ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى ميلاد الضيف أحمد

يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ 83 لميلاد ” كوتوموتو الكوميديا ” المُخرج المُتميز و الفنان الكوميدى خفيف الظل ” الضيف أحمد الضيف ” الشهير بالضيف أحمد و هو الفنان الذى كان التمثيل له بمثابة الموهبة الجميلة و العطية الرائعة التى يُحبى بها الله من يحبه و يريد أن يميزه ليصبح بها كالنجم الساطع فى سماء مُعتمة و هذه الموهبة تظل دائماً أمانة فى يد المُمثل ليقدم بها أشياء نافعة تفيد الإنسانية فلكل عطية استخدام أمين أو استخدام ضار على حسب تفكير الإنسان و توجهاته و قد منح الله الضيف أحمد خفة ظل و روح مرحة مُبهجة وقع صداها فى النفوس خير الوقع فكان يربض و يحنو بكوميديته ليُربت بها على كتف كل إنسان حزين ليرسم البسمة على شفتيه و لتلمع عينيه بالبهجة عندما يُشاهد هذا الكوميديان الجميل الضيف أحمد هذا الفنان المُثقف الذي يتمتع بإطلالة مُختلفة و كأنه بصمة فى عالم الكوميديا ليس له شبيه و الذى لم يكن اسمه مُجرد اسم أطلقه عليه والديه منذ أول صرخة صرخها فى هذه الحياة بل كان له منه نصيباً فكان ضيفاً لم يصمد مع الدنيا كثيراً و كان عُمره تقريباً كعُمر الضحكة التى تخفت بعد الانتشاء بثوانٍ لا تحيا من جديد إلا بضحكة أخرى أو دمعة أخرى و عانى كثيراً فى بداياته الفنية و لم يعرف الشهرة الحقيقية سوى بعد تكوينه لفرقه ” ثُلاثى أضواء المسرح ” و التى قدم من خلالها عدة إسكتشات غنائية و مسرحيات كوميدية أشهرها ” طبيخ الملائكة ” و” كل واحد له عفريت ” و” زيارة غرامية ” و ” الرجل اللى جوز مراته ” و عدداً من الأفلام منها ” القاهرة فى الليل ” و ” آخر شقاوة ” و ” المُشاغبون ” و ” 30 يوم فى السجن” و” المجانين الثلاثة ” فكان الضاحك ضعيف الجسد قوى الحُضور شامل الموهبة و التى من خلالها استطاع أن يترك بصمة مُتميزة فى تاريخ السينما المصرية رغم قصر حياته حيث لم يكن مُمثلاً فقط بل كان العقلُ المُدبر للفرقة و ذلك على الرغم من عدم بدايته معها حيثُ بدأت فرقة ثلاثى أضواء المسرح بالفنان سمير غانم و الفنان وحيد سيف و شخص أخرى يُدعى ” عادل نصيف ” و ترك وحيد سيف الفرقة لعدم مقدرته على السفر الى القاهرة و ترك مدينة الأسكندرية لأنه كان يدرس بكلية الآداب و يعمل موظفاً أيضاً أما بالنسبة لعادل نصيف فقد أكمل دراسته العُليا فى تخصص الحشرات بكلية الزراعة و سافر إلى بلجيكا و فى تلك الأثناء كانت شُهرة جورج سيدهم بدأت تنتشر ب‍جامعة عين شمس و كذلك الحال بالنسبة للضيف أحمد بكلية الآداب فى جامعة القاهرة فتمت الاستعانة بهم من قبل سمير غانم فى فريق ثلاثى أضواء المسرح .. ولد الضيف أحمد فى 12 / 12 /1936م فى مدينة تمى الأمديد بمُحافظة الدقهلية و ظهرت موهبته فى التمثيل و هو لايزال طالباً و تمثلت فى تقليد المدرسين بمدرسته ثم أصبح نجم المسرح الجامعى و أخرج له عدداً من المسرحيات العالمية منها ” شترتون ” و الفريد يغنى ” الغربان ” و ” الاخوة كرامازوف ” عن رواية الأديب الروسى ديستوفسكى و فى هذه المسرحية لفت نظر النجم فؤاد المهندس الذى كان يتابع نشاط المسرح الجامعى و نشاط الهواة و اختاره للمشاركة فى مسرحية ” أنا و هو و هى ” و حصل الضيف أحمد على الميدالية الذهبية فى مسابقة كأس الجامعات المصرية كمُمثل و مُخرج و لكن النجاح الكبير جاء بعد تعرفه بسمير غانم و جورج سيدهم و تقديم اسكتشات فُكاهية أخرجها الفنان محمد سالم صاحب تسمية ” ثلاثى أضواء المسرح ” و بالرغم أن الضيف أحمد لم يكن أبرز نجوم فرقة ثلاثى أضواء المسرح أو أكثرهم إضحاكاً حيث لمع نجم جورج سيدهم فى البداية ثم تألق سمير غانم و أصبح له أسلوبه الخاص فى صُنع الكوميديا و لكن أهمية الضيف أحمد بين نجوم الفرقة أنه كان عقلها المُفكر و صاحب الرؤية الفنية كما أنه أخرج لها مسرحية ” كل واحد و له عفريت ” إضافة إلى الإشراف على إدارة الفرقة و اختيار النُصوص لها طوال عمله مع زميليه سمير و جورج و لا ننسى حتى الآن اسكتشات ” دكتور الحقنى” و ” مباريات كرة القدم ” و” أبناؤنا فى الخارج ” و هى التى أهلتهم لبطولة فوازير رمضان لعدة سنوات فى نهاية ستينيات القرن الماضى و كانت أول شكل استعراضى ناجح للفوازير و ذلك على الرغم من أنها لم تعتمد على الإبهار فى استخدام التكنولوجيا و الخِدع أو مزج الرسوم المُتحركة بالأداء الحى و إنما اعتمدت على المواقف الكوميدية و كانت أشبه باكتشاف مُبكر لفن السيت كوم الناجح الآن و لكن قبل أن يكون الاسم معروفاً .. تزوج الضيف أحمد من خارج الوسط الفنى و له ابنة واحدة و لم يعانى طوال حياته من أى مرض مُزمن و لكن القدر و الصدفة جعلته يختار هذه المسرحية ليقوم بإخراجها و هى التى كان قد إقتبسها من مسرحية لكاتب أمريكى بعنوان ” القبض على الموت” و انقلب التمثيل إلى حقيقة بأن تنتهى المسرحية على أن يسدل الستار على موت البطل ففى أخر يوم فى البروفات المسرحية عاد الضيف إلى المنزل و جاءته نوبة من الإختناق و شعر بالألم الحاد و نقله الجيران إلى مُستشفى العجوزة و لكن فارق الحياة و هو فى الطريق مُتأثراً بسكتة قلبية فى 6 أبريل عام 1970م عن عُمرٍ يناهز الـ 34 عاماً فقط ! و من يومها لقب “ أبن موت ” و ذلك بعد أخراجه لمسرحية “ القبض على الموت ” و هذا ما حدث بالفعل و بوفاته رفض سمير غانم و جورج سيدهم أن يستعينا بشخص آخر لمواصلة نجاحات فريق ثُلاثى أضواء المسرح و نفى غانم خلال لقائه مع الإعلامى عمرو الليثى قبل سنوات ببرنامج ” واحد من الناس ” تلك الأقاويل التى تردتت بأن وفاته قد حدثت بسبب تعاطيه المُخدرات مؤكداً أنه توفى بعد تعرضه لأزمة قلبية مُفاجئة ناتجة من شدة الإجهاد و بوفاة الضيف أيضاً توقف مشروع مسرحية السندريلا التى كانت الفنانة سعاد حُسنى متحمسة لها و تستعد بها للوقوف على خشبة المسرح و لكنها تراجعت عن تقديمها و فتُرَ حماسها بعد رحيل مُخرج عرضها الضيف أحمد كما توقف عرض مسرحية ” الراجل اللى جوز مراته ” و التى كان يخرجها و يمثل فيها الضيف دور الرجل الميت ! و هو آخر مشهد فى المسرحية و كان المشهد يقتضى أن يضع الحانوتى الضيف فى النعش ! ليقبض من حوله قيمة التأمين على حياته و من مُفارقات هذه الحياة الغريبة أن الضيف مات فعلاً فبعد أن انتهى من إجراء البروفات على خشبة المسرح و كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحاً ودع زملائه على أساس اللقاء فى اليوم التالى و هو يوم بدء عرض المسرحية أمام الجُمهور و لكن الأقدار شاءت أن تصعد روح الضيف إلى بارئها و أن يكون ذلك الوداع هو الوداع الأخير .. وصفه الفنان عادل إمام بأنه أحد أهم مُثقفى جيله بالوسط الفنى نتيجة لاطلاعه على الأدب العالمى و هو ما كان واضحاً أيام دراسته بالجامعة بالإضافة إلى عدة تشابهات جمعتُهما سواء كانت تشابُهات فنية أو حياتية بعد إن ضمتهُما جامعة القاهرة فى فترة شبابهُما فنشأت بينهما صداقة قوية من خلال تواجد الضيف بكلية الآداب و عادل بكلية الزراعة و يقول عادل « بدأنا فى نفس الفترة و كلانا قدم الكوميدي و التراجيدى فى وقت واحد بالإضافة إلى مُحافظة الدقهلية التى تعود جذورنا إليها .. رحم الله الضيف أحمد و تجاوز عن سيئاته و أسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى