حمزه الحسن يكتب :خيال الرئيس

ــــــــ عكّر الماء كي تستطيع الاصطياد. * كتاب: كيف تمسك بزمام القوة: ثمانية وأربعون قانونا للقوة، روبرت غرين.
يبدو أن خيال الرئيس الامريكي لا يتوقف عن اختراع احداث جديدة، و يعتقد من خلال عنف الكلمات والتهديدات والتصريحات، خلق واقع مختلف،
وآخرها قصة سخيفة في “مغادرة طوعية” للموظفين غير الأساسيين في الشرق الأوسط تحسباً” من اضطرابات قد تحدث” في خيال مريض ولا أساس لها في الواقع كجزء من حملة ترهيب للمنطقة أولاً،
وثانياً لأن التفاوض يحتاج الى ضغط مسلح ، بل التفاوض هو حرب لكن بأدوات أخرى.
هناك فارق كبير جدا بين الاخلاء الرسمي للامريكيين الذي يعني عملية وشيكة مؤكدة وبين” المغادرة الطوعية” التي تترك الاحتمال مفتوحا كمناورة سياسية واسلوب ترهيب بلا افعال حقيقية.
هذا الاسلوب الامريكي الارهابي القذر عرفه العالم منذ القرن الماضي ومارسه الرئيس الامريكي نفسه مع كوريا الشمالية في رئاسته الأولى عندما عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه عبارة واحدة وانسحب أمام ذهول الصحافيين:
” ستشتعل النيران”
للايحاء بضربة نووية وأرسل حاملة الطائرات المزودة بقنابل نووية الى المنطقة، لكن رد الرئيس الكوري الشمالي كان ساخرا وحرفياً:
” نحن في انتظارها لتكون وليمة لحيتان البحر”
باعتراف الجنرال قائد حاملة الطائرات قال إنه لا يعرف أين يمضي ولا هو الهدف.
إيران على معرفة تامة بتكتيكات التفاوض الأمريكي وهذا التهديد ليس جديداً ولن تنطلي عليهم هذه الحيل وتعرف ان الرئيس يمارس سياسة حافة الهاوية.
ولو كانت هناك ضربة حقيقية لايران، فكانت ستتم في مناخ من الخداع والسرية والصمت وفي أجواء سياسية هادئة كما في ضرب المفاعل النووي العراقي وهو تقليد اسرائيلي جوهري في الضربة الاستباقية والعقيدة العسكرية: الخداع الاستراتيجي.
أفضل أوقات الصيد هو تعكير المياه ، هذا هو شعار الرئيس الأمريكي كما عرفه العالم ومثل أي أحمق يستطيع التحكم في البدايات لكنه لا يعرف كيف يتحكم في النهايات لأن خصومه من عالم مختلف وردود افعالهم تقوم على خلفيات ثقافية وتاريخية ونفسية مختلفة.
الرئيس الامريكي يتعمد الظهور بصورة الاحمق الذي لا تعرف خطوته القادمة لان الرئيس الحكيم يمكن تتبع خطواته ويمكن التفاهم معه والوصول الى تسوية او صفقة : الحماقة قوة في رئيس يمتلك أنياباً نووية.
في كل تفاوض سياسي هناك مراحل ضغط على الطرف الآخر: * استعراض القوة* حشد القوة* التلويح بالقوة* التهديد بالقوة،
وعند فشل كل هذه المحاولات يكون اللجوء الى خيار الاستعمال الفعلي للقوة،
وفي الحالة الأمريكية الحالية نحن في مرحلة التهديد بإستعمال القوة ولن تمارس أبدا في منطقة حساسة وفي عالم لا يتحمل إشعال أزمة كبيرة ستخرج عن السيطرة.
لا شيء يحدث ولن يغادر أي موظف أمريكي المنطقة والأيام بيننا.