رؤي ومقالات

ورقة نقدية للناقد المغربي علال الجعدوني بني وليد تاونات في ديوان الناقد المغربي المبدع ا.سعيد محتال

لقد تفضل أديبنا Allal Ben Abdelkader Jaadouni بتقديم ورقة تنويرية لديواننا “رقصات الصمت تحت جنح الظلام “، تُشعل الفضول لدى القارئ وتُعِدُّه لخوض غمار فعل القراءة والبحث عن جماليات الصمت بين أحضان الليل ..
إن تحليلك العميق للعنوان، باعتباره أهم عتبة لفك طلاسم النصوص، مفتاحًا أوليًا لفهم ما خفي وراء الألفاظ، يُبرز بحق أهميته في استكشاف عوالم الشاعر الداخلية ورؤيته للعالم.
أرى أنك نجحت ببراعة في:
* تفكيك العنوان بعمق: لقد تجاوزت المعنى السطحي للكلمات، مُشيرًا إلى الدلالات النفسية والفلسفية الكامنة في ثنائية “الصمت” و”الرقصات” وعبارة “تحت جنح الظلام”.
الورقة هذه تُعدّ بالفعل مدخلًا قيمًا ومُضيئًا لقراءة ديوان “رقصات الصمت تحت جنح الظلام”. لقد فتحت شهية القارئ لاكتشاف هذا العالم الشعري الثري، وأرى أنها ستكون نقطة انطلاق ممتازة لأي قراءة نقدية مُتعمقة.
دمت برقي بصمتك أديبنا العزيز Allal Ben Abdelkader Jaadouni
تحياتي التي لا تشيخ
ولك مني خالص الشكر والتقدير
*******”””””””””*******
✓ورقة تنويرية حول الديوان الشعري : ( رقصات الصمت تحت جنح الظلام ) كمدخل قد تساهم في إضاءة أولية لمن يريد قراءة تغاريد الشاعر سعيد محتال :
صدر للشاعر المغربي سعيد محتال ديوانا شعريا تحت عنوان : ( رقصات الصمت تحت جنح الظلام) عن مطبعة وراقة بلال فاس الطبعة الأولى 1446ه/2025م عدد نصوصه الشعرية خمسون نصا وعدد صفحاته 93 …
انطلاقا من العنوان الذي يعتبر كمدخل أساسي للديوان ومفتاح محفز يشهر النص ، والذي يعد من مفاتيح الإضاءة الواسعة لقراءة لما يتضمنه من مواضع فسيفسائية ، يمكن القول : أنه يحمل عدة تأويلات ظاهرية وباطنية … فالصمت حسب المفهوم العام هو الغياب الكلي للكلام ، وهو عكس الصوت ، وغالبا ما يكون كل من الصمت والصوت مقترنين دائما لأنهما عكس بعضهما البعض.. وعند تأويل الكلمة قد يتغير المفهوم أو المعنى بشكل أوتوماتيكي ، فكم من إنسان يبدو صامتا لكن في الحقيقه هو يصرخ من شدة الشجن والحزن والألم أو حتى السعادة والفرح … و كلما توسعنا في موضوع الصمت عند المحللين ، وخاصةعند علماء النفس ، نقرأ أن الصمت يعتبر هجوما مستترا على المتحدث معه … وقد يطرح سؤالا في الموضوع ، هل الصمت هو مرض أم اضطراب …؟!
حسب آراء العلماء قد يكون الصمت نفسي ناتج عن اضطرابات نفسية مثل القلق والخوف والشعور بالخجل والرهاب الاجتماعي ، وقد يكون وراثي أو عضوي عن إصابة الفرد بأمراض… ويمكن اعتبار الصمت هو الامتناع عن الكلام بشكل عام .
ومن مميزاته :
1) أنه يساعد الفرد على التفكير بعمق في كل ما يحدث حوله
2) يمنح الفرد القدرة على السيطرة على المتحدث معه من خلال النظر إليه بنظرات..
3) يعلم الفرد ميزة هامة وهي حسن الاستماع في المواقف المختلفه، إلخ .. فاختيار العنوان حسب القراءة للنصوص المتضمنة بين دفتي الديوان ، لم يتم اختياره اعتباطيا بقدر ما تم اختياره باحترافية وبتقنية إبداعية عميقة ، فنصوص محتوى الديوان متنوعة الأفكار والمواضع الأديبة بشكل لافت للنظر . لقد دفعت الشاعر بالبوح بما يعيشه من توترات داخلية بسبب التناقضات التي عمت الواقع المعيشي للإنسان بشكل عام .. فعندما نقوم بتحليل المفردات المتضمنة في العنوان ، مثلا : رقصات الصمت ، نجد أنفسنا أمام دلالة عميقة المعنى ، فالرقصات هي تأدية حركات بجزء أو أكثر من أجزاء الجسم على إيقاع ما …
أما بالنسبة للجملة : تحت جنح الظلام ، فالقراءة تبقى ملفوفة بصور فلسفية تجعلك تعيش على إيقاع تفسيري تأويلي ، نقول جنح الليل : مال إلى ذهاب أو مجيء … أقبل الظلام … تحت جنح الظلام / غطاء الظلام /إخفاء/ : أي من الصعب العثور عليه أو رؤيته . فنصوص الديوان تسمح بتأويلات متنوعة بحيث يمكن اعتبار الصمت بمثابة : قمع / منع/ حرمان … ، والظلام : هو غياب الضوء المرئي ، ظهور اللون الأسود ، ذهاب النور ، وغالبا ما يرتبط الظلام بالخوف والسلبية والمجهول ، إنه يرمز للخطر والوحدة واليأس .
ومصدر الظلام ميمي من ظلم ، وظلامه ما يطلبه المظلوم أو يشكو منه وهو ما أخذ منه ظلما .
على أي مضمون الديوان الشعري يحمل رؤية موسعة دقيقة وعميقة المعاني … والتيماث تعكس واقع الهيمنة والظلم بشكل مخيف مما دفع بالشاعر سعيد محتال توظيف الرمزية بكل أبعادها النفسية ، وهذا يتجلى في الصور العاكسة بوضوح للتشكيلة التي طرحها المبدع بعمق فلسفي التي تنبع من عمق الذات وكوامن النفس بفطنة وتبصر… فتقريبا كل مكونات الديوان مفتوحة على عوالم شاعرية تتوهج بدلالات لتتدفق برموز تجسد هموم الشاعر . إن المبدع في كتاباته ملتزم بما يحوم في فلكه ، يساهم بفعالية في بناء وعي ثقافي هادف … و المتعمق في كتابات الشاعر يستنبط مدى ارتباطه ببيئته وكذا بالتجارب التي ارتوى منها سابقا ، إذ بوحه هو مرآة للذات ، نبراس لواقع تزواج بين القلق وهموم ثقال ، مما أدت هذه الرحلة إلى تجربة رائدة متميزة في تشكيل القصيدة الشعرية الحداثية بطرائق خلاقة ، تفيض بلذيذ المجازات وامتطاء الترميز .. فالشعر كما يراه الشاعر مغامرة إبداعية عميقة ومتكاملة يترجم الرؤى بحروف مخملية رشيقة الظل ، ساحرة الجرس ، قوية الأبعاد .
ولقد صدق من قال: (الشاعر الأصيل هو الذي يتمتع بحساسية عظيمة لأصوات اللغة ، ويملك قدرة فائقة على الملاءمة بين الصوت والمعنى …. ) . لا محالة أن الشاعر يحمل رؤية موسعة وعميقة ، مشرقة بخطاب شعري وازن ، كلماته تعانق الوسع في المعاني ، لقد حاول الخوض غمار تجربة خصيبة تتماشى وروح العصر … مشحونة بسبائك انزياحية ، تنبض بحروف الحداثة المحكمة… ولجموح مخيلته أثر بالغ في استمثار تجربته التي كسبها طيلة فترة كتاباته الأدبية والفنية . فعلى امتداد مساحة القصائد ينفجر الخيال الجامح بقوة تنحث أصداء مدوية تنبع من عاطفة ومشاعر نبيلة مأتاها الإتقان في المشهد الثقافي الأدبي المغربي بحيث تعتبر كمتنفس قوي ذاب في أعطاف الوجدان ، وليس هذا فحسب بل نراه بارعا في تنميق الحرف وإتقان فن العزف بالكلمات الدالة المترجمة لطيات دفين نفس المبدع سعيد محتال .
بكل صدق يعتبر هذا الشاعر صوتا من الأصوات الصامدة المبدعة ، أنيق المعنى ، بهي الإيقاع ، بارع الوصف ، لقد أتحفتنا بما يشفي غليل ذواتنا بنصوص صريحة تصعد من أعماق شاعر مؤهل لكتابة شعر بلغة رشيقة صامدة في زمن قل فيه الوفاء للحرف الشعري الشاعري المتفرد بأسلوب يحاكي رؤية الإبداع المتميز بما يفيد … أتمنى له التوفيق والصمود والعطاء اللامتناهي كما أتمنى لكل قارىء التعمق في معاني ودلالات النصوص الشعرية الشاعرية الممتعة التي نظم بها الشاعر ديوانه الملون بألوان زئبقية فياضة بالمشاعر والأحاسيس الدافئة ذات المعنى القوية في ساحة الثقافة الشعرية الشاعرية المغربية والعربية بما يناسب ويتماشى مع طبيعة تركيبة الكتابة الحداثية …

✓ بقلم الشاعر والناقد علال الجعدوني بني وليد تاونات المغرب

::::::::::

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى