كتاب وشعراء

أُوركيديا …بقلم أحلام الزامكي.

سيُعلِّمُكَ والدُكَ بالتَّجرِبة كيفَ تُقوِّسُ حَرفَ الحياة كحَدَّادٍ حَذِق،
كيفَ تَحبِسُ أنفاسَكَ في عُودِ الوقت ،و تُحرِّرُها بأناملِ ذاتِكَ المثقُوبة !
سيُنقِطُ لكَ دربَكَ على الورق ، ستتهجَّأ وجعَهُ أوَّلًا ، ثم تخُطُّ ببراعةٍ ـ وحدَك – تِرْكتَهُ النبيلةَ كاملةً كما يفعَلُ ورَّاقٌ مُقتدِر.

سيُخبِرُكَ عن غيمةٍ لا تبوحُ بِسِرِّها إلَّا لحقلِنا الطيِّب ، سيُدرِّبُكَ كيف تبذرُ الأوركيد في كلِّ قلبٍ تُقابِلُه، ويُحذِّرُك من مرضِ الفلَّاحين الحيارى كلما انتظروا رأفةَ المواسِم.

سيُلقِّنُك لُغةَ البحر ، دهشةَ المطَر ، وَقارَ القوارِب، و صبرَ الصَّيَّادينَ القُدامى.
ستُجيدُ ترديدَ نوتاتِ الباعة، وأهازيج البنَّائين ، وأغنياتِ الأعراسِ في القبيلة، ستَرِثُ ألمَه كما تَرِثُ دمَه.

ستُكلِّمُ الغيمَ ، و تتفهَّمُ خيارَ الطيورِ في وداعاتِها، تعقدُ ندوةَ حوارٍ مع نَجمٍ تاه؛ لتُقنعَهُ بسلامِ العَودة ، أو يُقنِعَكَ بجُنونِ المغامرة، و لن تنتظرَ أبدًا زهرةَ الأوركيديا التي بذرتَها قبلَ ألفِ عامٍ أن تكبَر ؛ تمامًا كما أوصاكَ والدُك.
ثقبُوا لنا المَجَرَّةَ ، أرَونا الوجودَ بعيونِهم المُلوَّنة ؛
لم يُخبِرونا أنَّ هذا العاَلَمَ لا يُشبِهُ سنونو وديع يغفو على كُفوفِهم البيضاء كلما أتعبَهُ السَّفَر،
لا يُشبِهُ قطَّةَ الحقلِ تفرُكُ بدلالٍ فروَها بساقِ مُزارِعٍ طيِّب،
لا يُشبهُ زهرَ الأوركيديا في قلبِ أبي.
ليتَهم اكتفوا أن يُخبرونا أنَّ هذا العالَمَ لا يُشبِهُهُم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى