كتاب وشعراء

في مَصبِّ أبي رَقراق…..بقلم أفراح الجبالي

في مَصبِّ أبي رَقراق*
أو؛
أشياءُ الحُـورِيَّةِ الأُخرى
ــــــــــــ
{ذكرى مِن هجرة الأندلسيِّين،ذكرى حُوريّةٍ نزلتْ في أبي رقراق. النص هديّة للمغرب الجميل }
~
– أين رَاحتْ أجنحتُكِ.. وشَبَحُكِ الأصلِيّ
وجِسمُه الأوَّل؟
أبُو رَقراق… بحالِه، لمْ يَتبدَّل…
في مَرسى المُحيط… وأنا، في سَلَّة مَلآى بالحِنطة، حيثُ أنا-أنتِ.. أنظُر عبر اللِّيف…
تَتوارَين
( أو، أتغَيَّبُ )
~
– حُورِيَّةٌ ؟
مئزَري ذو الحراشف، يَتَوسَّطُ دنَّ العِنَب.. يُباعِدُ بين أموَاه البوَّابة، فَجرًا
و أنا.. أبتلعُ رُضابَكَ.. في شَالة*، وأغْرَق فِيكَ أكثَر.. فأكثَر.. و أحلُو لكَ.. كلما النَّخيلُ تُبسمِل في البَشَر :
“هذا الثَّوبُ لك”
~
قبَّلتُكَ… أريد شَطرَ الشَّرقِ، في الأبيَض… غَرَّبتُ
أعتَلِي فِيلِي…
لي أعيُن البِلَّور، تَضربُه المَراكِب…… لتَذُوبَ، ولا أَشْدو. أحببتُكَ فماهَتِ الزُّرقَة ،
تَقوَّستْ
في شعرٍ لَها
و ظَنَنتَ أنْ لنْ تَحُور،
قَبَّلتُك… ( غرِقتُ في ذاتي
مِثل الحَجَرِ ! ) … تَغرغَرتْ شَمسُ الكَثِيب
بَيْن المُغْر والأوكر*… ونَسِيتَني.
حياتي المالحةُ هذه……..، أنا، في المُحيطِ، الآنْ،
ليسَ هذا صَفِيرا…
حُبٌّ في شكْلِ رِباطٍ أرجُوانيٍّ يَتَراءى… يَرفَل( مِن رُخَام ؟ )
~
– القلبُ قلبي والعذابُ عَذابي! *
اليوم وعلى شَفتِي لسانُك، تَذكّرتُ جسدي…
( عَرِّجْ! أنا لا أَمشي! )
نزلتُ المَالِح ،أَسكَفُ القَصبة والقَريَةَ.. سيدي المَخلوف… والصَّومعة الغَربيَّة…
وهذا الصُّفْر…
لماذا يُتعتِعُنا البَحرُ مِن كلِّ جانِب؟
~
مَطرودةً.. فوقَ التُّراب ( أزحَف ) أتلمَّسُ الحَبلَ والهِجرةَ
و القُرصانُ يَصبُّ أهلِي
فَوق أهلِي
في مَوقع الشَّط.. في العَتمة، حيث لا تُفَّاح ذَهبِيّ
( إنَّه الدُّوارُ.. حَملْتُه مِن جَنوبٍ آخَر.. عندما كان أبي جَبَلاً. وغَاب )
~
أ نزلتُم على الخُيول المسوَّمة؟ أ مِن نُورٍ، و تُسدلُونَ الذَّوائب.. مَن أنتم في الخندقِ هذا.. مَجرَى مائِي؟
أ مِن زِلزالٍ؟ أمْ جفاف؟
المَوجةُ تَتَدلَّى مِنَ المِسمار… وقَد خَيَّبتْها السُّفن…
والمَنافِي التي،
خَرمَتْها
[ والمُورسكيُّ -أبي- له الحنِينُ… و رَسمُ الأشكالِ و الصُّور مِن فَصِّه البَعِيد… البعِيد…
فهلْ استقيْتُم الرِّيَاحَ مِن الوَابِلِ… ]
– ليسَ في السَّاحِل الغَربيّ سوى الهواء، “سِيرِينا”!
– أعمِدةُ السَّماء !
– أ تأخُذينَني إلى البَيت… بيْتِ الماء ؟!
~
سِيرينا،
البَشَرُ في الوَادي.. و الثَّورُ جَسدُ البَراري.. ظهورُ الصُّوَر لإلَهِنا الجَمِيل،
– لماذا يَزحفُ قلبي خافِقًا عبر الرِّواق، في أحمَرِهِ، هاهْ؟
كأنَّها قُطِّعتْ مِن أزُورِيتْ هذه الأُنثَى.. أو ذَيْلُها الوَردةُ؛ مِن باحةِ السباع* ربما، في الحمراء ( التي تمَثَّلتْ لنا! )،أو حديقتِنا
منمنمةً.. تَضُجُّ بطِيئةً على الحِجارة، ألسِنتُها…، حيث مُسطَّحٌ أضاءه القَمَر… في Musée des arts
أ كُنتِ Dea “آفري”* للملائكيِّين و لَمْ تُرسَمِي؟
فأيْنَ أنتِ مِن بؤبؤ أزرَق… إنَّ المفتَاحَ بَربَرْ…
~
أسوِّي – في الطَّريق – الحشائشَ والقَصب…
و الرِّيبَال الواثِبَ في النَّحت، و في الزهَّاد،
في أقنِعتِنا القديمة :
الماءُ يَعُوم على قَدمِ أبي
الرَّقراقْ
الأسوارُ عظيمة
و سلاَ* المفتوحةُ عند باب المريسة، جَوهرَتي الأخرى…
وَرشةُ الأقوَاس، الأشجارُ،
النُّحاسُ، وُحُوشي والطير… ومُهجَةُ المَغرِبيّ، ولَعُه… والعاجُ والعَسَل، سُفني
الحافَّة المُطيَّنة
أو ضفَّتي اليُمنَى،
والنَّهْر
كُلُّ ما…
… والقُبطانُ صائدًا على طِوارِ المَاء
لا يَرى
في سَلَّةِ اللِّيف،( على الجِسر )
مَن لا تَنسَلّ، وأيًّا كان مَا يُنادِيني، فدُموعي – في جِوار الخَشَبة – مِنْتاقُ…
” البُحَيْرةُ ! ”
قال.. ثُمّ غاب
~
أتثَبَّتُ مِن أنَّني وضعتُ الجَناحيْن..
أنَّ التُّفاحَ الذَّهبيّ في العَتمة..
أُحصي أصابِعَ قدمَي المُتبقِّية..
أخالِطُ الطَّقسَ بالمُوسيقى في يَدي. السَّلةُ -حيثُ كنتُ حَبيسة- ليستْ مِعماري
الأطلَسيّ.. في أبي رقراق.. في صُورةِ بَشرٍ، تحوَّلتُ السَويَّة،وقد استأنستُ أوَّلَ شَبَحي..
و مئزَرَ الحَراشف.. والذَّنَب
ادلكِي ثَديَيكِ المُهمَليْن… معَ الرِّياح
وتَذوَّقي دَندنةَ المَدائن، ثَمَّة رَنِين ملحاحٌ وعَذب… عَذب…
أسنانُكِ طبيعيَّةٌ اليوم، فقُومِي
البِسَاطُ أخضَر
أحدٌ يَقِفُ على العَتبة
بِنِصفِه
~
جُرفكِ الرَّمليُّ أعفَر يَجرِي… مِن عُمق
لها،
في تريتونيسَ*
تَدخلِين الصُّخُور… آخِر شتنبر*، ويَدخُل، تَتثبَّتين مِن انَّكِ وضعتِ جناحَيْك… و أنتِ
الجَزِيرةُ ذاتها في الشَّمال،
عادَتُكِ أنْ تَسرِي
~
سنَجلس للكِتابةِ، اليوم أيضا،
نَنسى، يومَ كنتِ حُوريَّةً،
ونَرسُمُ نمُوَّ الأنْهار… في صِمام هذا الشَّط…
جُرحِي أَقلِّيَّةٌ تُواصِلُ في الشَّمال النُّدبةَ
كقَرَاصِنة
في التُّراب
~
تَبخَّرَ المِلحُ والجِبس
ــــــــــــــــــــــــــ
أفراح الجبالي -تونس-
ـــــــــــــ
تنويه
*أبو رقراق: نهر في المغرب
*شالة: موقع أثريّ على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق، بنيت المنطقة على أطلال فينيقية و رومانية
*باحة السباع: إحدى أجنحة قصر الحمراء في غرناطة، فيها نافورة من تماثيل أسُود
*آفري: الهة أمازيغية قديمة في شمال أفريقيا
*سلا: مدينة مغربيّة على الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق
*القلبُ قلبي والعذابُ عذابي: الشاعر ابن مَرج الكُحل، القرن الثاني عشر، ببلنسيّة في الأندلس
*الأوكر Ochre : مُغرة صفراء بنيّة أقرب إلى الطينيّ الطبيعيّ، استخدمت في مقابر ماقبل التاريخ في شمال أفريقيا
*تريتونيسَ: بحيرة مياه عذبة من أسطورة حول منطقة شطّ الجريد (في الجنوب التونسيّ حاليا)
*شتنبر: شهر سبتمبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى