شريف يونس يكتب :المأزق العربي الحالي بعد 7 أكتوبر

أظن إنه من وجهة نظر إسرائيل، قيامها بضرب حزب اللـه بالذات وتمهيد الطريق لإسقاط نظام الأسد حليف إيران وضرب المحور الإيراني، وحتى ضرب الحوثي اللي كان جزئي، كلها أو معظمها من مصلحة دول عربية وعلى رأسها دول الخليج. لكن إسرائيل هي اللي حاربت وتعرضت للقصف من اليمن جنوبا إلى العراق شمالا بشرق، والدول العربية ماعملتش حاجة ولا كانت تقدر تعمل حاجة أساسا. وبالتالي ثمار النصر (أقصد الهزيمة😅) هي من حقها، ومش من حق الدول العربية تطلب أي حاجة، إن ماكانش المفروض تشكرها على تقديم الخدمة المجانية دي.
منطق الدول العربية إن تعنت إسرائيل هو السبب في كل المصايب دي أساسا (باستثناء إيران)، وبالتالي لازم إسرائيل تقبل بإقامة دولة فلسطينية (حل الدولتين). وكمان الاعتراف بوجود مصلحة مشتركة موجودة واقعيا صعب بسبب قضية فلسطين. يضاف إلى ذلك إن من مصلحة الدول العربية إنها تتفاهم بخصوصا أمنها مع أمريكا مباشرة، باعتبارها قوة عظمى، مش إنها تربطه بسياسات إسرائيل، بما يعني حماية إسرائيلية، أو شيء قريب من كدا.
ولأن الدول العربية ماقدرتش تواجه ظاهرة الميليشيات التابعة لإيران، ولا تقدر تفرض حل على إسرائيل، خصوصا بعد 7 أكتوبر اللي خلى فيه أغلبية إسرائيلية ساحقة رافضة تماما فكرة أي دولة فلسطينية من أي نوع، ولو منزوعة السلاح، وفي ضوء مشروعات ترامب، يبدو إنها في النهاية واقفة مع تجميد الموقف، حتى لو التجميد دا لازم يمر بمناورات نشيطة علشان ضغوط أمريكا وإسرائيل.
في مسألة إعمار قطاع غزة بما يعني إنهاء الحرب، في ضوء التوافق الأمريكي الإسرائيلي على ضرورة خلع حماس من السلطة على غزة، السؤال اللي بيوجه للعرب، وانتو عندكو حاجة تعملوها في الموضوع دا؟ ولا برضو حاتفضلو تطرحو مطالب من غير ما تعملو حاجة؟ علشان كدا مسألة التعهد بالقيام بالإعمار ماينفعش إجابة لوحده من غير حل مشكلة السلطة في قطاع غزة.
فيه رأي بيقول إن الحل هو تقديم مبادرة سلام أكتر جرأة تقبل وجود إسرائيل باعتباره حق، مش مجرد أمر واقع الدول مستعدة تتعامل معاه رسميا، بحيث تقنع الجمهور الإسرائيلي إنه يعيد نظر في موقفه ويقتنع إن رفض وجود إسرائيل في المنطقة انتهى خلاص.
دا يشبه مبادرة السلام بتاعت السادات، اللي حولت الرأي العام الإسرائيلي في حينه. لكن فيه فارق مهم يِضعِف إمكانية نجاح التصور دا، وهو إن مبادرة السادات كانت بعد حرب 1973، رغم إنها ما أدتش لنصر كامل، وكان من جانب القوة الرئيسية اللي حاربت إسرائيل. في حين إن الوضع الحالي عكس ذلك، ولو ممكن حاجة زي دي تنجح لازم تيجي من حماس وحزب اللـه نفسهم، ودول أبعد ما يكونو عن التفكير في أي حل سلمي أساسا.
[إضافة للتوضيح: يتطلب مشروع السلام العربي موضوعيا إضعاف اليمين الإسرائيلي ومعسكر الممانعة معا. ولكن الذي حصل أن اليمين الإسرائيلي هو الذي أضعف معسكر الممانعة، ولم تستطع الدول المدافعة عن هذا المشروع أن تفعل شيئا حاسما، لا في إضعاف الممانعة ولا الحد من تحطيم إسرائيل لها. وبالتالي فإنها تدخل الساحة بمشروع “نظري” مجرد فحواه أن السلام أفضل، وبالتالي لا يبقى أمامها سوى السعي لإعادة قدر من التوازن في المشهد، لكن لا توجد أية رؤية واضحة أو كافية في ضوء التطورات، هذا في حدود علمي].