د.مجدي الداغر يكتب ….العالم كله يراقب الفيس بوك حتى مصر .

على الرغم من تعدد وتباين أشكال الرقابة التي تم فرضها من قبل الدول المختلفة على تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة من فيسبوك وتويتر ويوتيوب وواتساب والإنستجرام وغيرها ، إلا أن جميعها اشتركت في تحقيق هدفاً واحداً وهو حماية مجتمعاتها من خطر الممارسات الإرهابية، ففي ألمانيا مثلاً وهى إحدى الدول التي عرفت بأنها راعية للحريات في العالم نجد أنه وبعد اكتشافها لتجسس أمريكا على برلين أعلن جهاز المخابرات الألماني أنه يعتزم إنفاق١٠٠مليون يورو على توسيع مراقبة الإنترنت ،كما نقلت كل من صحيفة ” زود دويتشه تسايتونج” و”شبكتا إن آر دي” و”دبليو دي آر” الألمانيتين تقارير إعلامية مفادها إن القطاع الخارجي بأمن الدولة سيراقب مواقع توتير وفيسبوك وغيرها خلال الزمن الحقيقي- أي خلال الفترة التي يكون فيها رواد هذه المواقع أمام أجهزتهم يمارسون عملية التواصل – كما ذكرت شبكة ” دويتشه فيله”الألمانية: أن وزارة الداخلية الألمانية تسعى لاستثمار١٣٠ مليون يورو لزيادة فعالية الرقابة على الإنترنت منعاً للنشاطات الإرهابية التي تتوزع على أكثر من ٤٥٠٠ موقع ، وفى نفس السياق كشفت صحيفة “جارديان” البريطانية في تقرير نشر في يونيو ٢٠١٣م أن الحكومة الأمريكية أبلغت شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصال العالمية بالبرنامج الحكومي الخاص بالرقابة على بعض البيانات على شبكة الإنترنت ومنها الرقابة الحكومية على المحادثات الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ويتيح البرنامج الرقابة على الرسائل القادمة من خارج الولايات المتحدة على موقع ” فيسبوك” ومحرك البحث “جوجل “كما نشرت صحيفة ” واشنطن بوست” الأمريكية في أغسطس ٢٠١٣ تقريراً كشفت من خلاله أن وكالة الأمن القومي الأمريكي ومكتب التحقيقات الفيدرالى يتنصتان مباشرة على الحواسيب المركزية الخاصة بتسع من شركات الإنترنت الأمريكية العملاقة بحجة مواجهة الإرهاب، وأوضحت أنها تستخرج بيانات صوتية من خلال الفيديو والدردشة التي تتم بين المستخدمين، والصور، ورسائل البريد الإلكتروني، والاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت، وحفظ سجل الاتصالات، مما يتيح لمحللي الاستخبارات الأمريكية مراقبة وملاحقة أهداف أجنبية يشتبه في كونها أهدافاً إرهابية، ولم يختلف الوضع في المملكة المتحدة ؛ حيث دافعت “الملكة إليزابيث” عن حق الحكومة في تشديد الرقابة على الإنترنت لمواجهة الأنشطة الإرهابية، وقد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في أبريل ٢٠١٢ أن الحكومة البريطانية ستتقدم بمشروع قانون للرقابة على الرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة الإرهاب والتهديدات الأخرى في عصر وسائل التواصل الاجتماعي ، ولم تبتعد الصين عن هذا السياق حيث قامت الحكومة الصينية منذ يوليو ٢٠٠٩ بحجب مواقع “فيسبوك ويوتيوب وتوتير “بعد اشتباكات وقعت بين الشرطة ومواطنين في مدينة ” أورما تشى”، ومنذ ذلك الحين تفرض الصين رقابة صارمة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن بدأت مجموعات إرهابية تنشر فيديوهات لكيفية صنع متفجرات، وبالفعل أعلنت السلطات في مايو ٢٠١٤ تفكيك ٢٣ خلية إرهابية تمت متابعتها على مواقع الإنترنت وتبين من هذه المتابعة أنهم كانوا يتبادلون خبرات صنع المتفجرات من خلال غرف الدردشة والرسائل النصية ، أما روسيا فقامت باتخاذ سلسلة من الإجراءات الصارمة على الإنترنت لمواجهة الإرهاب بدأت منذ أبريل ٢٠١٤ ؛ حيث نشرت وزارة التربية الروسية مشروع قرار حول حماية المدارس من الإرهاب عبر فرض رقابة على الأنشطة الإلكترونية للطلاب، ويسمح هذا المشروع للمسئولين عن المدارس والجامعات تحليل المواقع الإلكترونية الخاصة بالطلاب والعاملين في المدارس ،وكذلك وضع ملفات خاصة بهؤلاء الذين يتجهون إلى انتهاك القواعد، وينص مشروع القانون على وجوب مراقبة المسئولين للإنترنت باستمرار بهدف جمع المعلومات حول الأنشطة الإرهابية في مناطقهم، كما يرغم هذا المشروع أصحاب المواقع الإلكترونية والشركات التي تقدم خدمات الإنترنت على حفظ المعلومات الخاصة بالمستخدمين لمدة ٦ أشهر، كما فرضت تركيا رقابة صارمة على الإنترنت بعد كشف فضائح الفساد في ١٧ ديسمبر ٢٠١٣، وانتشار تسجيلات صوتية تكشف فساد رئيس الوزراء التركي ” طيب أرد وجان” وأسرته وعدد من كبار مسئوليه؛ حيث حجبت مواقع ” فيسبوك وتوتير ويوتيوب” وتجاهلت الحكومة التركية انتقادات وتظاهرات المعارضة كما تجاهلت حكم المحكمة الدستورية العليا الذي اعتبر الحجب انتهاكاً للحريات ، ومع تزايد موجات العمليات الارهابية في الوطن العربي زادت المملكة العربية السعودية من رقابتها على الإنترنت خاصة منذ صدور الأمر الملكي الخاص بمواجهة الإرهاب في فبراير ٢٠١٣، والذى أشار إلى أنه يلاحق بتهم الإرهاب كل من يدعم الإرهاب حتى لو بالكتابة ويشمل ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وبالفعل أعلنت الداخلية السعودية في مايو ٢٠١٤ تفكيك خلية إرهابية تمت متابعتها وكشفها من خلال تتبع مواقع التواصل الاجتماعي ،كما قامت جمهورية مصر العربية باستحداث نظام جديد حاليا تحت مسمى “رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي ومنظومة قياس الرأى العام “ويهدف هذا النظام إلى رصد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجماعات الارهابية، وقد أوضح وزير الداخلية أن النظام الجديد يمكن الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من رصد المخاطر التي تكون شبكات التواصل الإجتماعى مجالاً لتداولها، وذلك من خلال استحداث أنظمة تيسر عمليات البحث الموسعة عبر تلك الشبكات في كل ما من شانه مخالفة القانون والتحريض على العنف وإشاعة الفوضى ونشر الفتن في المجتمع، مشيراً إلى أن النظام الجديد سيقوم في جوهره على عمليات الرصد والتحليل وإجراء مسح دوري واستطلاع للرأي للتعرف على قدر تأثر الشباب بالأفكار الهدامة التي تتناولها وتتداولها شبكات التواصل الاجتماعي.
وعلى مستوى قانون تنظيم الصحافة فى مصر يجمع القانون الجديد فى العقوبات بين مهنة الصحافة وصفحات التدوين الحر على شبكة الإنترنت ، حيث ينص القانون على أحكاماً رادعة بالحبس والغرامة على المدونين على شبكات التواصل الإجتماعى من فيسبوك وتويتر وانستجرام وواتساب وغيرها ، وتكون وزارة الداخلية هى الفاعل الرئيسى فى المراقبة ومتابعة ما يتم كتابته على شبكة الإنترنت من هواه لا علاقة لهم بنقابة الصحفيين أو مجلس تنظيم الصحافة والإعلام ، وكذلك القبض على المتجاوزين منهم بالكتابة أو الصور أو مقاطع الفيديو أو بالتعليق بأى شكل من أشكال التدوين الإلكترونى، وذلك باعتبار المدونين وأصحاب صفحات الفيسبوك والواتساب وتويتر وغيرها يمارسون عملاً إعلامياً يطالعه المئات والألاف وربما الملايين من الناس ، واعتبار هذه الصفحات وسيلة من وسائل الاتصال والإعلام الجديد ينطبق عليها ما ينطبق على وسائل الإعلام المعروفة من صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تليفزيونية أرضية وفضائية ومواقع الكترونية مختلفة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.