رؤي ومقالات

رشاد حامد يكتب :إمدادات المياه من مصر إلى غزة

أولًا: الحقائق
منذ اندلاع الحرب على غزة، قام العدو بتدمير محطات التحلية والبنية التحتية بشكل شبه كامل، وتحركت مصر لتوفير الدعم المائي:
• شاحنات المياه
– بدأت مصر بإرسال شاحنات محمّلة بالمياه إلى قطاع غزة عبر معبر رفح بعد أيام من اندلاع الحرب.
– كانت الشاحنات تحتوي على مياه شرب معبّأة أو منقولة من خزانات حكومية.
– تمت عمليات التوزيع داخل غزة بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري والفلسطيني ومنظمات دولية.
• إنشاء محطة تحلية مؤقتة في سيناء (ديسمبر 2024)
– بتمويل إماراتي، أُنشئت محطة تحلية في رفح المصرية.
– بدأت المحطة بإنتاج مياه محلاة تُضخ في شاحنات وتنقل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
– رغم تحسن الكميات، ظل الاعتماد على الشاحنات يمثل عبئًا لوجستيًا كبيرًا.
• الموافقة الإسرائيلية على إنشاء خط أنابيب دائم (يوليو 2025)
– في منتصف يوليو، وافقت إسرائيل رسميًا على مدّ خط أنابيب مياه من مصر إلى غزة.
– يبلغ طول الخط 6.7 كيلومترات، ويمتد من محطة التحلية المصرية إلى منطقة المواصي جنوب قطاع غزة.
– يوفر المشروع 15 لترًا من المياه يوميًا لكل شخص في جنوب غزة (قرابة 600,000 نسمة).
ثانيًا: التحليل
موافقة إسرائيل تطرح سؤالًا: ما دوافعها؟
رغم أن المشروع تموّله دولة الإمارات ويُنفّذ عبر مصر، فإن دخول المياه إلى غزة يستحيل دون موافقة إسرائيلية، كونها دولة الاحتلال. وقد جاءت هذه الموافقة لأسباب ليست إنسانية، بل سياسية واستراتيجية وصحية أيضًا:
• التهرب من المسؤولية القانونية
بموجب القانون الدولي، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، تتحمل إسرائيل كقوة احتلال مسؤولية توفير الخدمات الأساسية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
غير أن إسرائيل، منذ انسحابها من غزة عام 2005، تسعى لتفسير هذا الانسحاب على أنه نهاية للاحتلال، رغم أنها ما زالت تتحكم في:
– المنافذ البرية والبحرية والجوية.
– المجال الجوي.
– حركة البضائع والأفراد.
– مصادر الطاقة والمياه.
ومن هنا، فإن الموافقة الإسرائيلية تهدف استراتيجيًا إلى إعفاء نفسها من أي مسؤولية مستقبلية تجاه سكان غزة.
• تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي
واجهت إسرائيل انتقادات حادة بسبب استخدام سياسة “الحصار الكامل” ومنع إدخال المياه والوقود والمواد الغذائية، ما أدى إلى اتهامات باستخدام “التجويع كأداة حرب”. والموافقة تخفف هذا الضغط عنها.
• منع انتشار الأوبئة
الوضع الصحي في غزة ينذر بكارثة. انقطاع المياه الصالحة للشرب واختلاط مياه المجاري بمياه الخزانات الجوفية أدى إلى تفشي أمراض جلدية ومعوية، وسط تحذيرات من احتمال ظهور الكوليرا والتيفود.
مثل هذه الأمراض قد تمتد إلى الجنوب الإسرائيلي، وبالتالي فإن للموافقة الإسرائيلية دوافع أمنية وصحية أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى