ثقافة وفنون

نرمين نعمان تكتب : الحب ..كلمة ومعنى وقيمة !

الحب كلمة جميلة
ومعنى وقيمة أجمل.. يرتكز عليها توازن الكون بأكمله، فما خلق الله شيئًا في الحياة
إلا بالحب، وما أمر عباده بأوامر أو نواهي إلا أيضًا من دافع الحب.. الحب عبادة وصلاة
وفطرة خلق الله البشرية عليها ومنها لنحتفظ بإنسانياتنا ولنحقق هدفنا الحقيقي من وجودنا
في هذه الدنيا المؤقتة وهو تعميرها ومعرفة خالقها المعرفة الحق، حتى نرقى لما خُلقنا
من أجله وهو السمو للحياة الأبدية والفوزبنور الحب الأعظم 

عيد الحب الذي ننتظره
جميعًا بشغف حتى يذكرنا بقيمة قد نكون قد افتقدناها في زخم وضغوط الحياة المستمرة،
نجد الشباب يتهافت على شراء الهدايا وابتكار وسائل الاحتفالات المختلفة وهذا شيء جميل
حقًا، فقط إذا قدرنا قيمة ومعنى الحب الحقيقي وليس المفتعل لنعيش حالة ما في وقت محدد
بزمان أو مكان.. الحب يجب أن يكون هو الفارض والموجود طوال العام، فلا نتذكره فقط فى
يوم معين للاحتفال، ثم ننخرط بعدها في حياة دون معنى.. الحب هو أصل الوجود والانتماء
لمعنى وقيم الأشياء.

إذا حققنا هذا الغرض
السامي من الوجود سنستوعب فعلًا معنى الحياة ونتذوقها بشكل مناقض لمرارة الدنيا التي
نعاني منها جميعاً دون استثناء .

قد يلحظ البعض جوع
الإنسانية للحب.. كم نفتقد كلنا للمعاني الإنسانية النبيلة الحقيقية غير المدعية في
حياتنا اليومية وهذا يفسر شغفنا جميعًا بكل ما هو يمس المشاعر والأحاسيس ويخاطب معانى
الحب بشتى الطرق، ما يفسر إقبال الناس كلها على حدٍ سواء الآن على جميع أنواع الفنون
الشغوفة بهذه المعاني الراقية لألوان الحب المختلفة من كتابة الرواية الرومانسية إلى
الأعمال السينمائية التي تناقش معنى وهدف الحب ووجوده إلى الهرع للبحث عن معاني الصوفية
الجميلة والتوغل بأسرارها وبواطن أمورها وصولًا بأجمل المعاني في العشق الإلهي.

نحن ظمأى لتلك البحور
غير المرئية، لكنها السر والأصل لسلام النفس والفطرة السليمة التي تَخَلينا عنها طوعًا
وطمعًا في ملذات الدنيا غير الحقيقية، فتغير الإنسان من كائن حساس شغوف لآلة مادية
بحته أو رغمًا عنه منساقًا لأهوال ضغوط التغيير ومواكبة الدنيا الباطشة والأحداث المجنونة
التي نعيشها يومًا بعد يوم.. الحياة فعلًا تحدي كبير وصدمات لاطمة يومية نواجهها باستمرار،
لكن عدم التمسك بالفطرة والمحاربة من أجلها تجعل العيش فيها جاف، بارد، وتجردنا من
أحلى ما رزقنا به دون أن ندري، لنجد أنفسنا سجناء داخل فقاعة بالون كبيرة غير حقيقية
وهشة تنفجر دومًا لأتفه الأسباب ولا نجد بداخلنا الماؤون الحامي من الحب لمواجهتها
.

أعلم أن الموت وأنت
على قيد الحياة جريمة لا تغتفر وأن الحب هو شفاؤك وملجأك الأوحد فانهل منه لذاتك أولًا
كي تستطيع أن تشارك به الآخرين وتغير من مجتمع كامل أصبحت فعلًا رافضه شكلًا وموضوعًا.

اجعل عيد الحب فرصة
ليس فقط للاحتفال والهدايا بل لإيقاظ مشاعر قد هَرمت مع الوقت وأحاسيس قد تغطت بأتربة
الزمن والمعاناة، واصفح لنفسك أولًا على أعوام الخواء السابقة بداخلك وعاهد نفسك من
الآن على أن تمتلىء حياتك بنعمة الحب والرزق من تلك النعمة باستخدامها دومًا بسخاء
..

يتعرض “الكتاب
الأسود” لمعاني وقيم الحب الحقيقية بكافة أشكالها وكيفية إدراكها السليم في كافة
مراحل حياتنا بدءًا من المراهقة وحتى الكهولة مرورًا بجميع تحديات الحياة التي تحاربنا
دومًا ويكون الحب فيها الشهيد الأول.

أهمية قيمة إدراك
الحب بالقلب والعقل معًا كي تنعم فعلًا بتوازن نفسي يسعدك في جميع العلاقات وأيضًا
يجنبك ألم خطأ استخدامها .

خلط الأمور بين المشاعر
الحقيقية ومجرد الاحتياج لتلك الأحاسيس حتى نتجنب الوحدة، هو ما يجعلنا نشوه جمال تلك
القيمة السامية التي تنتهي دائمًا بظلم وألم لكل أطرافها ..

من “الكتاب
الأسود”: (الحب نِسْبيّ كالعقل والجنون والجمال والقبح، فهو حيّ موجود لكل من
يؤمن به ويبذل قصارى جهده للاعتناء بجماله وعذابه، وهو وهْم آخّاذ لكل مَن كفر بوجوده
وأدمن هلاكه).

الحب إدراك ومشاعر..
حياة ذات تفاصيل لا تنتهى لأنها ممتعة، فكلما نهلت منها كالنهر الفياض تزيدك نورًا
وتنعم عليك بقدرة أكبر للعطاء والشعور والإحساس .

كل عام و نحن على
حب وفي حب أعمق.. كل عام ونحن نحتفل بالحب ليس لنتذكره بل لنمتن لوجوده وعطائه وجماله.

………………………………………………………………………………………………………..

نرمين نعمان

……………….

كاتبة مصرية وأخصائية
صحة نفسية، وأصدر لها كتاب “الكتاب الأسود” في يونيو 2015، وتصدر قوائم الكتب
العربية الأكثر مبيعًا في جمهورية مصر العربية ودول الخليج العربي وصولًا للطبعة الخامسة
الآن عن دار رواق للنشر والتوزيع . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى