ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى رحيل عبد الغنى النجدى

هو بواب السينما المصرية ” و ” الريفى الساذج ” و ” الكوميدى التلقائى ” المُمثل الرائع و مؤلف الآغانى و كاتب السيناريو المُتميز عبد الغنى النجدى و هو الفنان المرح خفيف الظل ذو القامة القصيرة و اللهجة الصعيدية التى لم تفارقه و الشارب الذى لا يعرف التهذيب مُطلقاً إلا فى الندرة القليلة من أعماله و التى على الرغم من نُدرتها إلا أنها ظلت مُميزة و محفورة فى أذهان المُشاهدين حتى و إن لم تتغير نمطيتها عن كونها تدور حول هذا الرجل الصعيدى أو القروى خفيف الظل الذى يعمل خادماً أو شُرطياً أو جناينياً و يظل يرتجل ما يؤديه فى لقطات معدودة أغنته عن عشرات المشاهد التى احتاجها غيره حتى يتعرف عليه الجُمهور و قد نجح فى ذلك من خلال بساطة « الإيفيه » الذى كان يُطلقه و الجُمل التى تعلقت بأذهان المُشاهدين من مُختلف الأجيال سواء كانت السابقة أو الحالية و الحقيقة أن بالرغم من أن أسماء بعض من قاموا بأدوار الكومبارس لا توضع فى صدارة مُقدمة الأفلام و المُسلسلات أو فى خاتمتها إلا أنهم يوصفون بـ “ملح الأعمال الفنية ” فبالرغم من أن تلك الأسماء قد لا تكون معروفة لدى الكثيرين إلا أن عدداً محدوداً منهم قد استطاعوا الإنتقال من بين مجموعات الكومبارس إلى تمثيل أدوار ثانية و ثالثة و أصبح بعضهم نجوم شباك يؤدون دوراً بسيطاً فى عرض فنى لا تظهر له أهمية كبيرة ملحوظة إلا أنّه غالباً ما يُساعد على خلق مناخ طبيعى أو كوميدى للقصة و قد كان النجدى أحد أشهر الأمثلة على ذلك بعدما استطاع أن يترك بصمة واضحة فى تاريخ السينما المصرية و نجح بأدائه البسيط و إتقانه لأدواره فى كسب مكانة قوية لدى جُمهوره .. وُلد النجدى فى 6 ديسمبر عام 1915م فى قرية المشايعة بمُحافظة أسيوط من أسرة فقيرة كانت تقتات فى يومها بالكاد ! و كان النجدى يحمل رقم 7 فى عدد أفرادها و حرص والده على إلحاقه بكُتاب الشيخ ” محمود عبد الرحيم ” ليحفظ القرآن على أمل أن يلتحق بالأزهر فيما بعد ليُصبح شيخ عمود ! و لكن النجدى لم يُساير والده فى رغبته و هجر أسيوط إلى القاهرة من أجل تحقيق حلمه الدفين بأن يكون فناناً و بالفعل إلتقى بالفنان نيازى مُصطفى الذى رشحهُ للإشتراك فى فيلم ” شارع محمد على ” بطولة الفنانة ” حورية محمد ” و بعدها توالت الأفلام التى غلب عليها الطابع الكوميدى الذى اعتدنا عليه من النجدى فمن بواب فى « بين السما و الأرض » إلى « فرارجى » فى « الحفيد » و بائع « عرق سوس » فى « إسماعيل يس فى الجيش » و غيرها من الأدوار البسيطة و المُتنوعة التى قدمها في مسيرته الفنية جعلت الجميع يتعرفون على الفنان الراحل عبد الغنى النجدى و الذى ظهر فى أغلب الأعمال الفنية كـ « كومبارس » و من أشهر أعماله الفنية الأخرى التى تجاوزت الـ ” 100 فيلم ” الفانوس السحرى ” و ” يا حبيبى ” و ” بين السما و الأرض ” و ” المليونير الفقير ” و ” لوكاندة المفاجأت ” و ” العتبة الخضراء ” و ” عفريت سمارة ” و ” إسماعيل يس بوليس حربى ” و ” إبن حميدو ” و ” طريق الأمل ” و ” ملك البترول ” و ” النصاب ” و ” العاشقة ” و ” حايجننونى ” و “علمونى الحب ” و ” عيون ” و ” كرامتى ” و ” قاهر الظلام ” و ” ليلى لاتُنسى ” و ” حُب فوق بركان ” و ” إبنتى و الذئب ” و ” كفانى ياقلب ” و ” شيلنى و أشيلك ” و ” لمن تشرق الشمس ” و ” العيال الطيبين ” و ” و عادت الحياة ” و ” لا يا من كنت حبيبى ” و ” المذنبون ” و ” عالم عيال عيال ” و ” صائد النساء ” و ” المُطلقات ” و ” لاشيئ يُهم ” و ” قاع المدينة ” و ” الشوارع الخلفية ” و ” عجايب يا زمن ” و ” حمام الملاطيلى ” و ” المُخادعون ” و ” مدينة الصمت ” و ” عُشاق الحياة ” و ” رُبع دستة أشرار ” و ” الوادى الأصفر” و ” نهاية الشياطين ” و ” المجانين الثلاثة ” و ” حياتى ” و ” هروب ” و ” حُب المُراهقات ” و ” مُجرم تحت التنفيذ ” و ” دلع البنات ” و ” الرُعب ” و ” قصر الشوق ” و ” إقتلنى من فضلك ” و ” 30 يوم فى السجن ” و ” المُغامرون الثلاثة ” و ” أرض النفاق ” و ” للمُتزوجين فقط ” و ” طريد الفردوس ” و ” الآنسة حنفى ” و ” عفريتة إسماعيل يس ” و ” شمشون و لبلب ” و ” نشالة هانم ” و ” غاوى مشاكل ” و الآخير يُعد آخر عمل شارك فيه النجدى مع الفنان عادل إمام و كان فى عام 1980م و الحق يُقال أن النجدى لم يكن مُجرد مُمثل هامشى كما يصف البعض المُمثلين الذين يؤدون أدواراً بسيطة فى الأفلام لأنه لم يدع فيلماً واحداً شارك فيه و لو بمشهد إلا و ألقى به ” إيفيه ” يظل عالقاً فى أذهان المُشاهدين حتى يومنا هذا و من أشهرها ” مشتاقين أوى أوى يا داميل” التى كان يُرددها فى فيلم ” الفانوس السحرى” و جملة ” أومال أنا قلت إيه ” فى فيلم ” إسماعيل ياسين فى بوليس الحربى” و عبارة ” أمرك يا مُستبدة ” التى كان يقولها للفنانة وداد حمدى فى فيلم طريق الأمل مع الفنانة فاتن حمامة و غيرها الكثير من الإيفيهات و مما لا يعرفه الكثيرون أيضاً أن النجدى قد كتب السيناريو و الحوار لمجموعة من الأفلام مثل ” بنات بحرى ” و ” إجازة بالعافية ” و كان يقوم بتأليف النكت و يبيعها لكبار نجوم الكوميديا و المونولوجستات مثل إسماعيل يس و شكوكو و كان يضع « تسعيرة » للنكتة الواحدة مُقابل جنية واحد كما ساهم فى إعداد موسيقى التصوير من خلال التلحين فى فيلم « شادية الجبل » مع الموسيقار رياض السُنباطى و على إسماعيل كما كتب النجدى الأغانى لفيلم « السر فى بير » مع بيرم التونسى و خليل البندارى و رغم أنه كان عملاقاً فنياً ترك علامة بارزة فى التمثيل السينمائى و أيضاً المسرحى فإنه كان يعيش فى الظل و لم يتمتع بنفس التقدير الذى حظى به غيره من نجوم الكوميديا إلى أن توفى فى يوم 20 / 3 / 1980م عن عُمرٍ ناهز على الـ 65 عام .. كان النجدى قد تزوج من المُطربه بديعة صادق و هى بالمُناسبة شقيقة الفنانة ” كوكب صادق ” والدة الفنانة ” إسعاد يونس ” و انجبت له نجله ” خالد ” الذى هاجر فيما بعد لأستراليا و لكنه ” النجدى ” انفصل عن بديعة بسبب إصرارها على مُمارسة مهنة الفن ! حيث صرح النجدى فى إحدى المجلات الفنية أنه حاول معها أكثر من مرة و زادت تلك المُحاولات بعد أن أنجبت خالد و لكنها باءت بالفشل و نظراً لتربية النجدى الصعيدية فلم يستطع تقبُل هذا الوضع مُطلقاً و خاصة بعد أن صادفه أحد المُعجبين ذات مرة فى الطريق العام و ظل يُثنى على أغنية “ يا ماحلى جمالك ياعروسة ” التى كانت من أشهر أغنيات بديعة آنذاك و الذى استمع لها ذلك المُعجب أثناء تواجده بإحدى كباريهات ! شارع عماد الدين و شعر النجدى وقتها بالخجل الشديد من نفسه و فور عودته للمنزل اشتد الخلاف مع زوجته حول عدم حسمها للطلب الذى طلبه منها و انتهى الأمر بالطلاق البائن ! .. قال عنه إسماعيل يس ” عبد الغنى كان إبن نكته مره إتأخر عن ميعاد التصوير و فضلنا مستنيينه و موقفين التصوير عشانه لحد مااتصل و قال إنه إتأخر بسبب أم على ! و إحنا كُنا نعرف إن ليه إخت مريضه و جوزها مُتوفى و هوه بيعولها هيه و إبنها على و فضلنا مستنينه لحد فجأه مادخل علينا و شايل كرتونه مليانه بأطباق بأم على ! و قال إنه و هوه جاى فى السكة عجبته ريحة أم على من عند واحد حلوانى فى ميدان باب اللوق و صمم ياكل منها و لما عجبته قرر يجيب لنا كُلنا معاه عشان إللى ياكل لوحده يزور ” أما الفنانة مارى مُنيب فقالت بأنها كانت تنتظر قدومه إلى الإستديو حتى تسأله عن آخر نكته فيقول لها حاتسمعيها بس و لا حاتردديها ؟ لو على السمع بس يبقى تقبى بنص جنيه و لو حاتردديها يبقى حايزيد كمان نص جنيه و لو ضحكتى عليا و قولتى حاتسمعيها و لقيتك نشرتيها يبقى حاتدفعى على النص جنيه غرامة جنيه و ذات مرة خالفت مارى ذلك الإتفاق و نشرت نكته من إحدى نكاته لميمى شكيب و لسوء حظ مارى أن ميمى روتها لشقيقتها زوزو و شاءت الأقدار أن تلتقى الآخيرة بالنجدى و تروى له ماسمعت من ميمى حتى جن جنون النجدى و قال ” دى نكتتى و و الله يا مارى منا سايبك إلا لما آخد الجنية و نص بقيت حقى اللى كنتى عايزة تقرطسينى فيه ” و اتصل على الفور بمارى و قال لها ” مش عيب عليكى لما تضحكى عليا و تأكلينى البلوظة و انا فى السن ده ؟ أنا ليا فذمتك جنية و نص و مش مسامحك أبداً فيهم ليوم الدين إنما مُمكن أسامحك بس لو عزمتينى على غديوه حلوة عندك من صُنع إديكى الحلوين دول ” .. رحم الله عبد الغنى النجدى و تجاوز عن سيئاته و أسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى