كتاب وشعراء

وجه اخر للموت ….بقلم أيمن النبراوي

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

وجه اخر للموت
عَصَيَانٌ ..اجْتَاحَ كُلِّي ..رجّنى
شَقَّ صَدْرَ الْوَعْيِ
مُذْ طَالَعْتُ نَعْيًا عَلَى صَفَحَاتِ الْأَزْرَقِ
مِنْ جُلِّ عُشَّاقِهِ…. أَخِلَّاءُ وَأَحِبَّةُ
لِمَحْبُوبٍ عَظِيمٍ وَفَقدٍ جَدِيدٍ
عَفْوًا… كَانَ فَقْدًا لِلتَّجْدِيدِ
تَسَمَّرَتْ مُقْلَةُ الرُّوحِ
غَادَرَتْنِي اللُّغَةُ وَالْحُرُوفُ
وَأَبَى الْيَرَاعُ أَنْ يُعَانِقَ إِصْبَعَاى
لَمْ أَكُ أَعْلَمْ أَنِّي أُحِبُّكَ هَذَا الْحُبَّ
لَمْ أَكُ أَفْطَنْ أَنِّي أَصِلُ اللَّهَ بِكَ
كُلَّمَا قَرَأْتُ لَكَ شَطْرًا
رَدَّدْتُ بِدَاخِلِي (اللَّهُ)
كُنْتَ مَدَدًا لِلْوَصْلِ وَطَرِيقًا إِلَى اللَّهِ
عَذْرًا لَمْ أَكُ أَعْرِفْ يَا (مُحَمَّدُ)*
وَجَعٌ كَاسِرٌ
أَيْقَظَ وَحْشَ الْحُزْنِ
لَذْتُ بِكَهْفِ الصَّمْتِ… وَلَزِمْتُ الْأَعْتَابَ
وَحَزِنْتُ مَرَّتَيْنِ
تَارَةً لِانْتِقَالٍ دُونَ وَدَاعٍ
وَتَارَةً عَلَى حُلْمِهِ الْمُؤَجَّلِ
فِي رُؤْيَا إِنْسَانٍ عَزِيزٍ فِي وَطَنٍ عَزِيزٍ
حَتَّى أُمِرَّتْ
وَكَانَتْ أَمَارَةٌ… فَكَتَبْتُ
حِينَ رَأَيْتُكَ الْيَوْمَ. … سَعِيدْ
مَا بَيْنَ حِينٍ وَحِينٍ
تَرْتَخِي يَدُ حَبِيبٍ
يُسْدِلُ أَحَدُهُمْ عَلَى عَيْنَيْهِ سَتَائِرَ النُّورِ
يُوَارِي التُّرَابَ
يَمْسِي سَطْرًا فِي صَفْحَةٍ مِنْ دَفْتَرِ الْغِيَابِ
يَجْتَزُ الْمَوْتُ بَعْضًا مِنْ شَغَافِكَ
يَدَّخِرُ بَيْنَ ضُلُوعِكَ أَنِينًا مَكْتُومًا
وَنَدْبَةً عَلَى جَبِينِ السَّكِينَةِ
وَصَرْخَةً عَلَى حُلْمٍ وَئِيدٍ
يُضْنِيكَ الْحَنِينُ
تَأْوِي إِلَى الصَّبَّارَاتِ
الْمُمْتَدَّةِ فِي أَجْدَاثِ الراحلين
تَقْتَرِبُ مِنْهَا
تُطَارِحُهَا بَعْضًا مِنْ حَنِينِكَ
تَتَحَسَّسُ صَبِّيَرَاتِهَا الْخَضْرَاءَ
تَتَلَمَّسُ فِيهَا وَجْنَةَ حَبِيبٍ
دُونَ وَعْيٍ… تَأْنَسُ إِلَى شَوْكَاتِهَا
تَدْمِيكَ
فَتَرْوِيهَا بِبَعْضٍ مِنْ دِمَائِكَ
كَيْ لَا يَمُوتُوا مَرَّتَيْنِ
وَتَلْقَيهُمْ هَمْسًا
ثُلَّةً مِنْ اوراد و وَرْود
وَتَعُودُ
تَتَقَاذَفُكَ أَتْرَاسُ الْحَيَاةِ
وَتُقَاوِمُ زأير شَوْقِكَ
مُسْتَتِرًا بِرَحْمَةِ النِّسْيَانِ
وَسَرِيعًا… مَا يُدَاعِبُكَ حُلْمٌ جَدِيدْ
فَقْدٌ بَعْدَ فَقْدٍ تَمْسِي بَقَايَا رُوحٍ
كَوْمَةٌ مِنْ عَظْمٍ وَبَعْضِ قَدِيدٍ
حَتَّى إِذَا مَا حَانَ دَوْرُكَ
مَاذَا سَيَأْخُذُ مِنْكَ
سَيَجِدُكَ قَابِعًا تُعَانِقُ أَحْزَانَكَ الْقَدِيمَةَ
تَجْتَرُّ الْآلَامَ الْمُعَتَّقَةَ
الْمُخَضَّبَةَ بِدَمْعِ الْفِرَاقِ
سَيَجِدُكَ مُنْتَظِرًا
تَتَلَهَّفُ الْعَدْلَ المفقود ونسيم الْحُرِّيَّةَ
إِنْشُودَةَ الْحَالِمِينَ الصَّادِقِينَ
تَتَشَوَّقُ الْخَلَاصَ إِلَى سَرْمَدِيَّتِهِ
وَشَهْقَةٌ بَعْدَ شَهْقَةٍ
يَصِيرُ بَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدْ
عُقُودٌ قَدْ وَلَّتْ
كُنْتُ أَفِرُّ مِنْ رَائِحَتِكَ مِنْ سِيرَتِكَ
مِنْ كُلِّ الْمُتَشَحَّاتِ بِالسَّوَادِ
أَفِرُّ مِنْ عُيُونِ الثَّكَالَى وَالْيَتَامَى والضحايا
دَوْمًا كُنْتُ أَهْرُبُ مِنْكَ …خَوْفًا يَا مَوْتُ
وَلَوْ فِي وَجْهِ شَهِيدٍ
حَتَّى رَأَيْتُهُ بِأُمِّ رُوحِي
يَسْتَلُّ هُدُوءَهُ
يُشْهِرُ قَصِيدَةً
يُبَشِّرُ بِحُلْمِهِ
أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمَوْتَ خدَعه
رُحْتُ رَاغِبًا… أَتَأَمَّلُهُ مِنْ جَدِيدٍ
قَرَأْتُ تَأْوِيلَاتِ الْفَلَاسِفَةِ
أَرَاحَنِي سِيشِرُونُ
حِينَ أَدْرَكَ أَنَّ الْحَيَاةَ
تَبْدَأُ إِنْ تَأَمَّلْتَ الْمَوْتَ
رَاجَعْتُ جُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ
حَتَّى فهمت قَوْلَ أَبِي تُرَابٍ
كُلُّنَا نِيَامٌ إِذَا مِتْنَا انْتَبَهْنَا
هَرَعْتُ مِنْ فَوْرِي
أَطْهُو كَوْبًا من عشبه
لوَصْفَةِ عَطَّارِ
تَجْعَلُنِي أَخْلُدُ لِلنَّوْمِ سَرِيعًا فِي لَحَظَاتٍ
لِأَهْرُبَ ثَانِيَةً
لَيْسَ خَوْفًا بَلْ آمِنًا
حِينَ أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمَوْتَ بِدَايَةٌ
لِنَهْنَأَ بِنَوْمِنَا
حَتَّى إِذَا مَا انْتَبَهْنَا
كَانَ بَصَرُنَا حَدِيدْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock