كتاب وشعراء

المرأة العربية بين الوعي الثقافي والهوية الجمالية والمواجهة الاجتماعية …. بقلم: ربا رباعي/الاردن

في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات العربية، تجد المرأة نفسها في قلب صراع يومي بين الإرث الثقافي من جهة، وضغوط الواقع الاجتماعي المعاصر من جهة أخرى. وفي هذا السياق، تبرز ثلاثة محاور تشكّل ملامح التجربة الأنثوية في العالم العربي: الوعي الثقافي، والمواجهة الاجتماعية، والهوية الجمالية.

وعي يتجاوز التقاليد

لم تعد المرأة العربية اليوم مجرّد متلقٍ للموروث الثقافي، بل أصبحت فاعلة في إعادة قراءته ونقده. فالوعي الثقافي المتزايد لدى النساء العربيات — خصوصاً مع اتساع رقعة التعليم والانفتاح على العالم الرقمي — مكّن الكثيرات من مساءلة الصور النمطية التي فُرضت عليهن لعقود.

هذا الوعي لا يقتصر على معرفة الحقوق أو المطالبة بها، بل يتعداه إلى فهم أعمق لدور المرأة في التاريخ والثقافة والمجتمع. فهناك جيل جديد من النساء يعيد كتابة السردية من منظور مختلف، يزاوج بين احترام الموروث والرغبة في التغيير.

مواجهة اجتماعية متواصلة

لكن هذا الوعي لا يمر دون اصطدام مع التقاليد والأعراف. إذ تخوض المرأة العربية يوميًا مواجهات اجتماعية تبدأ من بيت العائلة ولا تنتهي عند أبواب سوق العمل أو المنصات السياسية. هذه المواجهات قد تكون صامتة في كثير من الأحيان، لكنها تعبّر عن نفسها بطرق رمزية: في طريقة اللباس، في أسلوب الكلام، في خيارات الحياة.

وبينما تسعى بعض النساء إلى كسر القوالب الاجتماعية، تختار أخريات التفاوض معها بذكاء، من خلال توظيف الرموز الثقافية ذاتها لتأكيد حضورهن.

الهوية الجمالية… تعبير أم صراع؟

من أبرز وجوه هذه المواجهة، تأتي الهوية الجمالية، التي تحولت إلى ساحة حقيقية للصراع والتعبير. فكيف يمكن للمرأة أن تكون “جميلة” وفقًا لقيم مجتمعية ترى الجمال في الحشمة فقط، وفي الوقت ذاته تتعرض لضغوط معايير الجمال العالمية التي تروجها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي؟

الكثير من النساء العربيات يخترن اليوم رسم صورتهن الجمالية بأنفسهن، بعيدًا عن القوالب المفروضة. فالحجاب لم يعد دائمًا رمزًا للخضوع، كما أن أدوات التجميل لم تعد مجرد ترف. كل هذه التفاصيل اليومية أصبحت لغة تعبّر بها المرأة عن ذاتها، وتعيد بها تعريف أنوثتها.

هوية جديدة تتشكّل

في المحصلة، تعيش المرأة العربية مرحلة إعادة تشكيل لهويتها — ثقافيًا واجتماعيًا وجماليًا. هذا التشكيل لا يتم بعيدًا عن التحديات، لكنه يعكس رغبة قوية في التحرر من الصور الجاهزة، وفي بناء ذات مستقلة تعكس التعدد والاختلاف.

إنها رحلة طويلة، ولكنها تستحق المتابعة والدعم، لأنها لا تتعلق فقط بالمرأة، بل بمستقبل المجتمع العربي ككل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى