ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى ميلاد نجاح الموجى

يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ 74 لميلاد ” هرم الكوميديا المصرية ” و ” ملك الإرتجال الفُكاهى ” و ” الكوميديان المُجتهد ” و ” وكيل الوزارة الفنان ” الفنان الكوميدى الرائع ” عبد المُعطى محمد الموجى ” الشهير بنجاح الموجى و هو المواطن المصري الأصيل بملامحه المُميزة و بشرته السمراء الذى بدء سنيداً للبطل  و كافح حتى أصبح نجما لامعاً فى عالم الكوميديا و أضحى واحداً من نجومها فى مصر و الذين تميزوا بشخصية ابن البلد المصحوب بالقبول الجماهيرى الممزوج بخفة الدم و حُسن الطله و صدق الملامحه المُعبرة عن المواطن المصرى أشد التعبير و الذى كان يُتقنها الموجى فى تمثيله حق الإتقان و الحق يُقال أنه كما تبرز التفاصيل الدقيقة المُعبرة من باطن الحارة و يبدو الفنان المُبدع الموهوب كإزميل يحفر فى لوحة حجرية لا يتركها إلا بعدما تتوهج فناً و معانى و دلالات حتى و إن كانت قبيحة و صادمة و مُعبرة أشد التعبير عن واقعنا الأليم فإن نجاح الموجى قد برز بفنه و بموهبته الجميلة التى تمكن بها من أن يحفر اسمه بحروف من ذهب فى ذاكرة السينما المصرية و أن يتربع فى قلوب الجمهور بعد أن أثرى الساحة الفنية بعدد من الأعمال الهامة و استطاع ترك بصمة تمثيلية واضحة فى السينما و المسرح فمن منا لايتذكر ذلك النصاب خفيف الظل ” طأطأ ” الذى يسعى للإنتصار على مُنافسه النصاب المُحترف كاظم بك و الذى كان يقوم ببطولته الفنان القدير “ كمال الشناوى ” من خلال احداث فيلم “طأطأ و ريكا و كاظم بك ” و من منا ينسى ذلك اللص المُنحرف الذى ظل طوال أحداث “ فيلم أغتصاب ” يُطارد مع أصدقاءه “ عفاف ” التى قامت بدورها الفنانة “ هدى رمزى ” و ظل خلال أحداث الفيلم يُخاطب أصدقائه “ شفتوا ضوافرها جننتنى ” ” ضوافرها يا ناس ” و من منا لا يتذكر أيضاً صبى الجزار مزيكا الذى أضحك الجمهور و لفت انتباههم فى مسرحية “ المتزوجون ” و كانت جملته الشهيرة ” أنا الشعب ” و لا ننسى اطلالته المميزة كسواق السيارة النقل فى فيلم اربعة فى مهمة رسمية مع الفنان العبقري احمد زكى الموظف الذى يقوم بتوصيل عُهدته من الحيوانات و لا ننسى حوار الموجى مع القردة “دلال ” و ذلك بخلاف إفيهات نجاح الموجى المُتداولة بيننا نظراً لتلقائيته فى الأداء و التى كان أبرزها  ” صح بس حانكر ” و هى اللازمة التى أطلقها خلال تجسيده شخصية ” الهرم” تاجر المُخدرات ضمن أحداث فيلم ” الكيت كات ” حيثُ فى أحد المشاهد يحكى الهرم عن موقف جمعه بلواء شرطة و سأله الأخير ” إنت ياض بتتاجر فى المُخدرات صح و لا هتنكر ؟ ” ليرُد الهرم ” صح بس هنكر ” و ” إحنا مابنروحش للحرام و الحرام هوه اللى بيجى لحد عندنا ” و التى قالها  ضمن أحداث فيلم ” صاحب الإدارة بواب العمارة ” و هو المشهد الذي جمعه بالفنان الكبير عادل أدهم .. ولد الموجى فى 11 / 6 / 1945م فى قرية ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا بمُحافظة الدقهلية من بين أربعة عشر إبناً لأسرة مُتوسطة الحال و مات من إخوته أحد عشر أخاً كان من ضمنهم شقيقه الأكبر ” نجاح ” و الذى استعار اسمه ليكون اسماً فنياً له عرفاناً له لدعمه و تشجيعه دائماً و ظل يخاف على من بقى من أشقائه معه مدى حياته بطيبة قلب لم يلمسها إلا من إقترب منه و عرفه حقيقته التى تخفى على كثيرين و بعد حصوله على الشهادة الثانوية حاول التقدُم للمعهد العالى للفنون المسرحية عدة مرات لكنه رسب فى الإختبارات كان أخرها أمام لجنة مُكونة من الفنانين ” حمدى غيث ” و ” سميحة أيوب ” و ” أحمد عبد الحليم ” و الذين لم يكتفو فقط برسوبه بل قال له ” أحمد عبد الحليم ” ( يابنى إنتا مين إللى قالك إنك تنفع تشتغل مُمثل ؟! ,, ياريت تشوفلك شُغلة تانية يكون أفضل ) ! و لكن ظل شغف الموجى بالفن الذى صاحبه فى مرحلتة الثانوية يُطارده بعد البحث عن قوت يومه عن طريق الوظيفة الحُكومية فى أيام فن الهواة التى يصرف فيها الفنان على فنه و الغريب أن الموجى ظل على خلاف غيره من الفنانيين الذى إستغنوا عن الوظيفة بمُجرد شُهرتهم الفنية فظل مُحتفظاً بوظيفته مُتدرجاً فيها حتى وصل إلى درجة وكيل وزارة و كان سعيداً بذلك و فاقت سعادته فرحته بجائزة سينمائية لم يحصل عليها إلا مرة واحدة طيلة حياته ! من مهرجان دمشق عن دوره فى فيلم ” أيام الغضب ” .. بدأ الموجى رحلته مع الفن على خشبة المسرح مع ثلاثى أضواء المسرح فى مسرحية ” حواديت ” فى نهاية ستينيات القرن الماضى ثم مسرحية ” فندق الأشغال الشاقة ” للمُخرج محمد سالم ثم ظهر بعدها كواحد من الوجوه الناجحة مسرحياً التى خرجت من عباءة مسرحيات البطولة الجماعية عقب النجاح الكبير لـ ” مدرسة المشاغبين ” و إستمر مع سمير غانم و جورج سيدهم بعد رحيل رفيقهم الضيف أحمد و قدم معهُما مسرحيات مُتتالية مثل ” جوليو و روميت ” فى مُعالجة كوميدية ” على طريقة سمير غانم ” لرائعة شكسبير ” روميو و جوليت ” ثم قدمه الثنائى غانم و سيدهم فى مسرحية ” المتزوجون ” و التى سطرت إسم نجاح بين نجوم الكوميديا و مهدت الطريق أمامه للخروج عن عباءة الثنائى فى مسرحية ” يوم عاصف جداً ” مع صلاح قابيل و مديحة كامل و التى تمكن من خلال دوره الصغير فيها من تكوين مساحة يتذكره بها الجمهور خاصة بعبارته الشهيرة ” و فاضل لك زلطة و تطلع برة ” إلى أن تولى بمُفرده بطولة تمكن مسرحيات عديدة مثل ” خُد الفلوس و إجرى ” و ” يانا يا إنت ” و ” سيرك يا دُنيا ” و ” مين ضحك على مين ” و كان آخرها ” مولد سيدى المرعب ” أما فى التلفزيون فقد قدم الموجى العديد من الأعمال الناجحة مثل ” أهلاً بالسكان ” و ” الغُربة ” و ” ريش على مافيش ” و ” سفر الأحلام ” و ” الشارع الجديد ” و ” بوابة الحلوانى ” لكن الأغرب فى مَسيرته التلفزيونية كان بدايته مع مُسلسل ” مصرع المُتنبى ” و دور ” ضبة ” الذى قيل إن المتنبى هجاه بقصيدة كانت سبباً فى مقتله و كان ترشيحه لهذا الدور مثيراً لدهشة الجميع و فى مُقدمتهم هو نفسه حتى إنه إتصل بالسيناريست ” محفوظ عبد الرحمن ” ليُخبره أنه وصله عن طريق الخطأ ! عدد من حلقات المسلسل و فى أول بروفة دخل نجاح إلى الأستويو فوجد أمامه الفنانين أمينة رزق و عبد الله غيث و غيرهما من نجوم المسرح القومى من أساتذته فعاد مُتسللاً إلى الخارج لولا أن إسترجعه بعضهم و لولا أن شهدت له أمينة بقولها ” الواد ده كويس هو بيمثل دور إيه فى المُسلسل ؟ ” فأخذت الرهبة تنسحب عنه شيئاً فشيئاً ليصبح بعدها نجماً تلفزيونياً لامعاً ,, قام الموجى بعدة أدوار سينمائية مثل ” الحريف ” و ” صاحب الإدارة بواب العمارة ” و ” الحُب فى طابا ” و ” ليه يابنفسج ” و ” 131 أشغال ” و ” المساطيل ” و ” الكيت كات ” و قد كان فيلم ” التحويلة ” واحداً من الأفلام التى تُبرهن على أن هذا الرجل بداخله “عبقرية تمثيلية ” حقيقية من خلال شخصية ” حلمى أمين ” عامل التحويلة الفقير الجاهل و الوطنى في ذات الوقت و الذى يحب بلده و يتغنى لها مثل أمه المُسنة و إبنه الصغير و إبنته المريضة و زوجته و صديقه الضابط سامى مسئول التراحيل إلى أن يأتى اليوم الذى يدفع فيه ضريبة الصداقة حينما يفقد سامى أحد مساجينه فى إحدى القضايا السياسية و يقبض على صديقه حلمى و يزج به إلى السجن ليُعبر الموجى و بصدق عن مأساة المواطن الطيب المظلوم من كل من حوله و مثلما عاش الموجى فى السينما و المسرح و التلفزيون على مدار ثلاثين عاماً يقدم فنه فى صمت راضياً بأن يوضع فى مصاف الممثلين فحسب ! رحل أيضاً فى صمت بسبب نوبة قلبية داهمته فجأة و ظل يُصارع الموت ساعتين مُنتظراً سيارة الإسعاف المتأخرة دائماً و أبدا ! إلى أن فاضت روحه إلى بارئها فى 25 / 9 / 1998م بعد أن ترك لنا إبتسامة دائمة على وجوهنا كُلما تذكرناه تذكرنا معه أدواره الجميلة .. قال عنه الفنان الكوميدى الكبير سمير غانم ” جورج سيدهم هو إللى رشح نجاح الموجى فى دور ” الواد مزيكا ” فى مسرحية المتزوجون و أنا بصراحة ماكونتش موافق على الترشيح ده و لكنه أقنعنى إنه فنان عنده طاقات لو فجرها حايبقى حكاية و لما جه الموجى فى أول يوم بروفات كان حكاية لدرجة إنى أعجبت به جداً و وعدته إنى حامنحه مساحة عشان يثبت فيها موهبته الكوميدية لإنى لاحظت عليه إنه سريع جدا فى حفظ دورة من مرة واحدة و إنه بيحاول يخرج عن النص المكتوب بخفة دم تخدم الدور و تخلى الجُمهور يتفاعل أكتر معاه ” أما الفنان الراحل نور الشريف و الذى شاركه الموجى فى فيلم ” أيام الغضب ” فقال عنه ” نجاح كان حالة إستثنائية فى الفن مامريتش عليا قبل كده لإنه كان بمُجرد ما المُخرج كان يقول إستوب لينهى تمثيل أحد المشاهد الدرامية ألاقيه تحول لشخصية كوميدية ! أثناء فترة الإستراحة بين المشاهد و لما كُنت باقوله بلاش كوميديا دلوقتى خالص لحد ماننتهى من بقية المشاهد الدرامية عشان ماتخرجش بره المود كان يقولى ” ماتخافش يا نور أنا عارف إمتى أبقى بطبيعتى و إمتى أرجع تانى لتقمُص دورى ” و فعلاً بيبقى قد كلامه و كان بيتحول 180 درجة من شدة التهريج إلى قمة الدراما بمُجرد بدء تمثيله لدوره فى الفيلم .. رحم الله نجاح الموجى و تجاوز عن سيئاته و أسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى