وفدوا إلى #مصر، فعملوا فيها وخدموا الشعب المصري، فحفظَ الشعب لهم هذا الوفاء، وخلّدهم وأقام لهم التماثيل، وأطلق أسماءهم على أهم شوارع#مصر.
وإذا ذكرنا اسم مستشفى قصر العيني، أو تحدثنّا عن كلية الطب فإنّ أول ما يتبادر إلى الذهن، اسم كلوت بك، الطبيب الفرنسي الأصل الذي ارتبطَ به هذا المستشفى كمّا ارتبطت بإسمه أول كلية للطب في #مصر والشرق.
ولدَ كلوت بك في مدينة جرينوبل الفرنسيّة عام 1793، أيّ بعد 4 سنوات فقط من اشتعال الثورة الفرنسيّة. ولدَ لأبوين فقيرين، وتعلم الطب وحتى يدبر تكاليف الدراسة، عملَ ك «صبي حلاق» في مرسيليا. وعندّما أتم دراستُه عُينَ طبيبًا ثانيًا في مستشفى الصدقة في مرسيليا. ثُم عملَ طبيبًا حرًا إلى أنّ تعرف على تاجر فرنسي كان محمد علي باشا قد كلفهُ بالبحث عن طبيب للجيش المصري.
وهكذا جاء كلوت بك إلى #مصر عام 1825، فعهدَ إليه محمد علي بتنظيم الإدارة الصحيّة للجيش، والتي كانت قد أنشئت قبل ذلك بخمس سنوات. وصدرَ قرار بتعيينه رئيسًا لأطباء#الجيش، وجاءَ قرار تعيينه هكذا: «يُعين الحكيم كلوت بك مُفتشًا لعموم الصحة بديوان البحرية والجهادية».
ومع عصر «الردة» أيام عباس الأول، اضمحلت مدرسة الطب في قصر العيني فتركَ كلوت بك #مصر، وعادَ إلى فرنسا، ثُم في عهد سعيد باشا تم إغلاق المدرسة وتوزيع طلابها للعمل في #الجيش، ولكن سعيد باشا قررَ إعادة فتحها بعد ذلك. فاستدعى كلوت بك من فرنسا وأعيد فتح المدرسة في احتفال كبير، عام 1856.
وإذا كانَ كلوت بك لهُ تمثال نصفي في كلية الطب، فإنهُ ضمن خطة شقّ الشوارع العصرية التي أشرف عليها، على باشا مبارك، في زمن الخديوي إسماعيل. وتقررَ عام 1872 شقّ شارع يربط محطة السكة الحديد بالأزبكية، وليربط شارع محمد علي بالقلعة. وأطلق على هذا الشارع اسم كلوت عام 1873.
وأصبحَ شارع كلوت بك محورًا رئيسيًا للمرور، ومُدَّ فيه خطّ للترام وبُنيت البيوت على جانبيه على طراز البواكي لحماية المارة والمحَال. ولكن تحَول الشارع بعدها إلى منطقة للبغاء عندّما كان مسموحًا به رسميًا قبل أنّ يلغى نهائيًا في نهاية الأربعينيات.