رؤى ومقالات

محمد فخري جلبي يكتب ….مالذي ينتظر العرب

كيف يمكن للمجتمع العربي أن يبقى رهينة لدى القوى السياسية في ظل تنامي علاقات تلك القوى العربية مع الجانب الإسرائيلي ؟؟ 

ففي حين تمضغ وكلات الأعلام الغربية أخبار أقتتال العرب فيما بينهم بتلذذ ، تتناول الشعوب العربية خبز العار المباع ضمن فروع أفران العلاقات العربية الإسرائيلية . 
ولعل تقرير صحيفة بديعوت أحرنوت الإسرائيلية خير دليل على تفشي فيروس التطبيع الغير المباشر في أروقة القيادات العربية دون أي رادع يذكر ، حيث قالت الصحيفة إن الحصار المفروض على قطر تسبب في توطيد العلاقات بين إسرائيل والسعودية كما طالب وزير الأستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز علنا بتوجيه دعوة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لزيارة السعودية ، وألمح مسؤولون إسرائيليون مؤخرا إلى علاقات غير علنية بين إسرائيل وعدد من دول الخليج بحسب ما أوردته الصحيفة.

وفي أطار الحديث عن العلاقات العربية الإسرائيلية ، تتقاذف كلا من السعودية وحلفائها من جهة وقطر ورجالاتها من جهة أخرى كرة الأتهام التارية حول العلاقة مع إسرائيل ، بينما تسعى جميع الأطراف إلى مد جسور التلاقي بين الكيان الصهيوني وبين تلك الأطراف بعيدا عن أعين الصحافة العربية وتحت مظلة مايسمى 
المنفعة المتبادلة ، وبالأخص لما للكيان الصهيوني من سطوة وأيادي خفية في مطابخ سياسات القوى الدولية . ( بعض الدول العربية توهم أنفسها بالغرق لتطلب النجدة من الكيان الصهيوني هربا من الموت !!!) .

وإلى ذلك ، ترفض 18 دولة عضو في جامعة الدول العربية الأعتراف بإسرائيل ، كذلك 11 عضوا في منظمة التعاون الإسلامي ترفع الشعار ذات الوجهين (رفض التعامل والتعامل في نفس الوقت) !! .
ولن أذكر تلك الدول لما في ذلك من أستخفاف بعقلية القارىء ومصادرة حقه بكشف خداع تلك الدول توازيا مع كم التقارير الهائلة التي تفضح خفايا تلك العلاقة الغرامية ، بالأضافة إلى أن معظم تلك الدول تقرع الطبول ترحبيا بدولة إسرائيل عبر أرسال مندوبين للتفاوض ولقاءات سرية تجمع تلك الأطراف في أجنحة فنادق الدول الكبرى . 
وتأتي باكورة تلك التطلعات حول علاقة حميمية بين إسرائيل وتلك الدول ( العربية ) عبر منبر جامعة الدول العربية ، ففي عام 2002 أقترحت الجامعة العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل من جانب الدول العربية كجزء من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مبادرة السلام العربية . وهنا يتضح لنا دور أعضاء الجامعة العربية بالعمل الدؤوب لمحاولة تمرير ورقة فك عدواة الشعوب العربية مع الصهيانة خلف أي ذريعة . 
بالطبع ذلك قبل خمسة عشر عام عندما كانت الشعوب العربية مازالت تحمل أوجاع الشعب الفلسطيني على أكتافها ضمن مظاهرات تجوب الشوارع العربية مطالبة دولها ودول العالم بضرورة فك حصار الشعب الفلسطيني الأعزل وأنهاء الأحتلال ، بينما في الأوقات الراهنة وبعد أن أصبحت تلك الدول تعاني من أزمات أقتصادية وطائفية وحدودية مفاجئة !! فقد أصبحت القضية الفلسطينية موضوعا ثانويا كما بات صعود خبر تعاون دولة عربية ما مع إسرائيل إلى السطح مجرد ترهات لايتوجب الألتفات لها .

وبطبيعة الحال ، يشي أرتفاع مؤشرات حالات الكراهية في الوطن العربي بين الأخوة العرب إلى سعي بعض الأطراف الداخلية والخارجية إلى دفع الشعوب العربية إلى أنشغالات وأهتمامات بعيدة كل البعد عن تحرير الأراضي المغتصبة ، كما أن تخبط المؤسسة الدينية وأنجرافها خلف خطوات السياسيين قطع الحبل المتبقي بين تلك الشعوب وأولوياتها وذلك عقب العبث ببوصلة الصراع العربي الإسرائيلي إلى أماكن جديدة يكون المتحاربون فيها يعتنقون ذات الدين ويتكلمون نفس اللغة !! 
حيث يعد الصراع السعودي القطري أحدث حلقات التوتر بين الدول العربية ، وذلك أنطلاقا من مبدأ حتمية أن نتقدم إلى الخلف تماشيا مع أرتفاع منسوب المخاطر المرتفعة التي تحاصر الوطن العربي !!
مع التنويه بأن دولة قطر ( العربية ) تستحق العقاب كنتيجة واقعية لتهورها السياسي وأنغماسها في دعم القوى المعادية للدول العربية المسلمة في ظل سياسة التأمرات الشديدة ضد العرب والتي تنتهجا الدوحة منذ عشرات السنين . 
ولكن يبقى السؤال متعبا يقفز فوق مئات الحواجز من أشارات الأستفهام . 
هل أستيقظت الدول المقاطعة للدوحة ذات صباح لتكنشف علاقة قطر مع إسرائيل والأخوان المسلمين وإيران عن طريق الصدفة ، وماسر قيام تلك الدول بتلك الحركة اللولبية تجاه الأخ المشاغب ( الذي يستحق التأديب) عقب زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية ؟؟؟
فالعلاقات القطرية الإسرائيلية تشهد عبر السنوات الماضية تطورات ملحوظة وذلك على عكس ماتروجه الأذرع الأعلامية القطرية . حيث التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سراً مع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في باريس للحديث عن موضوع السلام الفلسطيني وصفقة التبادل مع جلعاد شاليط ، كما أبدت دولة قطر أستعداها لتزويد إسرائيل بالغاز والى مدة غير محدودة وبأسعار رمزية. بعد توقف إمدادات الغاز الطبيعى إلى إسرائيل من خلال خط الأنابيب المصري الواقع في سيناء بعد أن فجره مجهولون .
وقد بدأت قطر العلاقة مع إسرائيل عند زيارة الرئيس الإسرائيلي السابق “شمعون بيريز” لقطر عام 1996 وأفتتاحه المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وتوقيع أتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم إنشاء بورصة الغاز القطرية في “تل أبيب” . 
في حين تمتد علاقة قطر مع الأخوان المسلمين وطهران لعدة سنوات ، فالجديد الأن ؟؟

إلى ذلك ، تسير الدول الخليجية المقاطعة لقطر على ذات الشارع المؤدي إلى إسرائيل بينما تتهم تلك الدول قطر بالتعامل مع الكيان الصهيوني ، وهذا ليس مستغربا على سياسات الدول العربية فهي مع الشيء ونقيضه في ذات الوقت ؟؟ 
فلم ننسى بعد أعلان مجلس التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الأقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في إسرائيل أو معها، وتلت ذلك إقامة علاقات بين إسرائيل وهيئات ومؤسسات وشركات طيران عربية، مثل طيران الخليج ومقرها في البحرين ، والخطوط الجوية القطرية، وغيرها من الشركات التي سهلت من القيود المفروضة على المسافرين والمؤن الآتية من إسرائيل إلى الدول العربية. وكلها بمساعدة قطرية . 
وعلى غرار سقوط قطر في مستنقع التعامل مع الأحتلال الصهيوني ، تعد الأمارات هي الدولة التي خرج سر علاقاتها مع إسرائيل علنا خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدا عقب الحرب الأولى على غزة 2008-2009، حينما منحت لاعب تنس إسرائيلي تأشيرة دخول للمشاركة في بطولة في دبي، ورفع علم إسرائيل للمرة الأولى في أبوظبي خلال أجتماع للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في حضور مسئولين إسرائيليين !! 
أما وبالنسبة للسعودية التي تعد رأس الهرم في دول الخليج وربطا مع التقرير الصادر عن صحيفة بديعوت أحرنوت الإسرائيلية الذي ذكرناه في بداية المقال ، فلايمكن أخفاء أنتعاش العلاقة بين تل أبيب والرياض ، كما أضافت الصحيفة أن وزير السياحة الإسرائيلي يريف لفين يسعى للدفع بمسار جديد يتاح بمقتضاه للمرضى من دول الخليج العربي تلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيليّة .

الأهم من كل هذا، هو محاولة قطر والسعودية تدويل الأزمة على انغام الأراء المتصادمة بين الأطراف المتناحرة ، وذلك من شأنه دفع المشهد العربي الكلي نحو مزيدا من الغموض والتعقيد ، وكان الحري بتلك الدول المتصارعة قبل التهافت إلى أحضان الدول الكبرى الجلوس إلى طاولة حوار عربية لأنهاء الأزمة مع أقل نسبة أضرار ممكنة . 
وقالت الخارجية القطرية إن آل ثاني (وزير الخارجية القطري ) التقى كلا من نائب المندوب الدائم لروسيا، والمندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية والمندوب الدائم الفرنسي، ونائب المندوب الدائم البريطاني، والمندوب الدائم الصيني، لبحث مستجدات أزمة بلاده والإجراءات التي تم أتخاذها ضد دولة #قطر .
ولم تبدي الدول المنكبة على أعتاب تلك الدول الأستعمارية قلقها البالغ إزاء الممارسات التي تقوم بها تلك الدول تجاه القضايا العربية المصيرية ، ويخيل للمتابع العربي بأن القيادات العربية لم تقرأ التاريخ على الأطلاق ولم تتوصل إلى حقيقة جلية بأن تلك الدول ترفع شعارات مناقضة لتصرفاتها بشكل صارخ !!

وبعيدا عن العواطف والقراءات الخيالية ، هل يمكن لرجل الأطفاء #ترامب المولع بأشعال الحرائق بأطفاء الأزمة الخليجية بعد أن قام بأشعالها في حال لم تتوافق تلك المصالحة مع الأهداف الأمريكية ؟؟
كما أن الدب الروسي المطلق سراحه عقب #الحرب_الباردة وبعد أن قام بأحتلال الجمهورية العربية السورية ( سابقا) لاينتابه الخجل بدعوة الأطراف المتحاربة إلى ممارسة طقوس الدبلوماسية لأنهاء الأزمة الخليجية ؟؟؟( أكاد أجزم بأن معجم اللغة الروسية لايحتوي على تعريف لكلمة الدبلوماسية ) ، 
وأكد #بوتين أهمية الدبلوماسية لإنهاء الأزمة بين قطر ودول عربية تفرض حصارا على قطر منذ بداية الشهر الماضي خلال أتصاله الهاتفي مع أمير قطر !!

عزيزي القارىء ، كما جرت العادة في مقالاتي أن أدع لك حرية التفكير بعد فك شيفرة بعض التعقيدات الدولية والمحلية وذلك بعيدا عن النمط المتبع من قبل قنوات الأعلام العربي وخط قلم المحلليين السياسيين بدفع المتابع العربي إلى الزواية المراد أنزواءه بها خارج مربع الأحداث ، فالوطن العربي يمر بمرحلة مفصلية من تاريخه المعاصر والأمر لايقتصر على محاربة داعش وضرورة إيجاد حل للأزمة السورية وسير منظومة الأقتتال بين الدول العربية و …. ، فهناك وراء الأكمة ماوراءها والشيطان لم يعد يتواجد في التفاصيل فقط !! ولكن الشيطان أصبح عاطلا عن العمل عقب أنجرارنا المخزي خلف الشعارات والخطابات الدموية والتي من شأنها أن تزيد الشرخ بين الشعوب العربية وبذلك تتحقق تطلعات الدول الكارهة للدول العربية وتبقي إسرائيل أمنة مطمئنة عقب تمييع القضية الفلسطينية .
وكل ماسبق يمثل بحد ذاته أنتصارا للدول الأستعمارية وهزيمة جديدة تضاف إلى سجلات الهزائم العربية المليء بالأحداث والتواريخ .

وضمن السياق ذاته ، فقد كتبت منذ عدة أيام قصيدة تحت عنوان #مات_أبو_بكر ( البغدادي )
تفضح بشكل واضح زيف ادعاءات القوى الكبرى حول محاربة تنظيم داعش وبأن التنظيم وأن قضى نحبه فلن تنتهي مأسي الشعوب العربية ولن يكون تنظيم داعش التنظيم الأخير لقتل الشعوب العربية من خلاله !! 
أترككم مع القصيدة ، وأستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه .. 
مات أبو بكر ( البغدادي ) ..

مالت بنا الأرضُ بما أتسعت
وأشتد بنا عواءُ الجوعِ .. أشقانا 
زرعتم في عراقنا كلابَ الأرض أنجسها 
وبايعتم بالسرِ والعلنِ …. دجالا 
ماتَ أبو بكر ( البغدادي ) فمتى يكون رحيلكم ؟؟ 
وأن ماتَ فوالله في دينكم .. مامات !!
وغداً تزعمون بأن بلاد المسلمين مرعبةٌ 
فمن جعل خرافنا سواكم بالأعلامِ .. أسامة !! 
وغداً تشكلون حلفاً جديداً ليقتلنا 
ومن ياترى يدفع فاتورة الحرب ؟؟ لاتجزع (نتياهو) … مدفوعةٌ والتوقيع (عربانا) 
ملوك ٌ وأمراءُ ورؤساءُ ملئوا حظيرتنا 
فأختلط علينا الأمر هل الحميرُ تقود الأن أوطانا ؟؟ 
فنهق حمار جدي وعاتبني 
ماآذيتك يوما .. فمتى كان هذا الحقدُ ( ولما كان ) ؟؟ 
مولاي .. حتى الحمارُ أن هجوته يبكي مشاعره 
فسبحانك يامن جعلت حكامنا أصناما !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى