تقارير وتحقيقات

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى إنتفاضة نوفمبر 1935م

فى مثل هذا اليوم مُنذ 84 عاماً و بالتحديد فى 13 / 11 / 1935م إندلعت الإنتفاضة الشعبية العارمة فى مصر ضد الملك فؤاد الأول و ضد الحكومة التى يرأسها ” محمد توفيق نسيم باشا ” و ذلك بعد خمسة سنوات من قيام حُكومة ” إسماعيل صدقى ” بإلغاء دستور 1923م الذى كان يضمن قدراً كبيراً من السُلطة للشعب و أصدرت بدلاً منه دستور 1930م الذى مَنح الملك سُلطاتٌ واسعة و غير مسبوقة تمثلت فى تعيين و عزل الحُكومات ليس فقط بعد استشارة البرلمان بل دون العرض عليه مُطلقاً ! …
و قد قُدحت شرارة هذه الإنتفاضة تزامناً مع احتفالات ” يوم الجهاد الوطنى ” حيثُ تحولت الإحتفالات إلى مُظاهرات عارمة تندد بالتصريحات البريطانية و تُطالب بإسقاط حكومة ” توفيق نسيم ” الذى كان قد ألغى فى وقتٍ سابق دستور 1930 دون أن يُعيد دستور 23 رغم أن المصريين كانوا ينتظرون عودته بديلاً لدستور 30 بفارغ الصبر …
و كانت أشهر أحداث تلك التظاهرات تلك المُواجهات التي جرت بين شباب الجامعة و بين الشُرطة المصرية و الإنجليزية عند ” كوبرى عباس ” حين حاول الطلبة الوصول لميدان الإسماعيلية ” التحرير حالياً ” و هى المُواجهات التى أسفرت عن وقوع عدداً كبيراً من الشُهداء فى صفوف الطلبة …
و قد عبر ملك البلاد فؤاد الأول عن سُخطه تجاه تلك الإنتفاضة و نعتها بـ ” إنتفاضة الرعاع ” ! و قال ( هؤلاء المصريون لا يُناسبهم مُطلقاً الحُكم البرلمانى فلماذا لا يتركونى أحكم مصر كما أريد لأننى أعرف و أتقن هذه المُهمة خيراً من جميع الأحزاب ! فمالُهم و مال الحُكم الرشيد ! و مُنذُ متى و أين تعلموه ! إنهم لايعرفون قدر مصلحتهم على الإطلاق ) ! …
و كان ذلك الدستور ينُص على أن حُكومة مصر ” ملكية دستورية ” لها برلمان و وزارة مفارقة تجمع ما بين الماضى و الحاضر و شهدت لجنة إعداد الدستور آنذاك جدلاً كبيراً حيث وصفها سعد باشا زغلول بأنها لجنة ” الأشقياء ” مُعلناً انسحابه منها و مُشدداً على ضرورة أن تكون لجنة وضع دستور البلاد ” عن طريق جمعية تأسيسية مُنتخبة ” و ليست لجنة حُكومية تابعة لملك البلاد أو لرئيس الحُكومة تجنُباً لأى ضغوط قد تتعرض لها …
و لقد انبرت الأقلام الناقدة فى الصحُف آنذاك ضد هذا الدستور الملكى ناعتة إياه بالهيمنة الملكية الكامة على حُكم البلاد و لم يخل هذا النقد بعد اندلاع الإنتفاضة من توجيه توبيخٍ شديد لملك البلاد فؤاد على ماتفوه لسانه به ضد الأحزاب حيثُ سخر العقاد منه و قال له ” كيف تقبل لجلالتك الملكية ذات الشان الرفيع أن تحكم بلداً أهله من الرعاع و تنظر لأحزابه تلك النظرة الدونية ؟! فإن كان الأمر كذلك فالتتنازل جلالتك عن العرش لمن هو جدير بحُكم هؤلاء السوقة الرعاع ” ! …
و جديرٌ بالذكر أن هذه الإنتفاضة تُعدُ و للأسف الشديد من الإنتفاضات المنسيّة فى التاريخ المصرى الحديث بالرغم من أنها لا تقل فى عظمتها عن ثورة 1919م لأنها كسرت أنف الملك فؤاد و أجبرته على عودة دستور 1923م و إسناد الوزارة إلى الزعيم مصطفى باشا النحاس و إقالة وزارة محمد توفيق نسيم الموالية له ضد الشعب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى