نحيلٌ أنا ….. بقلم // أحمد اليزيدي // اليمن

نحيلٌ أنا
وطولي 170 سنتيمترًا،
ورغم ذلك،
صمدتُ في وجه الأعاصير مرتين!
لدي ساعتان:
إحداهما توقّفت عند لحظة فرحٍ قديم،
والأخرى تدقُّ بعنادٍ كقلبٍ يرفض الانكسار.
من مواليد برج العقرب،
لذلك تراني
أخفي اللدغات تحت ابتسامةٍ باردة.
تزوّجتُ بالعشرينات،
فعلقت بي أصابع العمر
قبل أن تعلق بي أصابع امرأة.
لكنّي وجدتُ أخيرًا مَن تمسكُ براحة يدي
وتهمسُ في أذني:
“لا تخف، فالشقاءُ أيضًا له نهاية.”
أحببتُ نساءً كُثر،
لكنّ قلبي ظلَّ مشرّعًا كبابٍ صدئ،
حتى أتت هي…
فأغلقتْه بصمت،
ومضتْ تحملُ المفتاح في جيبها.
كبرتُ فجأةً
حين اكتشفتُ أنَّ الدنيا ليستْ كما روتْ لي جدتي.
ورثتُ الكبرياءَ من أبي،
فصرتُ أرفعُ رأسي حتى عندما أمشي على الجمر.
عمري ٢٩،
وأشعرُ أنّ الوقتَ يتسرّبُ من بين أصابعي
كالماءِ في غربال.
لكنّ شيئًا غامضًا يملأني ثقةً
كأنّما الحياةُ تُهمسُ لي:
“انتظر، فالأجملُ آتٍ.”
صرتُ أضحكُ أكثر،
وأبتعدُ عن السفيهين
وهم يحاولونَ بيعَ الوهمِ بقيمة الحق.
أقرأُ الكتبَ كمن يبحثُ عن كنزٍ ضائع،
وأكتبُ كلامًا يُشبهني…
خارجًا عن السرب،
متمردًا على قواعد القبيلة.
اكتشفتُ الكتابة متأخرًا،
لكنّها احتضنتني كأمٍّ عائدةٍ من سفرٍ طويل.
صارتْ صوتي حين أعجزُ عن الكلام،
ومنفايَ حين يضيقُ بي العالم.
أصغي إلى صمتي أكثر،
وأرى في المرايا وجوهًا كثيرةً
تمرُّ كظلالٍ على حائط.
لكنّي أعرفُ وجهي جيدًا…
ذلك الغريبَ الذي يحدّقُ بي كلَّ صباح.
أنا لستُ سوى رجلٍ عادي،
لكنّ حياتي غير عاديةٍ بما يكفي
لأرويها لأحفادي يومًا…
عندما يصبحُ لدي متّسعٌ من الوقت.
“AHMED AL-YAZIDI”