رشاد حامد يكتب :من شاول التوراتي إلى نتنياهو: الطغاة حين يعيدون التاريخ
صعود شاول وانتصاراته الدموية

يقدّم العهد القديم صورة شاول (طالوت التوراتي) باعتباره أول ملوك بني إسرائيل. صعد إلى الحكم عبر طلب الشعب أن يكون لهم ملك “ليقضي لهم ويحارب عنهم”. في بداياته قاد انتصارات عسكرية ضد العمونيين والفلسطينيين، وسرعان ما ارتبط اسمه بالدموية.
أشد محطاته قتامة كانت حرب الإبادة ضد العمالقة، حيث ورد النص:
“فاضربوا عماليق وحرموا كل ما له ولا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحمارًا” (صموئيل الأول 15: 3).
حرب لم تكتفِ بقتل المقاتلين، بل شملت الأطفال والنساء والحيوانات وحتى الأشجار. نموذج مبكر لفكرة الإبادة الجماعية التي يُسدل عليها ستار “الأمر الإلهي”.
هزيمته وسقوطه
لكن العهد القديم نفسه يكشف المفارقة: الطاغية الذي بدأ بالقوة والدموية انتهى بالهزيمة والذل. فقد واجه الفلسطينيين في معركة جبل جلبوع، فقُتل أبناؤه أمام عينيه، وجرح هو نفسه، ثم أسقط نفسه على سيفه منتحرًا.
رسالة القصة واضحة: الجبابرة لا يستمرون، ومن يبدأ بالقسوة ينتهي بالذل.
نتنياهو وحرب غزة: إعادة إنتاج المأساة
اليوم، يعيد بنيامين نتنياهو إنتاج المشهد ذاته في غزة. يستخدم لغة “المهمة التاريخية والروحية”، ويقود حربًا لا تفرّق بين طفل وامرأة، ولا بين مقاتل ومدني. غزة تُحاصر، تُقصف بيوتها ومستشفياتها ومدارسها، في مشهد يذكّر بحروب “الحَرْم” التوراتية التي سعت لإبادة عرق بأكمله.
لكن كما انتهى شاول مهزومًا أمام الفلسطينيين، يواجه نتنياهو اليوم مأزقًا شبيهًا:
– عجز عسكري عن تحقيق “نصر سريع”.
– عزلة دولية تتسع يومًا بعد يوم.
– انقسام داخلي إسرائيلي غير مسبوق.
العبرة
التاريخ يعيد نفسه: الطغاة قد يبدأون بالدم والنار، لكن نهايتهم دومًا الضعف والعار. ما جرى مع شاول، يوشك أن يتكرر مع نتنياهو. فالحقيقة الثابتة أن الجبروت لا يدوم، والطغاة لا يُخلّدون.
فيسبوك:
الغاية من المنشور تنبيه السيد نتنياهو إلى مصير شاول، بدافع القلق عليه لا أكثر. وهي غاية نبيلة، تنسجم تمامًا مع المعايير الإنسانية التي يكرّسها فيسبوك، حيث يُشجَّع التعبير عن المحبة عبر التحذير، ويُحتفى بالقلق الوقائي كفضيلة رقمية.