رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب : احتفاءً بالتفاصيل القادمة

إنني من أكثر الناس صعوبة ، لأنني ممن يهتمون بالأشياء البسيطة ، وتسعدهم التفاصيل الصغيرة ،ولا أحد يهتم لمثل هذه الاشياء. – فيودور دوستويفسكي.
رغم كل ما حدث، هناك أحداث كثيرة قادمة لا نعرفها،
وفرص لا نتوقعها لكن لن نكون منتظرين حتى تصبح الامور كما نحب ونشتهي،
لأنها لم تكن كذلك يوماً ولن تكون،
لأن الحياة خلق وابداع كما تفعل أي نحلة وفراشة وطائر.
هناك أوقات صعبة مرت لكنها قربتنا من أنفسنا، وحتى الاخطاء التي قد نكون وقعنا فيها لم تكن بارادتنا،
لأننا وجدنا أنفسنا في ” مناخ الخطأ” والأشخاص الخطأ والأحلام الخطأ، أخطاء البراءة والأمل،
أو ما يسمى بــــ Human error الخطأ الإنساني،
وفي اللغة الاسكندنافية السويدية والنرويجية والدنماركية يسمى:(Mennesklige feil) الذي مهما كان لا تعاقب عليه القوانين الحديثة لأنه لا ينبع من شر وتخطيط ومتعة وأذى بل سوء في التقدير أو دافع انساني أو تشابك ظروف معقدة غير متوقعة.
لاتتوقع الدخول الى مستنقع وحل وتخرج أنيقاً ولا الى منجم فحم وتخرج بقميص أبيض ولا تمد يدك لمصافحة مختل ولا تتلقى صفعة:
ستكون الخيبة رهانا جديدا لكي تحسب خطواتك،
وكثيرا ما تذهب الى المكان الخطأ لكي يدلك على المكان الصحيح.
ليس خطأ الطائر الوقوع في الفخ لأن الطيور تثق بالحياة، بل حيلة ومكر الصياد وأناقة الفخ.
هذه الحياة كلعبة الروليت الروسية المميتة في وضع رصاصة واحدة في مسدس ثم تدوير الاسطوانة مرات ولا يعرف اللاعب اين استقرت الرصاصة ثم يوجه الرصاصة على راسه ويضغط على الزر،
وغالبا ما نلعب هذه اللعبة بفرح بريء باشكال مختلفة،
ونسمع صوت الانفجار بلا رصاصة ولا مسدس ونبقى مدهوشين كالاطفال الذين وقعوا في حفرة مغطاة بالزهور في نهار عيد.
إن كلمات الفشل والنهاية غير حقيقية تماماً،
لأن النجاح هو فشل تم عبوره وخطوة غير محسوبة تخطيناها، وفي كل نجاح فشل سابق وفي كل نهاية بداية جديدة لو تجاوزنا اقفاص التفكير وقوالبه.
السقوط الحقيقي ألا تبدأ من جديد وكما يقول الروائي هرمان هيسه:
” إن بعضنا يعتقد ان التمسك بالاشياء هو ما يجعلنا اقوياء لكن التخلي عنها هو ما يجعلنا اقوياء”
هو ما قاله جلال الدين الرومي في التخلي:
” تبرد النفس بالاستغناء”.
ليست كل الطرق واضحة وآمنة ولو كانت الطرق واضحة على قول إبن عربي، لما احتجنا للحكمة،
وليست كل الطرق تؤدي الى الأماكن الصحيحة،
ولو كان الأمر كذلك لما تاهت جيوش ولما سقطت ممالك وما هُزمت فيالق.
ليس الليل نقيض النهار لكنه يختلف عنه وفي كل نهار ليل والعكس،
وليست الحياة نقيض الموت بل تختلف عنه، وفي كل لحظة حياة لحظة موت ـــ هدم وبناء منذ الولادة،
في كل لحظة يموت شيء ويولد آخر لكن هذا ليس قانون الجميع،
إنه قانون الأسوياء الأصحاء لأن هناك من هو في موت مستمر بلا حياة،
بلا ألق ولا أمل ولا شغف ولا احتراق مضيء.
حتى لو كانت الاقدار والظروف والصدف والفخاخ أقوى منا،
فليكن السقوط كنيزك، يضيء الليل قبل أن يحترق، كسقوط الفرسان الكبار من ظهور الخيل، وليس سقوط الفارين.
لماذا تستعجل قدوم الحوادث قبل ان تأتي بعد؟
لا مشكلة أنا أحب الجلوس على الرصيف كمتسول الوقت وأستدعي زمناً
لم يأت بعد لكي أشارك في صناعته، لا أن أدخل فيه كمعطف أو ثوب جاهز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى