امرأة من رماد.. شعر: سابرينا عشوش

” امرأة من رماد ”
فلتعلم أني امرأةٌ
لم تُربِّني الوصايا،
ولا صقلتني نصائحُ العابرين.
الفقدُ اقتلع جزءًا من قلبي
وألقى به في مقبرة الذكريات.
انحنى ظهري
من خيبات أحبّةٍ
كنتُ لهم سماءً
فأمطروني رمادًا.
التجاعيدُ أختامٌ على وجهي،
تحكي قصصَ ليالٍ طويلة
كنتُ فيها وحدي
أفاوضُ قسوة التفكير
كي لا يبتلعني الجنون.
تساقطت طاقتي،
وأصبح جسدي هشًّا
كقنديلٍ يترنّح في مهبِّ الريح.
الطريق لم يهب غير الغبار،
والركض لم ينتهِ إلّا إلى العدم.
فلتعلم أني امرأةٌ
لم تنكسر برغم الانحناء،
ولم تمت برغم الجنائز
التي حملتها في صدري.
أنا التي ربّتت على موتها حافيةً،
وأسكنت جراحها النومَ فوق كتفها،
أنا التي أطفأت العاصفة
بدمعةٍ واحدةٍ
وأشعلتْ من دمها قنديلًا للآخرين.
فلتعلم أني امرأةٌ
لا تهاب الفقد،
ولا تركع لخذلان،
امرأةٌ تنزف وتزهر،
تنهار وتقوم،
وتكتب على جبين الوقت:
“ما زلتُ هنا… ولن أغيب.”
وأكثر من ذلك…
أنا ذاكرةُ العصورِ في جسدٍ متعب،
أنا نهرُ أمهاتٍ غارقٍ في الدموع،
أنا شجرةٌ قُطعت جذورها
لكنها ظلّت تورقُ في الهواء.
إن كان النضجُ مقصلةً
فقد صرتُ الناجية من حدّها،
وإن كان الحياةُ رمادًا
فأنا الجمرة التي لا تنطفئ.
أنا امرأةٌ،
شهادةُ وجعٍ تمشي على قدمين،
وبرهانٌ أن القلوب الممزقة
ما زالت قادرةً على الخفق.
سابرينا عشوش