ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد فؤاد المُهندس

هو ‘‘ الْأُسْتاذ ‘‘ و ‘‘ تِلْمِيذ الريحانى النَّجِيب ‘‘ الفَنَّان الكوميدى الْكَبِير و الْقَدِير ‘‘ فُؤَادٌ زَكَّى المُهندس ‘‘ الشَّهِير بـفؤاد المُهندس ذلِك الفَنَّان الرائِع الَّذِى يُعد مِن المُمثلين و السينمائيين المُخضرمين و أَبْرَز التَّلاَمِيذ النُجباء فى مَدْرَسَة العملاق ” نَجِيب الريحانى ” الَّذِين مَثَّلُوا فِى الْمَسْرَح و السِّينِما و التليفزيون و المِذياع و عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ فَهوَ أُسْتاذ لجيل كَامِلٌ مِنْ عباقرة النُّجوم الَّذِين تتلمذوا فى مَسَرَّحِهِ كانَ عَلَى رَأْسُهُم ‘‘ شويكار ‘‘ ( حُب الْعُمْر و رَفِيقِه مُشوار الفنى ) و ‘‘ عَادِلٌ إمَامٍ ‘‘ وَ ‘‘ أَحْمَد رَاتِب ‘‘ و ‘‘ اُسامَة عَبَّاس ‘‘ و ‘‘ مُحَمَّدٍ أَبو الْحَسَنِ ‘‘ و ‘‘ شريهان ‘‘ و ‘‘ سَناء يونس ‘‘ وَ غَيْرِهِم و الَّذِين أَضْحَوْا جميعّاً لِكُلٍّ مِنْهُمْ أُسْلوبه و مَجاله و قِيمَتُه الفَنِّيَّة الْكَبِيرَة و لَكِنْ يَبْقَى هو الْأُسْتاذُ فِى أَعْيُنِ الْجَمِيع و الْحَقّ يُقال أَن فُؤَادٌ المُهندس قَدْ قَدِمَ أَبْرَز اللوحات الكوميدية فى السِّينِما الْمِصْرِيَّة لِأَنَّهَا كانَتْ كُومِيدِيا تَعْتمِدُ عَلَى الموْقِفِ و المُفارقة بَعِيدَة تمامّاً عَن التّصنُع و الِابْتِذَال مُقَارَنَة بِبَعْض نُجُوم هَذا الجِيل ! فبأداء بَسِيطٌ جدّاً اسْتَطَاع المُهندس أَنْ يَدْخُلَ إلَى قُلُوبِ الْكَثِيرِ مِنْ جَمَاهِير السِّينِما و الْمَسْرَح و الدِّراما الْمِصْرِيَّة أيضاً و أَن يَحْجِز مكاناً فِى ذَاكِرَة جُمْهُورَه بَعْدَ أَنْ أضحكهم بِأُسْلُوبِه المُميز الخالى مِن التكلُف و لِلْأَمَانَة النَّقْدِيَّة كَانَ مِنْ ضَمِنَ قَلِيلِين جداً مِنْ الَّذِينَ مُرُور عَلَيْنَا بأدوارهم الْبَسِيطَة و سَكَنُوا الْقُلُوب و لَم يغادروا أَو يغيبوا أطيافنا و لَكِن تَزُورَنَا أطيافهم و نَحْن نَائِمُون و قَد يَجْهَلُون بِأَنَّ لَهُمْ فِى عُيُونُنَا قُصُورٌ و رموشنا لَهُم يَحْرُسون و هُم إلَى أعماقنا أَقْرَبَ مِمَّا يَتَخَيَّلُون .. ولِد فؤاد المُهندس فِى 6 / 9 / 1924م بحى الْعَبَّاسِيَّة بمُحافظة الْقَاهِرَة وَسَطَ اُسرة ميسورة الحال و كَان تَرْتِيبُه الثَّالِث فى العَائِلَة بَعْد شقيقتين هُما ” صَفِيَّة ” ( الإذاعِيَّة العملاقة ) و ” دُرية ” و الشَّقِيق الرَّابِع ” سامَى ” المُهندس و نَشأ بمدارس ” الْعَزَب التُّرْكِيَّة ” الَّتِى كَانَ لَها فضلاً كبيراً عَلَى تَكْوِين شَخْصِيَّتُه الصُّلْبة و كانَ وَالِدَهُ الْعالِم اللغوى ‘‘ زَكَّى المُهندس ‘‘ و لِذَلِكَ كَانَ مَنْزِلِهِم بِمَثابَة قَلْعُه لِلْحِفَاظِ عَلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِى أتقنها فُؤاد مِنْ خِلَالِ أَبِيه الَّذِى يُعد صَاحِبُ الْفَضْلِ الْأَوَّل فى تَنْمِيَة مَوَاهِبِه الفَنِّيَّة و قَدْ وَرّثَ عَنْهُ خُفِّه الدَّم و حُضور الْبَدِيهَة و سُرعة الْخَاطِر الَّذِى مَيَّزَه طيلة مشواره الفنى و يُذكر أن الوالد حينما الْتَحَق نجله بكُلية التِّجَارَة قد شجّعهُ على مُمارسة الفُنون بجانب الدراسة لشِدة إيمانه أن الترويح يُساعد على التفوق الدراسى ما جَعَل النجل ينضم لِفَرِيق التَّمْثِيل بِالجَامِعَة و يؤدى عدة أدوارٍ مسرحية إلى أن شَاهِدٌ ذات مرة الفَنَّان ‘‘ نَجِيب الريحانى ‘‘ و أُعْجِبَ بِهِ فِى مَسْرَحِيَّة ( الدُنيا عَلَى كَفّ عِفْرِيتٌ ) فَعرض عليه الانضمام لفرقته الْمَسْرَحِيَّة و وافق المُهندس على الفور لَعَلَّه يَحْظَى بِأَحَد الْأَدْوار إلَّا أَنَّ الريحانى لَمْ يُساعده كثيرّاً ! لتعّدُد النُّجوم ما أصاب المُهنس بحسرة لم تستمر طويّلاً خاصة عَقِبَ وفاة الريحانى حيثُ انْضَمّ بعدها لِفِرْقَة ‘‘ ساعَة لِقَلْبِك ‘‘ مُنذ تَأْسيسِها فِى مَطْلَع الخمسينات و كانَتْ هَذِهِ بِدايَتِه الْحَقِيقِيَّة مَع مُشواره التّمثيلى الْجَمِيل و الْأَكْثَرُ مِنْ رائِع خاصة بعدما تعَرِّفَ عَلَى الفنانة ” شويكار ” و كّونا فِيما بَعْد ثُنائيّاً كانَ مِنْ أَشْهَرِ الثُنائيات الكوميدية فى السِّينِما و الْمَسْرَح الْعَرَبِىّ و يُذكر أن الْتَقَيا سويّاً لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فى مَسْرَحِيَّة ” السكرتير الفنى ” و تُرْوَى شويكار أَنَّ المُهندس قد عَرَضَ عَلَيْها الزَّواج أَثْناء تّقْدِيمِ أَحَدٍ العُروض ليخرُج المُهندس عَنْ النَّصِّ قَائِلًا ” تتجوزينى يَا بسكويتة ” ؟! لتّندهش شويكار مِنْ هَذَا الطَّلَبُ الْغَرِيب عَنْ النَّصِّ المسرحى و المُشَوِق لِقَلْبِها فى ذات الْوَقْتِ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ بدلالها الْمَعْهود ” أفكر” و رَدَّ عَلَيْها المُهندس ساخرّاً ” بَقِى مَعْقولَة إنتى لسة بتتفكرى ” ! و بمُجرد انْتِهاء العرض المَسرحى تَمّ الزَّوَاج فى ذَاتَ اللَيْلَةٍ !! بَعْد أَنَّ صَمَّمَ المُهندس أَن يُوقِظ الْمَأْذُون فى الْفَجْرِ ! لِيَعْقِد الْقرآنِ وَ لَكِن برغم كُل هَذا الحُب و تِلْك اللهفة حَدَث الطَّلَاقُ بَيْنَهُما بَعْدَ مُدة لَيْسَت بالطويلة و لَكِن برغم وُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ أَعْمالِهِما الفَنِّيَّة اسْتَمَرَّت لِتَكُون مَسْرَحِيَّة رُوحِيَّة إتخطفت آخِرَ عَمَلِ فَنَى يجمعُهما سَوِيًّا بَعْدَ الطَّلَاقِ .. يُذكر كذلك أن بالرغم مِنْ تّقديم المُهندس مايقرب مِن 70 فِيلْم سينمائى إلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ الْمَسْرَح و ظِلّ معشوقه الْأَوَّلِ بعدما آمَن بِضَرورَة تّقْدِيم رِسالَة مُجتمعية مِنْ خِلَالِ أَعْمالِه فَقّدِم مُشكلة الملاجئ مِنْ خِلَالِ مَسْرَحِيَّة ” هَالَة حبيبتى ” الَّتِى أَوْضَحْت سُوء المُعاملة الَّتِى يُعانيها الْأَطْفال فِى الملاجئ كَما قَدَّمَ مُشكلات الْأَبْناء فى ” سُك عَلَى بَنَاتِك ” علاوة على تّقديمه مَسْرَحِيَّة ” إِنَّهَا حَقّاً عَائِلَة مُحْتَرَمَة ” مَعَ أَمِينِهِ رِزْقٌ و شويكار و هو مُصاب بِجَلْطَة فى الْقَلْب و التى آكَد لَهُ الْأَطِبَّاءُ بعد ذلك أَنَّهُ قد شَفَى مِنْها تمامّاً مِنْ خِلَالِ عَمَلِهِ عَلَى الْمَسْرَح ! إضافة لتّقديمِه كَمّاً كبيرّاً مِن الأغانى مِن خِلالِ أفلامِه و مَسرحياتِه و ذلك كونه يُحِبُّ الْغِناء مُنْذ الصِغر بعد أن كانَ رئيسّاً لِفِرْقَة الأناشيد فى الْمَرْحَلَةِ الابْتِدائِيَّةَ و يُذكر أن الْغِناء كان موظفّاً بدرجة احترافية داخِلٌ الْعَمَل الفنى لِأَنَّهُ لَيْسَ مُطربّاً علاوة على تَمَيّزه أيضّاً بِالْغِناء فى التليفزيون بِتّقْدِيم أَعْمالٍ كَثِيرَةٌ لِلْأَطْفَال أَشْهَرهَا ” فوازير عمو فؤَاد ” فى شَهْرِ رَمَضَانَ و الَّتِى لَاقَت نجاحّاً كبيراً علاوة على العَديد مِن أغانى الْأَطْفَال كان أَشْهَرها ” هنوا أَبُو الْفَصَّاد ” و ” رايح أُجِيب الديب مِن ديله ” اللَّتان لاَيَزال يُرددهما الْأَطْفَال إلَى الْآنَ .. يُذكر أيضّاً دَخَل المُهندس تَجْرِبَة الإِنْتاج السينمائى عِنْدَما أَنْتَج فِيلْم ” فِيفا زلاطا ” الكوميدى إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَلْقَ نجاحّاً فى وَقْتِها أما أَشْهُر أَعْمَالِه فِى الْمَسْرَح فكانَت مسرحيات ” سيدتى الْجَمِيلَة ” و ” السكرتير الفنى ” و ” أَنَا و هوَ و هِى ” و ” أَنا فِين و إنتى فِين ” و ” أَنَا و هوَّة و سَمَّوْه ” و ” حَوَّاء السَّاعَة 12 ” و ” حالَة حُب ” و ” سُك عَلَى بَناتِك ” و ” علشان خاطَر عيونك ” و ” أَشْهُر أفلامه كان ” العَرِيس يُصَلّ غدّاً ” و ” إعترافات زَوْج ” و ” الشُموع السَّوْداء ” و ” جَناب السَّفير ” و ” الرَّاجِل دَه حايجننى ” و ” زَوْج تَحْت الطَّلَب ” و ” أَرْض النِّفَاق ” و ” أَخْطَر رَجُلٌ فِى الْعَالِم ” و ” شنبو فِى الْمِصْيَدَة ” و ” العَتَبَة جَزّاز ” و ” خَمْسَة بَاب ” و ” البيه الْبَوَّاب ” كَمَا قَدَّمَ للتلفزيون عِدة مُسلسلات مِنْها ” عُيُون ” و” أَرْض النِّفَاق ” و ” الدُنيا لِما تَلِفَ ” و ” مَتَاعِب الْمِهْنَة ” .. يُذكر كذلك أن تَزَوَّج المُهندس مَرَّتَيْنِ الْأُولَى كانَتْ فى عام 1952م مِنْ سَيِّدِهِ مِنْ خارِجٍ الْوَسَط الفنى أَنْجَب لَه نجليه ” أَحْمَد ” و ” مُحَمَّد ” ثُمَّ حَدَثَ الِانْفِصَال ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ الفنانة شويكار عَام 1957م و حَدَث الِانْفِصَال فِى أَوَاخِر الثمانينيات بِسَبَب الْغَيْرَة الشَّدِيدَة و جديرٌ بالذكر أن ظل المُهندس يُعانى فى آواخر سنواتِ حياتِه مِن الأمراض العديدة التى هاجَمته خاصة أمراض الشيخوخة إلى أن صعدت روحه لبارئها فى 16/ 9 / 2006م إثر أَزْمَةٌ قَلْبِيَّةٌ حادَّة أَصابَتْه بِمَنْزِلَة فى حَىٍّ الزمالك بِالْقَاهِرَة عَن عُمرٍ نَاهَز عَلَى الـ 82 مِن عُمره بَعْد رَحْلِه عَطاء فَنِيَّة زاخِرَةٌ بالإبداعات الَّتِى سطرت و ستظل تُسطر اسْمَهُ حَتَّى يَومَّ يُبعثون .. يُذكر أخيرّاً أن أَكْثَر ماكان يُضايق المُهندس هوَ الْخُروج عَنْ النَّصِّ لِفَتْرَة طَوِيلَةٍ مِنْ الْوَقْتِ ! بِحَيْث يُخرج المُشاهد عَنْ المغزى أو الرسالة السامية للنَّصِّ الأساسى لِلْعَمَل لِدَرَجَة أَنَّه نَهْر الفَنَّان مُحَمَّدٍ أَبو الْحَسَنِ بِسَبَبِ خُروجِهِ عَنْ النَّصِّ فِى مَسْرَحِيَّة “ سُك عَلَى بَناتِك ” قَائِلًا لَهُ ( مافيش مُشكلة لِما تُخرج عَنْ النَّصِّ يَا محَمَّدُ لِمُدَّة دَقِيقَةٌ أَو إتنين بِشَرْطِ أَنْ الْخُروجَ دَه يخّدم عَلَى الدُّورِ إنَّما لَوْ زادَ الشيئ عَنْ حَدِّهِ حَتَّى لَوْ حايخلى الْجُمْهور يطرشق مِنْ الضَّحِكِ ! بِالتَّأْكِيد حاينقلب لِضِدِّه و يُجِيب نَتِيجَة عكسية لِأَنَّه حايخَرج الْجُمْهور عَنْ الْمَغْزَى الحقيقى لِلنَّصّ الأساسى لِلْعَمَل و يَبْقَى إِحَنا كَدِّه بَقِينا أراجوزات فى مولد مَش مُمثلين فى مَسْرَح أبدّاً ) .. رَحِمَ اللَّهُ فُؤادٌ المُهندس و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِ و أَسْكَنَه فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى