بعض الحياة موت….نص أدبي للكاتبه فاطمه الجزائريه

سماء ديسمبر تكحل عينيها لفرط ما بكت، و تنسى أن تمشط شعرها الرمادي الطويل فيمكث تخثر الاحلام بوجهها و يرتفع للأمل ضغطه. أليست شمس حزيران تحرق أرواح من رحلوا الى السماء لينثر كانون الأول رمادهم الأزرق فتنتعش الأرض و أهلها بغيث يحمل عطر حياة تجددت بهم دورتها.

لدينا من الحطب ما يكفي لتخصيب هذه الليالي الباردة تقول أمي و بذا سنكون الستة المبشرين بالجنة و هي تتنفس صعداء الهم و تغتال تنهداتها قبل أن تبلغ مسامعنا،و بالملعقة الجدة كما كنا نلقبها أوان المرح تحرك ما في القدر من أرز و حليب،فرحين بما كان يجود به الحليب علينا من عبق الأمومة حين يعانق لنار الحطب فحيحها الخالي من ناقع العدم، معلقين آمالنا بأن يدوم وجوده و يزول لمطبخنا عقوقه يوما،
تتأرجح الدقائق شبه ثملة متدحرجة بحرج نحو الخامسة مساء كراقصة تجر أذيال عار لا تملك منه غير الأنس به، كلنا في المنزل الذي يتربص به الواد المتاخم لظهره بأن يقصفه لو صهلت لذا الشتاء خيوله، بل كلنا في غرفة واحدة لعلنا نغرف من الدفء ضعفه كما تردد أمي فحكمتها تخفف للغياب غدره.
محيطين أنا و إخوتي بطاولة خشبية،ليلية اللون تجعلها دفاترنا البيضاء تعرف أن لليل صاحب ملازم،النور خلقه الوحيد لولا طفرات قدرية ،تشرق شمسه بيننا دائمة الابتسام قليلة الكلام،نرسم للحناء وشمها الربيعي مادين أيدينا لصرة الحظ عل بها لنا سهما من حناء و فرح.
و من دون سوابق فاجأنا الباب صارخا كعادته،
باب منزلنا قليل الكلام يغلب على طبعه الصمت لذلك كان لا يتقن الا الصراخ ان دغدغ أحد صدره،حاولنا مرات عديدة تخفيف جزعه بأن دهناه بصبغة زرقاء آملين أن ينال من السماء الألفةو الانتماء،لكنه ظل عابسا لا يستجيب.
و كان دوري في إغاثته فخرجت أغذي الخطو مستجيرة بالجدار من عدوانية قطرات المطر التي تتعمد صفعي و تقبيلي و من حسن الحظ الذي نادرا ما يكون كذلك كان الرواق فتي الطول.
و ما ان فتحت الباب حتى رفض المنظر بعتبته الاستقرار على كف المنطق رغم إنطلاق أنفاس بعمر شهقات من أفواهنا الثلاثة لتتصافح للشقاء أبخرته على عجالة.كان الطارق فتاة لم تتجاوز سنواتها الثمانية رفقة طفل يبدو بجلاء لا يستعين بأي فراسة أنه أخ لها يصغرها بثلاث سنوات أو أكثر..
لكن المفاجأة البكر هي أنهما متسولان، بقسمات غادرة للبراءة و عيون تمنح للحياة براعة جرمها العاري من عزم القصاص…

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.