أَوْقِدُوا نَشْرَةَ الأَخْبَارِ…..بقلم سليمان أحمد العوجي

فِي التَّفَاصِيلِ:
فِي هٰذَا الْمَسَاءِ السَّاحِلِيِّ الْجَمِيلِ،
اشْتَعَلَتِ الْغَابَاتُ كَمَا تَشْتَعِلُ ذَاكِرَةُ عَجُوزٍ
لَمْ يَعُدْ أَبْنَاؤُهُ مِنَ «السَّفَرْبَرْلِكْ».
فِي الْغَابَةِ،
حَيْثُ الأَشْجَارُ وَاقِفَةٌ كَجُنُودٍ عَاهَدُوا اللهَ،
وَالسَّمَاءُ رَمَادِيَّةٌ كَمَوَاقِفِ الانْتِهَازِيِّينَ.
فِي الْعَاجِلِ:
النَّارُ تُفَاوِضُ الصَّنَوْبَرَ عَلَى الْخِيَانَةِ، قَائِلَةً:
«انْحَنِ… أَوِ احْتَرِقْ!»
وَلَمْ يُخِبَّ بِكَ الظَّنُّ، أَيُّهَا الصَّنَوْبَرُ،
وَأَنْتَ تَحْتَرِقُ.
النَّارُ تَمْشِي عَلَى مَهْلٍ،
تَقْرَأُ أَسْمَاءَ الْعُشَّاقِ وَالشُّهَدَاءِ
عَلَى جُذُوعِ الشَّجَرِ.
الشَّيْطَانُ يَفِلِتُ مِنْ قَبْضَةِ السَّجَّانِ،
وَالزُّنَاةُ لَمْ يُهَادِنُوا إِغْفَاءَةَ الشَّجَرِ.
وَفِي الْعَاجِلِ أَيْضًا:
النَّحْلُ يُغْلِقُ قُنْصُلِيَّاتِ الرَّحِيقِ،
وَيَسْحَبُ سُفَرَاءَ الْعَسَلِ نَكَايَةً بِمَوَاقِفِ الْبَحْرِ.
الْحَرَائقُ تَكْتُبُ بَيَانَهَا الأَخِيرَ
عَلَى جِبَالِ الْبَسِيطِ.
فِي «رَبِيعَةَ»،
يَقِفُ شَيْخٌ حَافِيَ الْقَدَمَيْنِ
عَلَى عِظَامِ قَرْيَتِهِ، قَائِلًا:
«هَايِ الْغَابَةُ أَوْفَى مِنْ كْتِيرْ بَشَرْ،
مِنْ دَهْرْ مَا بَاعَتْ… وَلَا انْحَنَتْ!»
نَسْرٌ هَرِمٌ يَتَحَدَّثُ لِمُرَاسِلِنَا:
(لَا تَرْدِمُوا بِئْرَ الصَّهِيلِ،
هِيَ كَبْوَةٌ لِلْخُضْرَةِ،
وَزَلَّةٌ لِسَانِ الْجَمرِ
مَاذَا يَخْسَرُ هٰذَا الْبَحْرُ
لَوْ أَرْسَلَ غَيْمَاتِهِ الْحُبَالَى،
لِتَمْسَحَ بِيَدِهَا، كَيَسُوعَ،
عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ،
وَأَنِينَ التِّلَالِ؟
مَاذَا لَوْ تَحَوَّلَتْ هٰذِهِ الرِّيحُ إِلَى نَبِيٍّ،
يَتَكَفَّلُ يُتْمَ الظِّلَالِ؟ )
لَا زِلْنَا، أَيُّهَا السَّادَةُ، مَعَ الأَخْبَارِ:
أَمَّا هُوَ،
وَلِكَيْ يَبْقَى خَفِيفًا كَالظِّلِّ،
يَخْلَعُ عَقْلَهُ
كَمَا يَخْلَعُ جُنْدِيٌّ نَعْلَ هَزِيمَتِهِ
فِي آخِرِ الْحَرْبِ…
كُلُّ الدِّلَاءِ
تَخْرُجُ مِنْ بِئْرِ رُوحِهِ خَاوِيَةً،
حَتَّى النَّبْعُ مَرَّ بِهِ،
يَبْحَثُ عَنْ مَائِهِ…
فَتِّشْ قَلْبَهُ جَيِّدًا،
أَخَذَ عَطَشَهُ وَمَضَى.
وَهُوَ، الْمَفْتُونُ بِالْغِنَى،
يُطَالِبُ هٰذَا الْخَرَابَ
بِإِرْثِهِ مِنَ الرَّمَادِ،
وَبِجُثَّةِ عُصْفُورَيْنِ شَهِيدَيْنِ عِندَ السِّيَاجِ.
وَهُوَ، الْمَفْتُونُ بِالْغِنَى،
يَفْتَحُ شَرْنَقَةَ دَمِهِ،
لِيَحْرُثَ بُورَ الْمَوْتِ،
وَيُولِمَ لِلْقِمَمِ مَوَائِدَ الْهَشِيمِ.
يَا بَحْرُ…
لِمَنْ سَتُوَزِّعُ الْيَوْمَ عَطَايَاكَ؟
يَا غَيْمُ…
لِمَنْ سَتَدْفَعُ الْخَرَاجَ؟
أَيُّهَا الصُّرَاخُ…
مِنْ أَيْنَ لَكَ بِالْأُوكْسِجِينِ،
وَنَحْنُ نَعِيشُ عَلَى هَوَاءٍ فَاسِدٍ
مُنْذُ نِصْفِ قَرْنٍ؟
أَيُّهَا الشَّجَرُ،
الْقَابِضُ عَلَى جَمْرِ الْحِكَايَةِ…
أَمَا كَانَ لَكَ
أَنْ تُخَبِّئَ كُلَّ هٰذَا الْحُسْنِ الأَخْضَرِ
عَنْ عَيْنِ النَّارِ الْحَاسِدَةِ؟