تاريخ العرب

المولد النبوي رضوان بوودينة – المغرب

كلما اقترب مولد نبينا المختار صلى الله عليه وسلم تتسارع الخطى لإحياء الليلة الشريفة داخل مقرات بعض الزوايا، وبعض المدن (مكناس تطوان شفشاون وزان…)، بطقوس، وتقاليد، وأمداح يختلف الطرقيون في تأديتها باختلاف الطريقة.
فالمقصود بالسماع؟
وكيف تطور هذا المفهوم؟
-“السين والميم والعين أصل واحد، وهو إيناس الشئ بالأذن، ولكل ذي أذن”
والسمع الذكر الجميل، وقد استعمل عند الصوفية للدلالة على الإنشاد الديني الذي يكون مصاحبا لمجالسهم العلمية، أو التعبدية “فهو راح تشربه الأرواح بكؤوس الآذان على معاني الألحان” وهو” ترتيل الأشعار الصوفية ببهي الأنغام وشجي الألحان في إطار شكل موسيقي روحي.”
– وقد ارتبط ظهور مفهوم السماع في بلادنا بمنتصف القرن السابع عندما استحدثت أسرة العزفيين عادة الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي الشريف ليشهد تطورا كبيرا في عهد المرينيين حيث اتخذوه عيدا وطنيا، ثم الوطاسيين، والسعديين وصولا إلى العلويين، ويكون بالذكر، وإنشاد القصائد “وفي المساء تتوافد وفود الزوايا …لحضور الحفل…تنشد على أسماعهم مقاطع من الهمزية ممزوجة بألحان بعض الآلات الموسيقية مثل الرباب والكمنجة”)(كالزاوية الحراقية مثلا)
وقد أقر أبو العباس أحمد بن محمد في مقدمة كتابه “الدر المنظم في مولد النبي المعظم “أن الاحتفال سيشكل بدعة” من البدع المستحسنة”
تنعم بذكر الهاشمــــي محمـــــــد *ففي ذكره العيش المهنأ والأنس
أيا شاديا يشدو بأمداح أحمد *سماعك طيب ليس يعقبه نكس
كما أصبح الاحتفال واجبا بأمر السلطان أبو يعقوب يوسف المريني المتوفى سنة 691هجرية معتبرا إياه عيدا رسميا كعيدي الفطر والأضحى، وهو ما يؤكده ملك بن المرحل:
فحــق لـنا أن نــعـتني بولاده * ونجعل ذلك اليوم خير المواسم
وان نصل الأرحام فيه تقربا * ونغدوا له من مفطرين وصائـم
ونترك فيه الشغل إلا بطاعة * وما ليس فيه مــن مـلام ولائـم
ويشير الرحالة أبو علي الحسن الوزاني الفاسي في كتابه وصف إفريقيا إن التلاميذ يقيمون احتفالا بالمولد النبوي ويأتي المعلم بمنشدين يتغنون بالأمداح النبوية طول الليل.
وكما اختلف منظرو الصوفية في تعريف السماع اختلف العلماء في مشروعيته، ففسح المجال للاجتهاد في غياب نص قطعي يلغي الخلاف في المسألة وانقسموا في ذلك إلى ثلاث فئات فمنهم المؤيد، ومنهم المعارض، ومنهم التوفيقي.
يقول الغماري: إن الذكر بالأنغام يسهل الإكثار منه بلا مسأمة ولا مشقة
ويقول الألباني: لايجوز التقرب إلى الله تعالى إلا بما شرع الله فكيف يجوز التقرب إليه بما حرم.
أما الذين حاولوا التوفيق فقد عمدوا إلى اتخاذ نية المستمع مطية لشرعنة السماع.
“ولكل امرئ ما نوى ماء زمزم لما شرب له وهذا وما يسمع له، فمن أصغى بحق تحقق ومن أصغى إليه بنفس تزندق”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى