كتاب وشعراء

بأقل الخسائر …..بقلم إلهام سعد

بأقل الخسائر حاولت أن أنجو
كأن أكون بلا أصدقاء،
ابتكرت طرقاً تُقصيهم
عبَّدت أخرى لا تفضي لشيء
اعتزلتُهم وما يكذبون..
هجمت وداعتهم كما يفعل الشرر بغابات كاليفورنيا
وكما يتسلل الثقل ساحة جليدية فيكسرها من الخاصرة،
التهمتهم كما البنزين على اللهب، أو العكس لا أعلم
لا أعلم سوى أننا تفحَّمنا كما يفعل عود الثقاب بطمأنينة القش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاولت أن أنجو …
لكن أمي تكره فكرة أن يبقى رأسي مغلقاً،
ووقت أن طرقتْ الريح فؤادها
انفتح رأسي كما تنفلق الرمانة بأواخر أيلول
فبدأت أحب الحياة، وأكبر من ذلك أحبك.
كان ذلك مخيفاً ولذيذاً في آن
بل وموسيقياً أيضاً،
انفلق رأسي وبدأت أثرثر وأتصرف كما النساء
أضع يدي على خدي حين نشكو الهجر
أنتظر فألي في مقطع لأغنية صنعائية
أقدِّر وقت نضوج الفاصوليا
والفارق بين الدورة الشهرية والأخرى..
نحسب أيضاً في أي يوم سيركل جنين زوجة فلان
وكم يلزم العيون من الشمس لتجف فنطرز لها المناديل
ومن أي اتجاه سيهجم البرد
فنثخن له الستائر
وكيف نعجن الحناء لتنبت على شرفات الجسد شجرة؟
كنا نضحك بنزق لموقف حميمي ما
ووقت انتبه الضحك لنا رمقته بعين وغدة..
جربت أن أبني معه عشاً
عمرتُ أركانه خيطاً خيطاً
وحين أوشك اكتماله بدا مضحكاً، بارداً، لا يتسع لتنهيدتين فخربته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاولت أن أنجو..
لكن غضب أبي مبالغ
فتركتُني أمشي بقهر
وكنت أركل الحصى كابن عاق،
فيما استمر يكسر جذوع العنب والتوت
إلى أن جثا قرب صبَّارة متربة
وكرر آيته المفضلة “إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم”.
حاولت النجاة.. وضاق ذرع الكثير
عدا صديقاً لا يعنيه جهلي بأرقام ضحايا هيروشيما
ولا أي حشيش تعاطاه داروين ليفترض التطور
أو لما لم يتنزل جبريل على آينشتاين ليكمل معادلة الثقوب الدودية
أو كم هي المسافة بين شيكاغو ومكة
ولا حتى تقدير سرعة الفهد مقارنة بهذا الجراد..
ابتعدوا.. شكراً.. يا الله
عدا هذا الذي عرفك وأحب عينيَّ الصغيرة لينعتني بعدها بـ”زيتونة”..
هذا الذي ربطني في مخيلته بكارتون “لوز وسكر”،
هذا الذي لا يكترث للعطور لأنها تنفض جيوبه الأنفية
إنه الآن على الضفة يغرق ببطء
بينما الماء يتفجر على فمي ورئتيَّ..
أعرفه..
ليس نذلاً ليترك لي فرصة الموت وإن كانت نبيلة
وأعرفني.. لستُ وفيةً إلى حد الموت
عوضاً عن أحد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى