رؤى ومقالات

إلهام الجعفر الشمري  تكتب :التعليم المتقدم .. إلى أين ؟ 

الحديث عن التعليم في عصر التقنية أصبح جزءً لايتجزأ من الحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي والعلمي 
لكونه ينمو من منظور شامل ومتكامل. ولانتحدث هنا عن أي تعليم بل التعليم الحديث الذي يعتمد على 
استغلال طاقات الفرد وقدرته على التأمل والاستكشاف والاستنتاج والتحليل والانفتاحية على الفكر الآخر 
واحترامه. والدول التي خطت خطوات متقدمة نحو هذا النوع من التعليم تمكنت من أن تكون في مصاف 
الدول الرئداة في التعليم. فلم يعد مهما استغلال سبع ساعات يومياً في اليوم الدراسي بقدر أهمية مايمكن أن 
يستغله الطالب في البحث والوصول لمصادر المعلومات بنفسه والتواصل مع العالم الخارجي . لمست قيمة 
هذا النوع من التعليم وتمكنت عن كثب من رؤية مخرجاته والتي تكمن في وجود طلاب منفتحين بثقة 
وثقافة، متوازنين ، قادرين على التحليل والتأمل . من مميزاتهم القدرة على التعبير عن أنفسهم تعبيراً مبني 
على القراءة المتأنية للمشكلات والأحداث والمواقف . هؤلاء الطلاب بينهم علاقات ودية قائمة على قبول 
بعضهم البعض مهما كانت دياناتهم أو خلفياتهم الثقافية أو انتمائهم العرقي . ومن الجميل أيضاً ان يكون 
لديهم تقبل للنقد وعدم الخوف من التجربة والخطأ. والمدهش بأنهم يقبلون بشغف على البحث وزيادة 
معارفهم دون الشعور بالملل الذي ينتاب طلابنا في المدارس التقليدية. ولعل السبب وراء ذلك أن الطالب 
لاينتظر أن يتم اختيار المعلومات له وإجباره على قبولها بل وحفظها وكأنه ليس من حقه الاستبصار 
والتفكر. هذه المخرجات القوية هي مانحتاجه لتحقيق أي رؤية وطنية . لهذا فأي وزارة من وزارات التعليم 
حينما تتمكن من إدراك أهمية مثل هذا النوع من التعليم سوف تتبناه لأنها تعلم بأن تربية العقول وتهذيب 
الأفكار والعلاقات هي ماستفضي إلى القضاء على كل منافذ الإرهاب وفكر الإقصاء والإنغماس في الذات 
للهروب من الواقع وغيرها من المشكلات التي وضعتنا في ذيل القافلة الحضارية . إلا أنه للأسف لم نصل 
في دولنا العربية لهذا المستوى من الوعي وإن كنت أتمنى أن يتغير ذلك خلال الخمس سنوات القادمة حيث 
أصبحنا في حاجة ماسة لوجود جيل يتبنى التطوير والتنمية بهذا المستوى القوي الذي سيحافظ على البنية 

الثقافية والهوية دون المساس بحريات الآخرين وحقوقهم. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى