بروفايل

القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919

“أنا مصري أولا ومصري ثانيا ومصري ثالثا لا فرق بين مسلم ومسيحي”، كلمات بمثابة تجسيد لتاريخ طويل من الوحدة الوطنية والنسيج الواحد، قالها القمص سرجيوس من أعلى منبر الأزهر الشريف إبان ثورة 1919، أول ثورة شعبية في تاريخ القارة الإفريقية.
-نشأة القمص سرجيوس
ولد القمص سرجيوس في جرجا بمحافظة سوهاج في عام 1882، ورسم قسا على بلده ملوي باسم “القس ملطي سرجيوس”، ثم أصبح وكيلا لمطرانية أسيوط في أكتوبر 1907، ثم عمل وكيلا للمطرانية القبطية في السودان لمدة ثلاث سنوات من عام 1912 وحتى 1915، وأصدر مجلة المنارة المرقسية بالخرطوم بهدف دعوة المسلمين والأقباط إلى التآخي وتقويم الإعوجاج، مما أثار غضب الإنجليز حينها وأمروا بعودته لمصر وكانت آخر كلماته للمدير الإنجليزي “إنني سواء كنت في السودان أو في مصر لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادي من وجودكم”.
-نضال كبير
كان المصري القمص سرجيوس، قسا وخطيبا وثائرا وطنيا قدم نموذجًا حيًا لمعنى الوحدة الوطنية، وبرز نجمه، أثناء ثورة 1919م، حيث شبهه البعض بعبد الله بن النديم، كما أطلق عليه الزعيم الراحل سعد زغلول لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول، عاش حياته حاملًا رأسه فوق يديه ووقف في وجه الإنجليز في مصر والسودان.
وبالرغم من أن القص سرجيوس كان يعتنق المسيحية ومهتم بقضية الإصلاح الكنسي، إلا أنه كان أحد النماذج الحية للوحدة الوطنية حيث ظل يخطب من الأزهر الشريف لمدة 59 يوما لتحفيز الشعب ضد المعتدى، حاملا شعار مصر أولا، ولما منع من إلقاء الخطب في الكنيسة، اعتلى منبر مسجد أحمد بن طولون برفقة الشيخ القاياتي وفى أثناء خطبته تقدم نحوه جندي إنجليزي شاهرًا مسدسه في وجهه، فهتف الجميع: “حاسب يا أبونا، هيموتك”، ولكنه لم يعبأ قائلا: “ومتى كنا نحن المصريين نخاف الموت!! دعوه يُريق دمائي لتروى أرض وطني التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين”، فلما ضاق الإنجليز ذرعًا أمروا بنفيه هو والشيخ القاياتي معًا إلى رفح في سيناء.
وافته المنية عن عمر يناهز 81 عاما، وكان ذلك في 5 سبتمبر سنة 1964، وأبت الجماهير الشعبية التي اشتركت في تشييع جنازته إلا أن تحمل نعشه على الأعناق، ثم أبدت الحكومة اعترافها بجهاده الوطني بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى