كتاب وشعراء

رضا عبد العزيز سلامه يكتب :روسيا والحرب الأوكرانية: كنزٌ استراتيجي من التكنولوجيا الغربية

تُعد الحرب الروسية الأوكرانية، رغم تكلفتها البشرية والاقتصادية الباهظة، فرصة استراتيجية نادرة لروسيا من الناحية التقنية والعسكرية. فمنذ اندلاع الصراع، وقعت كميات كبيرة من الأسلحة الغربية الحديثة في أيدي القوات الروسية، سواء عبر غنائم الحرب أو من خلال انسحاب الجيش الأوكراني من مواقع استراتيجية، مخلفاً وراءه أنظمة متطورة مثل صواريخ “جافلين” الأمريكية ومعدات “هايمارس” المتقدمة. حيث
تقوم روسيا بإجراء عمليات هندسة عكسية على هذه الأسلحة، مستغلة تلك الفرصة لتفكيك التكنولوجيا الغربية و فهمها، ومن ثم تطوير نسخ محلية منها. هذه العمليات كانت في السابق شبه مستحيلة بسبب العقوبات وحظر التصدير المفروض على موسكو، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى الحدود التي باتت اليوم مسرحاً مفتوحاً للاحتكاك المباشر مع التكنولوجيا الغربية.

بحسب تقارير استخباراتية، تمتلك روسيا الآن عددًا من صواريخ “جافلين” يفوق ما تمتلكه بعض الدول الأوروبية، فيما تسود تقديرات بأن أنظمة “هايمارس” المتبقية في ساحة المعركة قد تُصبح قريباً تحت يد روسيا كذلك. في هذا السياق، تحوّلت الحرب إلى مختبر حي لابتكار مضادّات لهذه الأنظمة واستنساخها أو حتى تحسينها.

إن ما تحصده روسيا من خبرات ميدانية وتقنية سيجعلها، على الأرجح، أكثر قوة وتطوراً عسكرياً عند انتهاء هذا النزاع مقارنة بما كانت عليه عند بدايته. فالاحتكاك المباشر مع التقنيات الغربية، الذي كان قبل الحرب حلماً بعيد المنال، أصبح اليوم واقعاً تستفيد منه روسيا بشكل غير مباشر، مما يعيد تشكيل ميزان القوى العالمي بصورة قد تكون طويلة الأمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى