كتاب وشعراء

بين الحافتين…..بقلم أماني الوزير

على حافَّةِ ما يُسمَّى وُجودي،
أكتشف أنّني لا أُولَدُ إلّا من كسري،
ولا أتنفَّس إلّا من فجوةٍ تتّسع بين قلبي وظلّي.
أُطالعُني في المرايا فلا أرى سوى غيابِك يتقمَّصُني،
وأُصغي لِصمتي فإذا هو يلهج باسمِك دون أن يَستأذن.
أمشي على أرضٍ رخوة،
تبتلعُني كلّما حاولتُ أن أُثبّت قدمي،
فلا أنجو إلّا بالوقوع فيك،
ولا أنهضُ إلّا من رُكامي الذي يُضرِمُ نيرانَ الشَّوق فيَّ.
أُحاول أن أُقنِعني أنّني لي،
لكنّني أعودُ منك إليك،
كما يعودُ النهرُ إلى مَصبِّه،
وكما تعودُ النارُ إلى شَرارتها الأولى.
أهربُ منك،
فأجدُك في فراغي.
أُغلِقُ أبوابي،
فتدخلُ من شقوقي.
أُطفئ نوري،
فتتوهَّجُ عَتمتي بك.
أُحبُّك بطريقةٍ لا يتَّسع لها الشِّعرُ ولا القصائدُ ولا المجازات،
وأخافُك بطريقةٍ لا يَعرفها الخوفُ ولا القَلَقُ ولا الارتياب.
أنتَ سرّي الذي لا أملك أن أبوحَ به إلّا في شَهقةٍ مُتَّقدةٍ وحارَّة،
وأنتَ عِلّتي التي لا أقدِر أن أشفى منها… ولا أُريد ذلك.
كأنّك مَعبدي،
وكأنّني قَديسةُ خَرابٍ تذوبُ شموعُ خلاصها على عَتباتِك كلَّ فجرٍ في ابتهالاتِ الرُّوح.
أرتجفُ كلّما كتبتُك،
كأنّ الحروفَ تتعرّى بي لا بك،
وكأنّ قلبي يتوسّلُ يدَك في كلِّ فاصلة،
ويستجدي عطفَك في كلِّ نقطة.
ما الحبُّ يا أنا؟
أهو هذا العذابُ الذي يطوي روحي في غيابِك،
أم هذه الجنّةُ التي تفتحُ أبوابَها حين تبتسمُ في سرّي؟
أهو الحربُ التي أُشعلُها بيديّ في بيتِ شِعر،
ثم أبكي على رمادِها في صدرِ المجاز؟
أم هو الغُفرانُ الذي لا ينطِق إلّا إذا هَمستُ باسمِك طواعية؟
أنا لستُ كاملةً بك،
ولا ناقصةً بدونك.
أنا شيءٌ آخر،
شيءٌ يتشكّل بين الحافّتَين:
بين أن أفنى إذا اقتربتُ،
وأن أُمحى إذا ابتعدت.
فإن كنتَ غيابِي، فأنا حُضورُك،
وإن كنتَ عذابِي، فأنا شِفاؤك.
أنا على طَرَفَيّ منك:
أحيا إذا لمستُك،
وأموتُ إذا فقدتُك.
فأيُّ لَعنَةٍ هذه التي تُشبهُ الخلاص،
وأيُّ خَلاصٍ هذا الذي لا يكون…
مَشروطًا… إلّا بك؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى