ثقافة وفنون

حفلة_النقانق.. الدين أفيون الشعوب.. والجهل أيضاً.

كتب :خالد عاشور

الواعظ الإنجيلي الأمريكي (كينيث كوبلاند) ومقدم البرامج الدينية والذي وصلت ثروته الى ما يقترب من المليار دولار يخرج على شاشة التلفزيون الأمريكي ويصدر حكماً بالإعدام على المدعو فيروس كورونا الشهير بـ “كوفيد-19” وواجه الفيروس القاتل الشرير بإعدامه على الهواء مباشرة!
في 23 مارس اصدرت دار الأفتاء المصرية بياناً بشأن ما يتداوله بعض المسلمين على مواقع التواصل من ان شعرة توضع في المصحف وبسورة البقرة ثم توضع في الماء وتشرب للوقاية من فيروس كورونا… كذلك فعل بعض المسحيين بالأنجيل ووجود شعره بداخله بذات التصرف تقي من الفيروس.
في نفس الشهر استأجر القس اللبناني مجدي علاوي طائرة وحلق بها فوق لبنان لتبخير سماء لبنان لكي يمنع فيروس كورونا من دخول بلاده.
لم تختلف ايران عن ذلك التفكير بلجوء للدين كعلاج من فيروس كورونا حيث نصح رجال الدين الشيعة اتباعهم من لعق قضبان المزارات الدينية لآل البيت لأكتساب مناعة ضد فيروس كورونا.. نتج عن هذا الى وقوع ايران في زحليقة أكبر دول الشرق الأوسط فريسة للفيروس.
وفي العراق فقد اقترح رجل الدين قاسم الطائي التجمع في المراقد والمزارات الدينية لمقاومة فيروس كورونا.
أما زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر فقد رفض منع صلاة الجمعة ولكن بعدها باسبوع في 6 مارس 2020 لم يحضر هو ذاته صلاة الجمعة واكتفى بارسال ممثل عنه.
وصف بعض أنصار جماعة الأخوان المسلمين في مصر أن الوباء عقاب الهى على الحكم الديكتاتور.. ثم خرجوا في مظاهرات ضد الفيروس نفسه واحرقوا اعلام تحمل صورة الفيروس في مشهد عبثي.
أما في الأردن اعتبر الشيخ أحمد الشحروري أن علاج فيروس كورونا هو الجهاد.
إسرائيل رجال الدين لديها افاضوا بالتجويد ولم يختلفوا عن ابناء عمومتهم من العرب حيث خرج عليهم الحاخام “زامير كوهين” وطلب منهم شرب نوع من البيرة يسمى بيرة “كورونا” لأنها علاج اكيد وشافي من فيروس كورونا وقال نصاً: “عندما نصلي ونشرب مشروباً كحولياً تكون للصلاة قوة أكبر”.
أما في مصر فقد زاد التجويد وابدع رجال الدين المسيحين والمسلمين.. قسيس باسيوط ينصح اتباع الكنيسة بالحضور الى الكنيسة والقداس والدعاء على كورونا بالكنيسة.. فعل ذات الشئ شيخ في اسيوط وهو يخطب خطبة الجمعة وهو يصرخ في المصليين كيف للكورونا تصيب مسلم يتوضأ خمس مرات ويستنشق الماء وان هذا غضب من الله لمنع النقاب فاجبرهم الله على النقاب القسري.
أما احد المحاميين فقد اقام دعوة أمام القضاء الإداري ضد رئيس جمهورية الصين الشعبية وطالب فيها بتعويض 10 ترليون دولار بسبب انهم كانوا سببا في تصدير فيروس كورونا لمصر.. واستضافه الاعلام المصري في مشهد عبثي لا يكتبه كافكا أو يوجين يونيسكو.
أما الاعلام المصري فقد زاد الطينة بلة بتجويده باستضافة من يحملون قبل اسمائهم القاب أستاذ دكتور لينصحوا الناس بالفول المدمس بالزيت الحار والليمون… ومنهم من اقسم ان الملوخية الناشفة مع الثوم والليمون (الشلولو) هي العلاج الأكيد من فيروس كورونا.. بينما تركت المستشفيات بدون مستلزمات طبية وتم اصابة اكثر من طبيب وتمريض.. والغريب ان الناس عاملتهم بنوع من النفور كأنهم سبب الوباء الى درجة ان جيران احدى الطبيبات بلغوا عنها حرفيا وان طبيباً بمستشفى ديرب نجم خرج في فيديو يشتكي بمنهى الأدب عن قلة المستلزمات الطبية من جوانيات وجوانات وكمامات.. فما كان من وكيل وزارة الصحة بالشرقية الا ان حوله للتحقيق واوقفه عن العمل.
فيلم (Sausage party ) رغم انه فيلم كرتون إلا انه فيلم عظيم في تناوله لفكرة سطوة الأديان والجهل على العقول حيث البشر في الفيلم هم مجرد سلع في سوبر ماركت ما بين (السجق) والخبز (الفينو) والخبز (العربي) والخمور والخضروات والفواكه والعصائر وكل ما يخطر على بالك من سلع استهلاكية توجد في سوبر ماركت هو (Shopwell s) وحيث الشاري لهم هو الأنسان اسقاطاً للاله ذاته الذي يلأخذهم الى الخلود والجنة بشراءه لهم.. كما يتخيلون.. حيث تاتي الثورة من السلع حين يرجع احد البشر علبة (خردل بالعسل) الى السوبر ماركت فيخبرهم قبل ان ينتحر ان وهم الخلود والجنة وما بعد الموت من حساب وعقاب ما هو الا وهم في عقولهم.. فتوقظ الفكرة شخصية السجق أو “كارل” أو فرانك (السجق) فيبحث عن الحقيقة ومعه بعض الأصدقاء أولهم حبيبته (بريندا) التي تقوم بدور (رغيف فينو) لتحيلنا الى فكرة العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمعات الذكورية والاسلامية بوجه خاص وأن العذرية تقتصر في عقل الرجال والنساء على حد السواء في غشاء البكارة.. حتى لو كانت فاقدة لغشاء بكارة عقلها وماريت الجنس دون ان تفقده.. المهم تلك الجلدة التي تتعمق لبعد يقترب من 2 سنتيمتر (يزيد او يقل) داخل عضو المرأة.. لتحكم على شرفها وعذريتها… ومفهوم الجنس وسطوته على الناس والشعوب والعقول.. ولا ادل على ذلك من ان اكبر الشعوب بحثاً عن الجنس هي الشعوب الأسلامية واوائل الدول في معدلات التحرش افغانستان ومصر ومن ثم الدول العربية جميعاً.. ولا تستثنى الدول الغربية والعالم الأول من هكذا فعل.. غير انه بدرجة اقل لوجود حرية جنسية لديهم.. ومفاهيم خاطئة عند كلا الطرفين المرأة والرجل وجهل الطرفين لمفهوم الجنس وهذا واضح جدا عند كلا الطرفين وخاصة في الدول العربية .. والتي رغم تصدرها قائمة البحث عن السكس.. الا انها الأكثر جهلا به وعنه.
ثم احالة الى شخصية كريم عبد (لافاش) ذو التشكيل العربي في هيئته.. تلك الفطيرة العربية الذكورية التي تحتقر كل ما هو غربي وتراه كافراً وتنتظر 72 حورية من زيت الزيتون كما يتوهم الاسلامي المتشدد ويحتقر الأنثى ولا يعتبرها اكثر من مبولة لشهواته وافراغ لتلك الطاقة من هرمون (التستوستيرون) الذي يحيل الرجل الى مجرد عقرب يحمل لاسعاً في منتصف جسمه كالعقرب يفرغ في اي انثى يقابلها (هرموناته الذكورية).. مع تصنع من النساء وتمثيل مبتذل وكراهية مصطنعة.. ربما تكون نتاج تجربة مريرة سابقة من احد حملة التيستوستيرون الفائض.. أو ربما كنوع من (يتمنعن وهن الراغبات)… اما العلم فمثل (علكة) أو (لبانة) عاجزة على كرسي متحرك لا يهتم بها احد كاسقاط لاستيفن هوكينج عالم الفيزياء الشهير.
فيلم حفلة النقانق فيلم يحمل افكارا فلسفية وجدلية مهمة ابعد من كونه فيلم كرتون.. وما يحمله من دلالات واسقاطات في الرسوم المتحركة وهيئة الأنثى ورمزيتنها كخبزة (فينو) وتشكيل جسدها وفمها كتعبير عن الأنوثة واعضائها وصراعها الهرموني الذي يغير حالتها النفسية ومودها كل لحظة.. وصراعها بين الرغبة والحاجة والتقاليد والخوف من المجتمع وأهما خوفها من التفريط في شرفها المقتصر في غشاء بكارتها. واتجاه النوعين للهروب الى المثلية كعلاج لتفريغ الشهوة الآمنة دون ضرر او فقد للعذرية.. والسجق كمعادل رمزي للعضو الذكري والذكورة ذاتها وما يدور بداخلها من صراع هرموني.. فهو يعري جهلنا وتخلفنا وطائفيتنا ونظرتنا بتعالي على بعض.. هذا هندي وهذا مصري وهذا خليجي وهذا امريكي وهذا الماني من جنس ارقى.. وهذا يهودي من شعب الله المختار.. وهذا مدني وهذا عسكري..والأهم مناقشته لفكرة ما يتعاطاه الناس بتشدد تحت مسمى الدين… ليوقعهم تحت وهم الشفاء بالدين بعيداً عن الأخذ باسباب العلم والعمل على الأرتقاء به والاهتمام بالعلم مقابل الجهل والتخلف والعنصرية التي تمتلئ بها الأرض.. والذي لم يدركه البشر وهم في اشد اوقات المحنة والوباء بفيروس حقير.. ولكنه ليس احقر من تصرفات بعض الناس.. لقد فضحنا الفيروس بكل بساطة وعرى الكثير منا.. ولا زال يعري كل يوم.. فقط لم تشتد المحنة والوباء لتخرج اسوأ ما فينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى