فراج إسماعيل يكتب :إسرائيل تريد “دولة مشيخية” في سوريا

إسرائيل تريد “دولة مشيخية” في سوريا لكي تحقق لها التدخل المباشر ونشر الفتنة.
الاقتنال في محافظة السويداء خلال الأيام الماضية الذي وصلت بشاعتهية إلى التمثيل بالجثث، هو نتاج “المشيخية” في الجنوب.. وقابلة للتوسع في كل سوريا بسبب التنوع الطائفي والاجتماعي.
إسرائيل نفسها صارت “دولة” مشيخية يحكمها تيار يهودي يميني بالغ التطرف، يتحدث بلغة دينية تحريضية ضد الآخر، ولا تتورع عن الإبادة الجماعية للجوعى والعطشى الباحثين عن لقمة خبز وقطرة ماء في غزة.
ليس غريبا أن تخلق هذا النموذج في السويداء، بواسطة الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، وهو رجل ولد وعاش في فنزويلا حتى التسعينيات.
الهجري يتمسك بموقف معاد للدولة، وتتركز فيه الزعامة المشيخية، وكان موقفه الرافض للوقف الأول للنار، سببا في انفجار الأوضاع والمذابح البشعة.
كان من الخطأ أن يكون لزعيم روحي وشيخ عقل مجلس عسكري. ذلك رسم واضح لدولة مشيخية، وهي مشروع الهجري المدعوم إسرائيليا.
حتى في اتفاق وقف النار الأخير، كان الحوار معه فقط كزعامة دينية سياسية، ولم يجر أي إتصال مع شيخ عقل الطائفة الدرزية يوسف الجربوع، كما في تصريحاته لجريدة الشرق الأوسط، وهو مؤيد لبسط سبطرة الدولة والرافض لاستقلال الملف الدرزي.
ماذا على الرئاسة السورية فعله؟..
أولا: تفتيت المشروع المشيخي.. مشايخ العقل واجباتهم دينية فقط والابتعاد تماما عن السياسة.
ثانيا: الرأي العام الدرزي مهيأ لفرض ذلك، فهو رافض للتدخل الإسرائيلي، ورافض لحشر المشايخ في وظيفة الدولة.
ثالثا: لا يجب أن يمرر مشايخ العقل والقيادات الدرزية دعوة الهجري للتدخل الخارجي دون التحقيق معه ومحاسبته.
الدولة بجانبها يجب أن تنأى بنفسها عن أي نموذج للدولة المشيخية. رأينا فيديوهات لمنابر مساجد سنية في صلاة الجمعة أمس تدعو إلى النفير والقتال، وكان يجب ألا يحدث ذلك، لأنه يعني أن مشايخ الطرف الآخر أو الأغلبية تفعل الفعل نفسه الذي يقوم به مشايخ الأقلية الدرزية.
دور الدولة أن تشدد قبضتها وتحكم بالعقلية السياسية الديمقراطية لا بأسلوب المنابر ولغة الانتقام، وتنأى عن ماضيها كمجموعة جهادية.
عليها الإسراع بإنهاء المرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة لحكم مدني متنوع يمثل جميع الطوائف والإثنيات.. بحيث يمتج ذلك في النهاية مواطنين لا طائفيين.
كما يجب الإسراع بإيجاد حل مقبول لوجود المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد. مما اشتكت منه قيادة الدروز في السويداء ورفضت على أساسه وجود القوات السورية، أن بعضهم يتحدث لغات أجنبية.
هؤلاء قاتلوا مع جبهة النصرة ضد النظام السابق، ولا يريد القادة الجدد رد الجميل لهم بالطرد، فمنحوهم الجنسية السورية، لكن يبدو أن هذا الحل لا يجد قبولا من الطوائف غير السنية.
أمام القادة الجدد في دمشق تجارب سابقة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها، مثل أفغانستان والبوسنة.