تيسير عبد يكتب : الاعتقاد القائل أن (المواطن الغزي الجيد هو المواطن الميت)

كنت أظن أن التصريحات والآراء العربية والإسلامية التي تعبر عن الاعتقاد القائل أن (المواطن الغزي الجيد هو المواطن الميت) تماشيا مع الاعتقاد اليهوودي المستند إلى أيديولوجية توراتية. هي تصريحات عشوائية ونحن نبالغ في تضخيمها.
لكن صدرت في الايام الأخيرة موجة من التصريحات التي تبدو انها ليست اعتباطية. ولكنها حملة منظمة ومدروسة لإبقاء المواطن الغزي تحت الطحن والسحق العدمي بحجة انه يموت في معركة مشرفة ترفعه إلى الجنة مباشرة.
شيخ مصري يشكر نتنياهو لأنه يقتل أطفال غزة الذين يصبحون سببا لدخول ذويهم الجنة.
تويبر إخواني يقارن بين العزايزة وأنس الشريف. ويسخف من العزايزة لأنه يمثل الدنيا والحياة. ويثني على الشريف لأنه مات.
سعيد زياد محلل الجزيرة يطالب الغزيين بمواجهة الدبابات الإسرائيلية بطوفان بشري من المدنيين العزل في معركة معروفة النتائج مسبقا.
آلاف التغريدات والمنشورات التي تسخف وتهاجم الغزيين الذين يطالبون بوقف الحرب والإبادة.
هذا بالإضافة إلى عشرات التصريحات من قادة الفصائل. خاصة خمااش. التي تؤكد فيها انها ستقاتل الاحتلال (بآخر طفل) وان دماء الغزيين هم الذين يمثلون (الخزان والدروع البشرية) للمواجهة. حتى لو قتل منهم (100 ألف).
هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان نظرة الجمهور الشعبوية خارج غزة. بالإضافة إلى قادة الفصائل الفلسطينية يعتبرون الغزيين (قرابين). ورفع اعداد الموت فيهم هو دليل على صوابية المواجهة و(ربانيتها).
وهذه جميعها اعتقادات باطلة. وغير صحيحة. وهي كما قلنا. هي اعتقادات تتماهى عما ورد في التوراة.
باطلة:
1. لاننا في غزة. نحب الحياة والإعمار والبناء. ونكره الموت. لان الله سماه في كتابه (مصيبة) فنحن نكره المصائب. والداعين والمروجين لها. والمعتاشين عليها. حين تسلمت خمااش قطاع غزة من السلطة الوطنية عام 2007 كان قطاعا منظما بهيا يعج بالحياة. لا يوجد فيه اي جندي إسرائيلي.
الآن أصبح القطاع مدمرا. يسيطر عليه جيش الاحتلال كاملا.
2. باطلة لأن ما نخوضه في غزة ليست معركة ولا قتالا ولا مقاومة ولا مواجهة. لا معركة بدر ولا حتى أحد. ما نخوضه إبادة من طرف إسرائيلي واحد. يمارس كل اشكال القتل بحق الاطفال والأبرياء. المواطنون يقصفون دون ادنى حماية.
3. نحن نعيش في قطاع غزة في حالة (استضعاف) كما كان يعيش بنو إسرائيل في عهد فرعون: يقتلنا. ويقتل ابناءنا ويستحيي نساءنا (كتبت منشورا سابقا يفصل في هذه القضية) جميع من يقتلهم الاحتلال اليوم في غزة. مستضعفون.
ولذلك. فإن الحكم الشرعي الوحيد الذي ينطبق على المواطن الغزي اليوم. واستفراد الاحتلال به. وتخلي العالم عنه هو (الاستضعاف) الذي يتطلب نجدة واستنصارا من إخوانه.
اما ان يختبئ هؤلاء الإخوان والاصدقاء خلف الكيبورادات يروجون لشعارات مضللة وكاذبة. مثل هنيئا لك الشهاادة والجهااد. والغزي كائن اسطوري. فهذا هروب وإفلاس واستهبال واستغلال.
الخلاصة التي أريد التأكيد عليها:
نحن شعب نحب الحياة. ونكره ان نموت في حالة عجز واستسلام في خيامنا بشعارات كاذبة.
نخن مستضعفون لا أبطال ولا خارقون. ولا صامدون.
جهات كثيرة تتاجر بدمائنا. وتستفيد منه ملايين الدولارات شهريا. ولا تريد لموتنا ان يتوقف.
الذين يصفقون لمن يقتله الاحتلال منا. تصفيقه وتطبيله لا يعفيه من مسؤولية تخليه عنا.
أصوات الغزيين العزل والمستضعفين مختطفة من وكالات إعلامية ضخمة وكبيرة لا طاقة لهم بها: تقود هذه الوكالات قناة الجزيرة وإعلام الإخوان.