تاريخ العرب

مائدة الخنساء

(مائدة الخنساء) ….مائدة الخنساء….. تماضر …

هي جميلة المظهر وجمالها شبيه بالبقر الوحشي لذلك سميت بالخنساء اي الشبيهة بالظبية ذات الانف الصغير والعين الكبيرة الجميلة كانت مثار اعجاب العاشقين من فرسان الجاهلية ومنهم دريد احد فرسان بني جشم.
كانت الخنساء معروفة بوجا هتها وفصاحتها وبلاغتها وكبرياءها وجراتها في المواجهة حتى انها واجهت دريد سيد قبيلة بني جشم عندما زار اباها لخطبتها فامتنعت مفصحة عن رايها بكل كبرياء
فكان لها ان تزوحت واحدا من نسبها وحسبها وابن عشيرتها
ويقال انها تزوجت من قبل باخر وذاك في حياتها في الجاهلية .
لذا فقد دفعت الثمن غاليا في زواجها من ابن عمها نظرا لما لقيته من معاناة شديدة والام في حياتها نتيحة سلوك زوجها المقامر
كانت الخنساء لا ترغب في الإشهار بمعاناتها من زوجها الشديدة ولولا ان صخرا اخاها هو من كان يضحي ويقتسم معها من ماله لعمت فضيحة هذا الزواج لكن اصرار الخنساء على كثم سرها ومعاناتها الداخلية هو ما حال دون ذالك خاصة وانها رفضت أسياد القبيلة
وبقيت على حالها كاثمة سرها الى ان انتفضت والتجات الى قبيلتها تطلب الزواج من رجل اخر فماكان لها الا ان تزوجت باكرم الناس في قبيلتها وهو رجل كريم يسمى مرداس فكان ان وجدت فيه كل الكرم فانجبت منه ابناء وكان لها ابناء اخرون من زواجها الاول
هذه ظروف البيئة التي عاشتها وسط القبيلة التي لها منظومة اخلاقية واجتماعية ثابتة يصعب اختراقها او تغييرها فهناك اسياد القبيلة والعبيد وهناك تراتبية محددة في طبقات القبيلة الاجتماعية .
كان زواجها من مرداس سببا لانهاء معاناتها فقد كان معروفا بسخاءه وكرمه حتى لقب بفيض نظرا لفيض كرمه على الناس وعليها
وقد دخلت الاسلام وكان اسلامها صادقا وقويا
وساهمت وبقوة في الدفاع عن كلمة التوحيد انذاك بان أرسلت اربعة من اولادها
الى الجهاد في سبيل الله وذالك في معركة القادسية فحثتهم على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله وقد وصلها صباحا خبر استشهادهم جميعا في ساحة الشرف فضمنوا الجنة مع الشهداء
والواقع ان وفاة اولادها الاربعة لم يكن له تاثير قوي ولا موت والدها قبلهما ولا موت اخيها معاوية بقدر ما تاثرت تاثيرا شديدا بموت اخيها صخر ولعل القصة التى دفعت اخاها للوت واضحة في كتب التاربخ عندما اراد ان ينتقم اخوها معاوية من فتاة صدته وامتنعت عن تلبية قصده وعيرته في نسبه وحسبه فاراد معاوية ان ينتقم فغار على قبيلتها فقتل منها وقتل هو نفسه فكان سببا مباشرا لانتقام صخر اخ الخنساء لموت اخيه معاوية فقتل دريد وغيره الا انه طعن طعنة قوية جعلته طريح فراشه مدة حتى مات..
لقد ظلت الخنساءكاثمة صابرة لفقدان ابيها وولديها الاربعة وكذلك فقدانها لاخيها معاوية وكذلك زوجها مرداس لكن اعظم مصيبة هي وفاة اخيها صخر هنا ستنفجر طاقات الخنساء عن اخرها وتنفجر حزنا والما وتهتز اهتزازا شديدا جعلها تجوب كل الارض بكاء والما وحسرة حتى اصبحت الخنساء مشهورة بمصيبتها وعرفت بانها اعظم امراة تعيش المصيبة فقد فقدت اباها وزوجها واولادها الاربعة وأخوانها معاوية وصخر
وفي هذا الاطار يقول المستشرق غوستاف فون غريناوم ( واذا ا كانت المراثي قد نشات من يناحات فان هذا الفن انما بلغ اوجه في مراثي الخنساء الشاعرة التي عاشت في النصف الاول من القرن السابع. وبقول ايضا..اما الخنساء فقد جعلت قمم الجبال تتدحرج لداعي وفاة اخيها والنجوم تهوى والارض تهتز والشمس تظلم)
لقد بكت الشاعرة اسياد قبيلة مضر وبني سليم: ابوها واخوتها معاوية وصخر واولادها الاربعة ولذالك فقد سميت بشاعرة الصبر
وقد كانت الخنساء تقول عن نفسها انا اعظم العرب مصيبة فيقر لها الناس بذالك.ونظرا لاستشهاد اولادهافقد قدر لها عمر بن الخطاب مائتي درهم من بيت مال المسلمين
فرغم تعقل الخنساء القوي ورغم صلابتها وتشبتها بقوة التعقل وقوة الحزم وكثم السر بداخلها والصبر عند الشدائد الا انها لم تقاوم موت فاجعة موت اخيها صخر فاهتزت اهتزازا شديدا بكاء حزنا والما وحسرة وندبة وتعديدا ورثاء فلم تعد قادرةعلى تمالك نفسها بسبب موت اخيها صخر …فقد مات عزها وحاميها وملجؤها ومؤنسها وكيف بها وقد اقتلع الموت اعز من لديها ..
الواقع ان شعر الخنساء يؤرخ ويترجم ويشرح لنا كثيرا معاناتها وبكاءها وحرقتها وفاجعتها وماسيها وصدماتها واحتراقها على فراق اخيها صخرا
اذ انصح لمن اراد ان يقترب اكثر من معرفة او يقف على طبيعة معاتاة الشاعرة الخنساء ان يرحع الى ديوانها ومراثيها خاصة في مرثية اخيها صخر . فستقفون على واحدة من كبريات الشاعرات العربيات الأكثر ثراء في قول الشعر حتى قال عنها النابغة الدبياني وهو الحكم في سوق عكاظ( الخنساء اشعر الانس والجن) .
وقال عنها جرير( انا اشعر الناس لولا الخنساء )

وكانت تاتي سوق عكاظ لتعرض شعرها كباقي الشعراء والشا عرات فكات تاتي بمرثيتها الرائعة فيقول النابغة الدبياني متاثرا( لولا ان بصير.. ويقصد به الشاعر الاعشى..أنشدني قبلك لقلت انك اشعر الناس)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستنشدها
و يقدرها وقد اعتز النبي كذالك بالانتساب لقبيلتها بني سليم وكذلك عمر بن الخطاب فقد كان بدوره يعزها ويقدر المها وحزنها .
لقد كانت قصائدها تجسد مدى الحب الءي كل ن في قلب الخنساء تجاه اخيها صخر حتى ابكى شعرها وبكاؤها كل من اصغى اليها ولكم ان تتصوروا معي بكاء امراة مهتزة في حالة من الشعور بالفاجعة وقد فقدت سيطرتها على مشاعرها كما فقد كل تماسكها العقلي وانهارت تماما امام الفواجع فقد كانت تبكي كل من اصغى اليها..
تقول الخنساء.
يؤرقني التذ كر حين امسي
فاصبح قد بليت بفرط نحس
على صخر واي فتى كصخر
وتقول ايضا..
يذكرني طلوع الشمس صخرا
واذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي
على احوالهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل اخي ولكن
اعزى النفس عنه بالتاسي
وتقول ويا لهفي عليه ولهف امي
ايصبح في الضريح وفيه يمسي
وخلاصة القول ان الشاعرة الخنساء تشكل استثناء في مرثيات الشعر العالمي وقد سجلت اروع تجربة حياتية باروع احداثها نكتشف ذلك كثيرا عندما نتناول ديوانها بالتحليل والتذوق انها بحق مائدة متميزة. اذ سال احد في يوم ما الخنساء في مقارنة بين معاوية وصخر وهما الاثنان اخويها فقال الخنساء في حق كل واحد منهما.فكان السؤال ايهما اوجع وافجع فقالت الخنساء اما صخر فجمر الكبد واما معاوية فسقام الجسد….والى مائدة اخرى اصدقائي احبتي … تقديري ومحبتي…

احمد الزعيم … العيون …المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى