كتاب وشعراء

صباحُ الخير يا ضوء…..بقلم محب خيري الجمال

صباحُ الخير يا ضوء
هل قلتِها اليوم للعصافيرِ التي شاختْ في صمتِ النوافذ؟
هل أرسلتِ شُرفةَ عينيكِ لتكنسَ الغبار عن وجهِ المدينة؟
كنتِ آخر مَن سأل عنّي دون أن تنتظري إجابة،
وكنتُ أوّل مَن جرفَهُ صوتكِ
كمن يلتقطُ اسمه من فمِ الغريق.
صباح الخير،
ها أنا أُمسكُ بحاشيةِ النهارِ،
أفردُه كوشاحٍ على كتفيكِ،
كأنّ الضوءَ اختاركِ لتكوني دليلتَه.
كنتِ تُربّين الوقتَ كقُطةٍ مدلّلة،
تخيطين به فراغَ الغرف،
وترقّعين صمتَ الأسِرّة
بضحكتكِ المُسرّبة من آخر الحلم.
وأنا، كنتُ أُخفي عنكِ أنني مريض،
مريضٌ جدًا،
كأنّ شيئًا ينهشني من الداخل
ولا يُبقي لي غير صوتكِ
كدواءٍ مؤقّتٍ ضدّ الانطفاء.
حين تهمسين لي،
تخضرُّ الأشياءُ اليابسة،
وينكسرُ التوقُ كأغنيةٍ فقدتْ مقامَها.
أنتِ لستِ امرأةً،
أنتِ الاحتمالُ البعيد الذي ظلَّ يوقظُني من كلّ حياةٍ لم أُرِدْها،
الوحيدةُ التي قالت للماءِ: لا تكن بارداً،
فصار يشبهُ الدفءَ على أطرافِ أصابعها.
من أين أتيتِ بهذا العدلِ الحميم؟
كيف تمشين على قلبي
دون أن تُسمعي ارتباكَ الخُطى؟
وكيف يُصبحُ الخوفُ عندكِ طقساً للعِناق؟
كلّ ما فيكِ
يُشبه الطُرقَ التي تضلُّ عمداً
كي تلتقي بمن تهوى.
يا سيدةَ الفوضى المُنقّطة بالرحمة،
حين كتبتُكِ في دفتري
انزلقَ الحبرُ كمن يعترفُ بسرّه،
وشيءٌ غامضٌ بداخلي
أمسك بيدي وقال: ها قد وصلنا.
صباح الخير،
أقولها لكِ الآن
كأنّني أفتحُ باباً قديماً
توقّف الزمنُ عندهُ في انتظارك.
لم تعودي حلماً، ولا صدى،
ولا حتى مرآةً يائسة تبحث عن وجهٍ آخر،
بل صرتِ اللغةَ التي نسيتُ أنّني كنتُ أنتمي لها
قبل أن أتعلمَ الكلام.
صباح الخير،
هذا نصٌّ لا يريد أن يُدهشكِ،
بل يريد أن يضع يدكِ على صدرهِ
ويقول لكِ:
هنا…
حيثُ يليق بكِ أن تكوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى