بين صوته وصوتها……بقلم أماني الوزير

“بين صوته وصوتها حكاياتٌ من السُّهاد، وطَقطَقةٌ من احتراقِ روحٍ أَحبَّتْ.”
صوتُها:
أكتُبُ إليكَ كما تُكتَبُ الوردةُ على نَسيمٍ عابِر،
بخِفَّةٍ تكادُ تُخفِي أثرَها، وبَحنينٍ لا يَجرؤ على البَوح.
صوتُه:
أكتُبُ إليكِ وأنا أراكِ في عَيني كالماء،
لا يُمسَك، لكن لا يُستَغنَى عنه.
كُنتِ لستِ هنا، ومع ذلك كنتِ في كُلِّ مكان.
قُلتُ لنفسي: كيف أُخفِيكِ، وأنتِ تُقيمينَ في دَمي؟
صوتُها:
كأنَّني لا أعرِفُكَ،
كأنَّ اللِّقاءَ بينَنا يَحدُثُ للمرَّةِ الأولى.
أُخفِي اسمَكَ في قَلبي،
وأترُكُ الكَلِماتِ تَتَسَلَّلُ عَمياء.
صوتُه:
وأنا أُجيبُكِ كغَريب،
أعرِفُ أنفاسَكِ بينَ السُّطور،
لكنِّي أَتَظاهَرُ أنّي أبحَثُ عنكِ.
أيُّ لُعبَةٍ هذه؟
أن نَتَظاهَرَ بالجهل، ونحنُ مُمتَلِئونَ بالمَعرِفَة؟
صوتُها:
اللُّعبَةُ تُنقِذُني مِن وَزني،
مِن تاريخي معَك.
حينَ أُنادِيكَ بلا اسم،
أُصَدِّقُ أنَّنا نَبدَأُ مِنَ الصِّفر.
صوتُه:
حينَ أستَمِعُ إلَيكِ،
أُدرِكُ أنَّ المَجهولَ ليسَ مَجهولًا،
إنَّهُ وَجهُكِ الذي أَحفَظُهُ أكثَرَ مِن وَجهي،
وصَوتُكِ الذي يَتَكرَّرُ في رَأسي
حتّى في صَمتي.
صوتُها:
فَلنَستَمِر إذن…
دَعنَا نُكمِلُ الحِكايَةَ وكأنَّنا لا نَعرِف،
كأنَّنا ضَيفانِ في هذا اللَّيل،
كأنَّ المَسافَةَ أوسَعُ مِنَ الحَنين،
وأقرَبُ مِنَ اللَّمس.
صوتُه:
لكن لا تَنسي…
إن رَفَعنَا الأقنِعَةَ،
لَن يَتَغَيَّرَ شَيء:
أنا أعرِفُكِ،
وأنتِ تَعرِفينَني،
حتّى في العَتمَة.
صوتُها:
اقتَرِب…
لا نحتاجُ أسماءً الآن،
دَع أنفاسَكَ تُلامِسُ عُنُقي
كأنّها اعترافٌ خَفي.
صوتُه:
أضُمُّكَ إليَّ،
تلتفّ ذِراعايَ حولَ جسَدِكِ
كما يلتفُّ الليلُ حولَ أسرارِه.
أشعُرُ بِرَجفَةٍ تَسري مِنكِ إلَيَّ،
كأنَّنا نتقاسَمُ نَفسَ الرَّعشة.
صوتُها:
دَع جَسَدي يذوبُ في صَدرِك،
ويَدي تَبحَثُ عن دِفئِك،
كأنَّها تَعرِفُ الطَّريقَ منذُ زمن.
صوتُه:
أُزيحُ شَعرَكِ عن وَجهِك،
وأترُكُ شَفَتي تَقتَرِبُ بُطئًا،
حتّى يَضيعَ الحَرفُ الأخيرُ
بينَ فمَينا،
ويُصبِحَ الليلُ كُلُّهُ
شَهقةً.